البطولات السابقة لكأس العالم لكرة القدم من 1930- 2002
انطلقت كأس العالم لكرة القدم عام 1930 لتصبح أكبر بطولة لهذه اللعبة الشعبية على مستوى المنتخبات، وتوالت بشكل منتظم كل أربع سنوات باستثناء فترة الحرب العالمية الثانية والسنوات التي تلتها.
وفيما يلي استعراض مختصر لهذه البطولات من الأولى التي استضافتها أورغواي عام 1930 إلى الأخيرة التي أقيمت في كل من اليابان وكوريا الجنوبية عام 2002.
أورغواي 1930
بعد تأسيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عام 1904 بدأ التفكير في إقامة كأس العالم من جانب الفرنسي جول ريميه ومواطنه هنري ديلوني، لكن البطولة الأولى لم تنطلق إلا عام 1930 في أورغواي التي كانت قد فازت بالميدالية الذهبية لكرة القدم في دورتي 1924 و1928 الأولمبيتين.
وأثار اختيار أورغواي كثيرا من الجدل حيث قاطعتها أربع دول كانت ترغب في استضافة البطولة الأولى وهي إيطاليا وهولندا وإسبانيا والسويد، حيث تعللت هذه الدول بطول رحلة السفر بحرا والتي كانت تستغرق ثلاثة أسابيع آنذاك.
كما قاطعت البطولة أربعة منتخبات أوروبية أخرى هي النمسا وتشيكوسلوفاكيا وألمانيا وسويسرا، إضافة إلى المنتخبات البريطانية التي غابت بسبب خلافات مع الفيفا.
رغم ذلك نجحت البطولة الأولى التي جرت بمشاركة 13 منتخبا فقط في لفت الأنظار بشدة، وحضر نحو 93 ألف متفرج المباراة النهائية التي أقيمت بالعاصمة مونتيفيديو يوم عيد الاستقلال، وانتهت بفوز الفريق المضيف على نظيره الأرجنتيني 4-2 ليحرز اللقب العالمي الأول.
إيطاليا 1934
أقيمت بمشاركة 16 منتخبا وشهدت تطبيق نظام خروج المهزوم. واحتكرت المنتخبات الأوروبية جميع مقاعد الدور الثاني، لتتحول البطولة إلى دعاية للزعيم الإيطالي بينيتو موسوليني خاصة بعد أن نجح المنتخب في الفوز بالبطولة.
جرى النهائي في العاصمة الإيطالية روما وانتهى بفوز الدولة المضيفة على تشيكوسلوفاكيا 2-1 بعد وقت إضافي. وشهدت البطولة مشاركة مصر كأول دولة عربية تحقق هذا الإنجاز.
فرنسا 1938
ألقت الاضطرابات السياسية وأجواء الحرب في أوروبا بظلالها على الكأس العالمية خاصة أن ألمانيا بقيادة الزعيم أدولف هتلر، شاركت بعد نجاحها في ضم النمسا إليها.
لم يشارك في البطولة من خارج قارة أوروبا سوى ثلاثة منتخبات فقط، ورفضت الأرجنتين المشاركة بعد رفض منحها حق استضافة هذه البطولة. كما أجبرت النمسا على الانسحاب من البطولة، ليتقلص عدد المشاركين في البطولة إلى 15 منتخبا وأقيمت بنظام خروج المغلوب.
وقد فازت إيطاليا باللقب للمرة الثانية على التوالي بفوزها في النهائي على المجر 4-2.
البرازيل 1950
عادت البطولة بعد توقف استمر 12 عاما بسبب الحرب العالمية الثانية. واتسمت النهائيات بالفوضى بسبب انسحاب عدد كبير من المنتخبات بعد أن تم وضع جدول البطولة، ليتقلص عدد المشاركين إلى 13 منتخبا قسمت على ثلاث مجموعات ضمت مجموعتان منها أربعة منتخبات بكل منهما بينما اقتصرت المنافسة في المجموعة الثالثة على ثلاثة منتخبات.
