شريط الأخبار

حروب كرة القدم في كتاب للدكتور ياسر ثابت

حروب كرة القدم في كتاب للدكتور ياسر ثابت
بال سبورت :  

"عن هذه اللغة التي ابتكرتها البشرية، وحروب الكراهية التي صنعتها في الملاعب وخارجها، يتحدث هذا الكتاب عن كرة القدم، تلك الكرة الأنيقة التي ضربت موعدًا مع المتعة، فاصطادت آهات الإعجاب، وصنعت زفرات الأسى، وصارت راية المجد للبعض ووسادة الأحزان للبعض الآخر. هذه الكرة التي تتدحرج لتعانق العشب أو الشباك بعد عزف خرافي لسيمفونية الأقدام، وقد تنبت لها أجنحة فتطير في الزمان والمكان بسرعة يغار منها الضوء، باحثة عن المرمى، حتى تصير كرة القدَر".
بهذه العبارات يقدم الإعلامي المصري الدكتور ياسر ثابت لكتابه "حروب كرة القدم" الصادر عن "دار العين للنشر" بالقاهرة في 297 صفحة من القطع المتوسط، ويقع في 7 فصول بالإضافة إلى المقدمة.

ألغاز التاريخ السري للعبة

ولدت فكرة الكتاب "كما يقول ثابت في المقدمة" في صيف عام 2006، مع انطلاق نهائيات كأس العالم في ألمانيا، ولم تنته رحلة كتابته إلا بعد شهور من إسدال الستار على نهائيات كأس العالم في جنوب إفريقيا 2010، وما بين هاتين النقطتين، استجدت أمور، وحصلت وقائع، وسطعت أفكار جعلت الكتابة عن كرة القدم وتوظيفها في الإعلام والسياسة والاقتصاد واجباً أقرب إلى الضرورة، ولم يكن الشغف بكرة القدم وحده هو الدافع، وإنما الرغبة في تأمل تاريخ تلك اللعبة الشعبية الأولى عالميًا، والغوص في أسرارها.
والكتاب، بحسب مؤلفه، "محاولة متواضعة لفهم ما يجري في الملاعب وخارجها، وفك ألغاز التاريخ السري للعبة حجزت مكانا لها في قلوب عشاقها في أربعة أركان المعمورة، حتى أصبحت شمسهم التي تهديهم الحب واليقين معاً". كما أنه يبحث في "سبب تعلق الجماهير بها، أبطال اللعبة وضحاياها، علاقتها بالأدب والأدباء، استيهاماتها الجنسية، أهم الأهداف المؤثرة في الوقت القاتل، دور الأقليات العرقية في اقتناص البطولات، هفوات حراس المرمى في المونديال، الكبرياء القومي الذي يضفي على الملعب لون الوطن، وحكايات الزعماء السياسيين والطغاة مع الساحرة المستديرة".

أشرس اللاعبين

ويتطرق الكتاب بالأسماء والوقائع إلى أشرس اللاعبين، وسر ارتباط كرة القدم بمفهوم القوة وسلوكيات العنف وصولا إلى شن الحروب، ومولد التعصب، وجماعات الشغب الكروي.
وسيكتشف القارئ بنفسه (وفقا للكاتب) أوجه الخلل في علاقة المشجعين بالكرة، بدءًا من إغفال جوهر التنافس الرياضي، وانتهاء بمأساة تعظيم الأقدام وتغييب العقول
والشيء الأكيد أن كرة القدم انتقلت على مر السنين، من مجرد لعبة محبوبة ورياضة شعبية إلى نشاط اقتصادي بكل معنى الكلمة، وقد ساهم في هذا التحول أنظمة الاحتراف والرعاية، وتسويق المباريات، وتحول الأندية من جمعيات إلى شركات بدأت تقتحم البورصات، ولم تعد المناسبات الكروية الكبرى كنهائيات كأس العالم مجرد مناسبات لتسويق المنتوج فحسب، بل أصبحت كذلك فرصا لاقتحام أسواق جديدة، كما يقول الكتاب.
ويبحث الكتاب في تاريخ كرة القدم في مصر، ودور الاحتلال البريطاني، ومولد الأندية الشهيرة، وصعود أهل الحكم والقصر إلى المواقع والمناصب الكروية.

