وجه من الملتقى: سليم حمدان الإعلامي الرياضي المخضرم
الخليل-فايز نصار/ منذ ألقت بيَّ الأيام في محيط المستطيل الأخضر، وانخرطت في أتون الإعلام الرياضي نهاية السبعينات من القرن الماضي، كانت العاصمة الأردنية عمان بوابة الانطلاق مشرقا ومغربا، وكنت كلما مررت في عمان اخصص وقتا من مساحة مروري الى عمق المعاناة الفلسطينية، من خلال أزقة مخيم الوحدات .
وليس لك أن تزور هذا المخيم الأخضر دون الدخول الى ملتقى الرياضيين والإعلاميين في زقاق ضيق يقطنه سليم حمدان، الذي رسخ نفسه منذ أكثر من خمسين عاما كعلامة فارقة في الإعلام الرياضي العربي .
وشخصيا اعترف بأنني كنت تلميذا في مدرسة "ابو السلم" ومنه تعلمت الصبر والثبات في المواقف، والتحدي والجلد في العمل، والوفاء والانتماء لمثل الحركة الرياضية، وفي المدرسة الحمدانية - التي تخرج منها المئات قبلي وبعدي، تعلمنا سبل تجاوز كل المعيقات، وخوض غمار الإعلام الرياضي، محفوفين بفلسفة الكفاءة والنزاهة والالتزام .
وبين ثنايا هذه اللقاءات مع الرجل، كانت لنا سلسلة من المواعيد، هنا على أرض الوطن، بدأت يوم اليوبيل الذهبي للعميد، وتواصلت بعدة زيارات مع أول إطلالة للوحدات على ارض الخليل، وفي بطولة أريحا الدولية، وغيرها من المحطات.. وليس آخرها تعالي الرجل على ظروفه الصعبة، وإصراره على أن يكون في صفوف المبايعة الإعلامية العربية والدولية للمشروع الرياضي الفلسطيني الكبير، الذي يقوده بكفاءة والتزام اللواء جبريل الرجوب، من خلال حضوره لبطولة فلسطين الثانية "من النكبة إلى الدولة " والملتقى العربي الثاني للإعلامببن الرياضيين في رام الله .
كثيرة هي الزيارات التي جاءت بحمدان لتنفس هواء معشوقته فلسطين ، وكثيرة هي المواقف التي اظهر خلال ابو السلم إرادة لا تمحي في مواجهة المحتل، ولكن أبقاها على الأيام يوم أراد جندي محتل تفتيش عربة سليم حمدان على احد الحواجز الموصلة لحرم جد الأنبياء في الخليل ، فرفض الفارس اليافاوي، الذي حملته الأيام الى أكناف جبل النار في مخيم الجدعان بلاطة ، قبل الرحيل الثاني الى المخيم الأخضر في عمان، يومها أصر الحمدان على حقه في دخول الحرم على عربته، في محاكمة متقدمة لشريعة المحتل الغاشمة !
وعلى هامش بطولة فلسطين التقيت الحمدان أكثر من مرة، حيث جاء مبايعا على خدمة الرياضة الفلسطينية، والانخراط بصدق في صفوف جنود المشروع الرياضي، الذي يقوم على مقاومة سلمية ، وضعت المحتل في الزاوية .
في افتتاح البطولة كان لي حديث سريع مع ابو السلم، الذي أبدى إعجابا كبيرا في النجاحات الفلسطينية، التي تحققت في الملاعب، وخاصة مع هذا الحج الخَير من الإعلاميين الأشقاء والأصداء الى الوطن السليب ، لتلمس جراح المحتل ، واستنكار إجراءات السجان .
وبين شوطي مباراة فلسطين وفيتنام قال لي الحمدان : إن الأخ ابو رامي يمثل علامة فارقة في الإعجاز الرياضي، لأنه حقق في فترة قصيرة جدا ما تعجز الأمم والشعوب عن تحقيقه في سنوات ، لان الأخ الرجوب يملك نظرة ثاقبة، وكاريزما رياضية جعلت الجميع يلتف حول المشروع الرياضي ، الذي أصبح إرهاصا لفلسطين المستقبل ، فلسطين الوعد الصادق.
وفي افتتاح الملتقى العربي الثاني للإعلاميين الرياضيين العرب كان الحمدان كتابا رياضيا، ووثيقة من وثائق هذا المؤتمر غير المسبوق، وكان الموسوعة الرياضية المرجعية، التي لا بدّ للإعلاميين من تقليب صفحاتها ، ليتحول خلال الفعاليات الى علامة ونموذج للإعلام العربي المبدع .
التحية لسليم حمدان الوجه المشرق للشتات الفلسطيني، والشكر والعرفان لمن ساهم في هذا اللقاء الحميمي بين الحمدان وتلامذته ، وخاصة ربان السفينة الرياضية اللواء جبريل الرجوب .