أوشكت البرازيل على الفوز بالكأس وكانت بحاجة إلى نقطة التعادل، لكنها خسرت النهائي 1-2 أمام أورغواي التي فازت بالكأس للمرة الثانية.
شهد النهائي رقما قياسيا تمثل في حضور نحو 200 ألف متفرج في ملعب ماراكانا العملاق الذي أنشئ خصيصا للبطولة.
سويسرا 1954
شهدت بروز المجر كإحدى القوى الكروية الكبرى منذ بداية الخمسينيات، ودخلت مرشحة أولى للفوز بفضل نجومها فيرنك بوشكاش وساندور كوشيس وناندور هيديكوتي حيث لم يهزم الفريق آنذاك على مدار 28 مباراة متتالية.
ألحقت المجر هزيمة ثقيلة بإنجلترا 7-1 وبألمانيا الغربية 8-3 لتؤكد قوتها مجددا، ونجحت بالفعل في بلوغ المباراة النهائية.
وفي الدقائق الأولى للمباراة تقدمت المجر 2-صفر على ألمانيا، لكنها تأثرت بإصابة بوشكاش وخسرت في النهاية 2-3.
احتفل الألمان طويلا بالفوز غير المتوقع، وذهبوا إلى حد وصفه بـ "معجزة برن" نظرا لإقامة المباراة النهائية بالعاصمة السويسرية برن.
السويد 1958
تميزت هذه البطولة بسمتين أولاهما بدء البث التليفزيوني والثانية ظهور أسطورة كرة القدم البرازيلي الشاب إديسون أرانشيز دي ناشيمنتو الملقب ببيليه.
سجل النجم بيليه (17 عاما) ستة أهداف في أربع مباريات، لينجح في قيادة البرازيل للفوز بالبطولة للمرة الأولى على حساب السويد المضيفة.
لم تقتصر النجومية في منتخب البرازيل على بيليه الذي سجل هدفين بالنهائي وثلاثة بنصف النهائي حيث تألق أيضا جارنشيا وديدي وفافا ونيلسون سانتوس.
شهدت تلك البطولة نجما آخر هو الفرنسي جوست فونتان الذي سجل 13 هدفا ليصبح صاحب الرقم القياسي لعدد الأهداف التي يسجلها لاعب في بطولة واحدة لكأس العالم، ولم يستطع أي لاعب أن يقترب منه حتى الآن.
تشيلي 1962
عادت النهائيات إلى أميركا الجنوبية بعد مرتين متتاليتين في أوروبا، وفازت بها البرازيل للمرة الثانية على التوالي حيث تغلبت على تشيكوسلوفاكيا 3-1 في المباراة النهائية التي جرت في سانتياغو.
حققت البرازيل فوزها باللقب هذه المرة في غياب بيليه الذي سجل هدفا بأولى مباريات الفريق، ثم أصيب بفخذه في المباراة الثانية.
وشهدت البطولة صراعا بدنيا بين لاعبي الفرق المشاركة خاصة بالمواجهة بين منتخبي إيطاليا وتشيلي والتي طرد فيها لاعبان إيطاليان، واضطرت الشرطة لحراسة لاعبي إيطاليا أثناء خروجهم من الملعب بعد العديد من الاشتباكات بين الفريقين.
إنجلترا 1966
كأن أبرز ما شهدته هذه البطولة الهدف المثير للجدل الذي سجله جيوف هورست، وقاد إنجلترا للفوز بلقبها العالمي الوحيد على حساب ألمانيا الغربية.
انتهى الوقت الأصلي للنهائي الذي جرى على ملعب ويمبلي في لندن بالتعادل 2-2 ثم سجل هورست هدفه المشكوك فيه قبل أن تنتهي المباراة بفوز إنجلترا 4-2.
تألق في البطولة أيضا الإنجليزي بوبي تشارلتون، والبرتغالي يوزيبيو هداف البطولة، إضافة إلى الكوري الشمالي باك دو إيك الذي قاد بلاده لتحقيق مفاجأة مدوية بالفوز على إيطاليا 1-صفر.
