زيدان يكتب صفحات مسيرته الأخيرة بأحرف من ذهب

بقلم : خالد عمار
حركت الاستفزازات الأسبانية والبرازيلية الدم العربي في عروق النجم الفرنسي زين الدين زيدان الذي انتفض على نفسه واثبت علو كعبه فقاد فريقه الى المربع الذهبي وأخرس جميع الألسن التي حاولت التطاول على امكاناته واستحقاقاته الكروية .
وبقدر ما كانت الحملة الاعلامية التي سبقت دور ال16 مؤلمه واستفزازية بحق النجم الجزائري الأصل زين الدين زيدان بقدر ما كانت دواء الصدمة بالكهرباء ل" زيزو " الذي ظهر في الآونة الأخيرة بمستوى متواضع سواء في فريق العاصمة الأسبانية " ريال مدريد " او المنتخب الفرنسي حتى ظن معظم المراقبين ان زمن زيدان قد أفل وولى دون رجعه ، وهذا ما دفع بالصحافة الأسبانية التي واكبت مسيرة زيزو خلال السنوات الماضية مع الفريق الملكي للتمادي على مستواه ومحاولة التقليل من تأثيره الى حد " نتف ريشه " ، فماذا كانت النتيجة ؟ بالطبع لصالح زيدان الذي صدمته هذه الاستفزازات لا سيما وهو يستعد لكتابة الحلقة الاخيرة من تاريخة الكروي على المستطيل الأخضر المونديالي ، فانتفض بكل طاقاته ليشعل ارض الملعب بتمريراته المتقنة والموزونة وبسيطرته على وسط الميدان ليقطع امدادات الخصم ويهندس هجمات فريقه ويشحن معنويات زملاءه فكان الانتصار الأكيد هو الرد على الاسبان الذين " أكلوا علقه " ساخنه " سلخت " جلدهم وطبعاً على يد زيدان .
وتكررت الاستفزازات وتواصل معها عطاء " زيزو " وهذه المرة من البرازيليين الذين كانوا من أقوى المرشحين للتربع على عرش المونديال ، وقد بدأت القصة عندما صرح بعض النجوم " الفراخ " مثل " روبيينو " الذي قال انه لم يتذكر هزيمة بلاده على يد زيدان عام 98 عندما كان صغيراً وبانه جاء الوقت الذي يرد فيه الصاع صاعين مع فريق نجوم العالم لاجبارزيدان على الاعتزال المبكر والحاق الهزيمة بفريقه كمت وحاول البرازيليون التقليل من مستواه كما فعل الاسبان وتناسوا انهم يتحدثون عن افضل لاعبي العالم ونجم اتخذ قرار اعتزاله وهو في قمة عطاءه ليظل اسماً محفوراً في قلوب وذاكرة الملايين من عشاق المستديرة و ان هذا العملاق لم يكن ليصل الى هذه المكانه المرموقة لولا انه يمتلك ذخيرة كبيرة من فنون اللعبه و الموهبة والجهد والعزيمة والاصرار والارادة والاهم التواضع والخلق الديني وجميعها عوامل كفيلة بالوصول الى النجومية والابداع ، فتخيلوا ان يفجر " زيزو " كل هذه الطاقات ويستخدم كل الاوراق التي بحوزته من اجتهاد وخبرة وحنكة لرد اعتباره والانتصار على نفسه أولاً وعلى خصومه ثانياً ، وهذا ما حصل بالفعل امام فريق " السامبا " عندما عطل مفاتيح ماكينتهم وابطل راداراتهم فامتلك ميدان المعركة ارضاً وجواً ، فتاه رونالدو ورونالدينيو واعطب كافو وروبينيو وشل كارلوس وجنينو فغاب اللون الذهبي أمام بريق البلاتين الابيض الفرنسي بعد ان احكم زيزو ورفاقه سيطرتهم على ارض الملعب وامتلكوا زمام المبادره فتحركوا وصالوا وجالوا أمام دهشة عشاق السامبا في المدرجات وعلى شاشات التلفزيون فصاح الديك وهو يبيض في شباك "ديدا" هدفاً فرنسياً ولا أروع ولا أجمل بلمسات زيدانية من تمريره على " الليبره " الى قدم هنري لتكون رصاصة الرحمة التي أنهت مسيرة لفريق البرازيلي في المونديال الالماني ونقلتهم على الفور الى المطار ليتابعوا فنون زيدان والدور الرباعي على شاشات التلفزيون كما كان درساً من زيدان للفرخ " روبيينو " الذي سينتظر المونديال القادم لتحقيق طموحة " اذا حافظ على مكانه في الفريق " .
وبقدر ما تأثرت لخروج الفريق البرازيلي الذي أشجعه ، بقدر ما فرحت لعودة زيدان وصحوته التي جاءت مزلزلة لاثبات وجوده كنجم من طراز مميز وان " الباسويرد " الكروي المحصن به " زيزو" سيظل " مشفراً " ولا يستطيع أن يقرأه الجيل الحالي بعد أن شهد له اسطورة كرة القدم البرازيلي " بيليه " والعفريت الارجنتيني " مارادونا " وكل الفرنسيين وعلى رأسهم الرئيس جاك شيراك .
والعبرة من صحوة زيدان امام اسبانيا والبرازيل تؤكد على أن القوة الكامنة أو النائمة ان صح القول في داخل كل لاعب هائلة جداً وتفجيرها يحتاج الى حوافز وجهود فسيولوجيه من خلال الجهاز الفني وحسن اتصاله باللاعبين وهذه مكلفه ، فيما تشكل انتقادات الخصم الحوافزالاهم والاكثر فاعلية للعطاء وهي غير مكلفه لانها تتفجر ذاتياً وهو ما حصل مع زيدان ، فهل سيتعرض زيزو الى حملة مماثلة من الصحافة البرتغالية قبل مباراته القادمة ؟ لا اعتقد ان هذا سيحصل لانهم يريدون اخماد البركان الفرنسي وتبريد الصحوة الزيدانية العربية .