الدراويش.. صناع السعادة

ويسهب الكتاب في فصله الثالث المعنون "الدراويش.. صناع السعادة" في سرد قصة أول بطولة قارية (إفريقيا للأندية أبطال الدوري ) لنادي مصري والتي اقتنصها "الإسماعيلي" موسم 1969- 1970، ويرى المؤلف فيها "نموذجا مضيئا للبطولة التي تولد من رحم الهزيمة".
ثم يصل الكتاب إلى فصله الأكثر إثارة والذي اختار له المؤلف عنوان "مصر والجزائر: المصائر"، ويقول : "المسلسل الطويل والمزعج في التوتر الكروي بين البلدين الشقيقين، بلغ نقطة خطيرة تأثرت بتحريض من أهل السياسة ورجال الإعلام، إلا من رحم ربي، وقادت إلى دهاليز ومتاهات لم نخرج منها حتى اللحظة، وفي تلك الأحداث الفارقة تسقط أقنعة، وتتضح حقائق، ويتبين العقلاء من مروجي الأكاذيب، ويكتشف الجمهور الحقيقة في الوقت بدل الضائع".
ويفرد الكتاب مساحة كبيرة لما أسماه "مباريات الحرير والحديد بين مصر والجزائر، التي دفعت البعض إلى التهور بالقول والفعل تحت لافتة تجليات الهوية الوطنية، والسقوط في فخ رفض العروبة، متناسيًا أنها جزء أصيل من هوية المصريين، وغافلا عن حقيقة أن النظام الإقليمي الذي لا تستطيع مصر منه فكاكا، لأن مصالحها تمتد إليه، وليس بوسعها أن تتجاوزها".
ويصل المؤلف في هذا الفصل إلى حقيقة مفادها أن "الكرة أرقى من الشوفينية التي يلصقها بها هذا الفريق أو ذاك، وأسمى من لعبة الأكاذيب التي شحنت العامة وأثارت الغوغاء".
وتحت عنوان "حتى المناصب الكروية" يلقي المؤلف الضوء على "أصحاب المال والنفوذ ممن يبتذلون الفرحة ويقحمون أنفسهم بالاسم والصورة في مشاهد الانتصار الكروي.. إعلام الأزمة الذي أوقعنا في تضليل فادح قبل أن نكتشف أزمة الإعلام".

"الدين لله.. والملعب للجميع"

وفي الفصل الأخير "الدين لله.. والملعب للجميع" يرى المؤلف أنه "إذا كانت الكرة هي عنوان الانتماء فإنها باتت أيضا سؤال الهوية.. الوطنية والدينية على حد سواء".
ويقتفي ثابت في هذا الفصل أثر الدين في ملاعب الكرة، ونجوم اللعبة، وسلوكيات المشجعين، ويقول: "في أتون الحرب الحديثة التي تشاهد في المدرجات منقسمة بين مشجعي الفريقين بالأعلام والأبواق والزينة في ملحمة عصرية، أطلت قضايا الدين والأخلاق والطائفة لتضفي الكثير على المشهد الكروي وتفاصيله المذهلة، وما بين هذا وذاك، يجد البعض في كرة القدم نوعا من "الدين الجديد" الذي يملك أتباعا ومناصرين شديدي الولاء، في وقت يلمس الخبراء أعلى درجات التماس بين الدين واللعبة، طقوس تختلط بالركل والركض والتسديد.. والتشجيع".
وولد ياسر ثابت في آيار عام 1964 في ألمانيا، وتخرج من كلية الإعلام بجامعة القاهرة عام 1985، وحصل على الماجستير بجامعة كارديف ويلز البريطانية عام 1998، ثم درجة الدكتوراه من جامعة بارينغتون الأمريكية عام 2000.
وعمل نائباً لمدير تحرير جريدة الأهرام، ومديراً لتحرير جريدة صوت الأمة، كما كان واحداً من كُتّاب جريدة الدستور في إصدارها الأول.
وعمل أيضا بقناة الجزيرة القطرية، كما عمل رئيساً لتحرير غرفة الأخبار في قناة الحرة الأمريكية في فرجينيا، ويشغل حالياً منصب رئيس تحرير في قناة العربية.
وله العديد من المؤلفات منها "جمهورية الفوضى"، و"قبل الطوفان"، إضافة إلى "ذاكرة القرن العشرين".

مواضيع قد تهمك