ومثلت تلك البطولة صدمة لمنتخب البرازيل بعدما أعلن نجمه بيليه أنه لن يلعب في بطولات كأس العالم مجددا، نتيجة تكرار تعرضه للإصابة مع إفلات اللاعبين المعتدين من العقاب.
المكسيك 1970
تراجع بيليه عن قراره بالمقاطعة ردا على العنف الذي تعرض له من المنافسين، وشارك مع منتخب بلاده حيث وصل إلى قمة عطائه.
وبدوره قدم منتخب البرازيل أفضل العروض، في بطولة كانت على المستوى الفني من أفضل دورات كأس العالم حيث مثلت مولد الكرة الحديثة.
انضم إلى بيليه في قائمة التألق عدد من زملائه أبرزهم جيرزينيو وتوستاو وجيرسون وريفيلينو، ليحقق الفريق الانتصار تلو الآخر.
حوّل نجوم البرازيل المباراة النهائية إلى مهرجان كروي تغلبوا فيها على إيطاليا 4-1 ليحققوا اللقب الثالث في تاريخهم، ويحتفظوا بكأس جول ريميه إلى الأبد.
ألمانيا 1974
مثلت البطولة امتدادا لسابقتها من حيث التطور الكروي، لكنها شهدت عودة السيادة لأوروبا من جديد.
قدم منتخب هولندا ما يعد ثورة حقيقية في كرة القدم، حيث اعتمد لأول مرة على أداء جماعي شامل يتيح للاعبين التحرك في أي مكان بالملعب دون التقيد بمركز معين.
تلقت ألمانيا الغربية المضيفة هزيمة مفاجئة أمام جارتها الشرقية التي كانت تمثل عدوا سياسيا، لكن الفريق الذي قاده الأسطورة فرانز بيكنباور استعاد توازنه ونجح في بلوغ النهائي أمام هولندا التي قادها النجم الرائع يوهان كرويف.
وشهدت المباراة النهائية على ملعب ميونيخ منافسة مثيرة بين الفريقين، لكن أصحاب الملعب نجحوا في حسمها لمصلحتهم بنتيجة 2-1.
الأرجنتين 1978
امتزجت السياسة بالرياضة مرة أخرى في هذه البطولة، وهدد البعض بالمقاطعة اعتراضا على نظام حكم الجنرال فيديلا وانتهاكاته لحقوق الإنسان.
أقدم النجم الهولندي يوهان كرويف على اعتراض عملي فرفض السفر إلى الأرجنتين، وغاب بالتالي عن البطولة. فيما أصبحت تونس ثاني دولة عربية تتأهل للنهائيات.
لعبت الأرض مع أصحابها مرة أخرى حيث توج المنتخب الأرجنتيني باللقب مستفيدا من المساندة الجماهيرية الكبيرة، والأهداف الرائعة التي سجلها نجم هجومه ماريو كمبس.
أما هولندا فخسرت النهائي للمرة الثانية على التوالي، علما بأنها أنهت الوقت الأصلي بالتعادل قبل أن تخسر في الإضافي 1-3.
إسبانيا 1982
شهدت البطولة لأول مرة زيادة عدد المنتخبات المشاركة إلى 24 فريقا.
وطغى الأداء الهجومي الرائع لمنتخب البرازيل على البطولة بفضل النجوم زيكو وسقراط وفالكاو وإيدر وجونيور، لكن ضعف الدفاع وحارس المرمى أطاح بآمال الفريق في الفوز.
في المقابل فازت إيطاليا باللقب للمرة الثالثة رغم بدايتها المتواضعة التي كادت تكلفها الخروج من الدور الأول.
وفرض الإيطالي باولو روسي نفسه نجما لبلاده عندما قاد فريقه للفوز على الأرجنتين والبرازيل وبولندا، ثم سجل أول أهداف النهائي الذي انتهى بفوز إيطاليا على ألمانيا 3-1.
المكسيك 1986
عادت النهائيات إلى المكسيك مرة أخرى بعد اعتذار كولومبيا، لكن النجم هذه المرة كان بلا منازع هو الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا.
قاد الشاب مارادونا بلاده من نصر إلى نصر، حتى النهائي الذي انتهى بفوز صعب على ألمانيا 3-2 لتحرز الأرجنتين لقبها الثاني.
كان لقاء الأرجنتين مع إنجلترا في دور الثمانية للبطولة هو أبرز المباريات التي ألقت بالضوء على ظاهرة مارادونا الذي سجل هدفين شهيرين أولهما بيده دون أن يراه الحكم التونسي علي بن ناصر، والثاني مثل أحد أبرز الأهداف في تاريخ اللعبة حيث انطلق من نصف الملعب وراوغ كل من قابله حتى سجل في مرمى الحارس الشهير بيتر شيلتون.
إيطاليا 1990
شهدت البطولة تراجعا واضحا في المستوى الفني وغلب عليها الأداء الدفاعي، إضافة إلى خفوت
تألق منتخب الكاميرون بشكل لافت بقيادة نجمه العجوز روجيه ميلا، وخطف الأنظار من البداية بفوزه على الأرجنتين قبل أن ينجح في بلوغ الدور ربع النهائي.
وكان الحارس الإنجليزي بيتر شيلتون أكبر لاعب بالبطولة حيث اقترب عمره من الحادية والأربعين.
انتهت البطولة بفوز ألمانيا باللقب للمرة الثالثة، بعد تغلبها في النهائي على الأرجنتين بهدف نظيف سجله أندرياس بريمه من ركلة جزاء.
الولايات المتحدة 1994
مثلت النهائيات دفعة كبيرة لنشر كرة القدم بالولايات المتحدة التي تشهد على خلاف بقية دول العالم جماهيرية أكبر للعبات أخرى، مثل البيسبول وكرة القدم الأميركية وكرة السلة.
تحسن الأداء الفني مقارنة بالنهائيات السابقة، لكن المباراة النهائية لم تكن بنفس المستوى حيث حسمتها البرازيل على حساب إيطاليا بركلات الترجيح بعد تعادل سلبي طوال الوقتين الأصلي
انتهت أسطورة مارادونا، بعدما أظهرت التحاليل الطبية تعاطيه منشطات محظورة مما أدى لاستبعاده من البطولة.
كانت النهائيات سببا بحادث مأساوي، حيث اغتيل لاعب منتخب كولومبيا أندريس إسكوبار بعد عودة الفريق إلى البلاد نظرا لتسجيله هدفا في مرمى فريقه بطريق الخطأ خلال مباراة مع الولايات المتحدة.
أصبح الكاميروني روجيه ميلا أكبر لاعب يسجل هدفا في كأس العالم وعمره 42 عاما، بينما أصبح الروسي أوليغ سالينكو أول من يسجل خمسة أهداف في مباراة واحدة.
فرنسا 1998
ارتفع عدد المنتخبات المشاركة في تلك البطولة إلى 32 للمرة الأولى.
شهدت البطولة وفرنسا تألق النجم زين الدين زيدان الذي قاد الدولة المضيفة لنيل لقبها العالمي الأول بتسجيله هدفين بمرمى البرازيل في النهائي الذي حسمته فرنسا 3-صفر، لكن لقب أفضل لاعب كان من نصيب البرازيلي رونالدو. فيما نال الحكم المغربي الراحل سعيد بلقوله شرف إدارة المباراة النهائية.
نجحت إيران في الفوز على الولايات المتحدة 2-1، في مباراة اكتسبت اهتماما كبيرا بالنظر إلى عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين.
اليابان وكوريا الجنوبية 2002
تراجع أداء فرنسا حاملة اللقب التي خرجت من الدور الأول دون أن تسجل هدفا واحدا، كما خرجت الأرجنتين التي كان مرشحة للفوز باللقب.
فرض النجم البرازيلي رونالدو نجوميته من البداية وحتى المباراة النهائية التي سجل فيها هدفي الفوز على ألمانيا، لتحرز بلاده لقبها العالمي الخامس (رقم قياسي).
حققت البرازيل الفوز في جميع مبارياتها، فيما تصدر رونالدو قائمة هدافي البطولة برصيد 8 أهداف.