فاكهة الملاعب: الجماهير الفلسطينية أوصلت أوجاعها الرياضية للأسرة الاولمبية
الخليل- فايز نصار/ انتهت عطلة المحترفين الفلسطينيين ، التي تتماشى مع المواقيت الاحترافية لأجندة السيد بلاتيني الدولية ، والتي يتفرغ خلالها اللاعبون لمنتخباتهم ، وتمثيل اوطانهم رسميا ووديا .... وستشهد الملاعب الفلسطينية متم هذا الاسبوع العودة للحراك الاحترافي ، باجراء الجولة الخامسة من الدوري الفلسطيني للمحترفين .
وخلال التوقف الذي امتد لثلاثة اسابيع ، كان منتخبنا الاول على موعد رسمي في العاصمة الاردنية عمان ، وعلى موعد ودي في العاصمة الثلجية موسكو ، فلعب منتخبنا الاول في بطولة غرب آسيا امام منتخبي اليمن وعراق ، وخرج بخسارتين دراميتين ، بثلاثة اهداف لهدف أمام اليمن ، وبثلاثة أهداف نظيفة أمام العراق .
زلات الصافرة!
والحق يقال إن محبي الوطني تاثروا كثيرا للنتيجتين ، لان هذه الفئة الخيرة من الناس كانت تمنى النفس بان ينجح نجومنا في حرق المراحل ، والتقدم باتجاه الواجهة عربيا واقليميا ودوليا ، ولكن قدر الله ما شاء فعل ، فتأخر التألق الفلسطيني ، في انتظار مزيد من العمل ، ومزيد من الخبرة في الاستحقاقات الدولية ، رغم أن الهدف الاهم في مشروعنا الوطني تحقق فعلا في المشاركة الاسيوية ، حيث قدم الفدائيون عرضا مشرفا ، انتصروا فيه على مختلف الظروف ، وخاصة التحكيم المستفَز "بفتح التاء" والمستفِز"بكسرها" في مباراة اليمن ، اذ أكد المحللون المحايدون ان خسارتنا في تلك المباراة لم تكن لتقع لولا زلات الصافرة .
رباطة الجأش!
هذا من جهة ولكن يجب ان لا نعلق كل شيء على شماعة قضاة الملاعب ، لأن بعض نجومنا انجروا لمواقع استفزازية كان عليهم ان يتجنبوها ، والاعتصام برباطة الجأش الفلسطنية ، التي طالما كانت الملاذ الآمن لشعبنا في اللحظات الاكثر حلكة .
ويبدو ان النتيجة أثرت على المدرب الدمث موسى بزاز ، الذي كان يمني النفس ان تنجب جهوده المخلصة انجازات تحقق شيئا من طموحات هذا الشعب ، ولكن حسابات الحقل لا تاتي دائما وفق امكانيات البيدر ، فانعكست النتائج على الجزائري الطيب ، الذي قال لي : إنه يعرف شيئا من مواقع الزلل ، وسيحاول باذن الله استخلاص العبر ، وتجاوز آثار العثرة ، مؤكدا انه يلتمس بعض العذر للاعبيه الذين استفزهم الحكم بشكل غير معهود ، فأثر الامر على اداء الفدائيين امام اليمن ، ولا كلام عن مباراة العراق ، التي جاءت نتيجتها انعكاسا طبيعيا لما آلت اليه نتيجة المباراة الأولى .
ثقة اللواء!
وجاء موقف رئيس اتحاد الكرة ، اللواء جبريل الرجوب حكيما ، وقدم نفسا معنويا واعيا للطاقم الفني واللاعبين ، لأن تجديد الاخ ابو رامي للثقة بالفنيين واللاعبين يعبر عن فهم كبير للظروف التي مرّ بها المنتخب ، ويؤكد أن الاخ ابو رامي يعرف كيف يتخذ القرارات المناسبة في الاوقات الحرجة ، بما يساهم في استمرار المسيرة .
وقد انعكست الثقة ، التي منحها اللواء على اداء منتخبنا في مباراة موسكو الودية ، فارتفعت معنويات الفدائيين ، الذين ناضلوا ببسالة لاثبات الذات ، وتأكيد ان ما حصل في عمان لا يزيد عن كونه كبوة الفارس ... وليس كما زعمت بعض وسائل الاعلام المحلية ، التي حاولت الاصطياد في الامياه الآسنة ، ومنها محطة اذاعية استضافتني شخصيا على الهواء ، وحاولت الحصول مني على تصريح يقزم انجازات منتخبنا ، فدافعت عن قناعاتي رغم ان المقدم واصل التمسك بقناعاته ، التي لا تفيد في تواصل الابداع ، المنبثق من نهوضتا الدولي .
في الساحة الحمراء!
المهم ان الفدائي تألق في موسكو ، واكد التعادل المحقق في اريحا ، بتعادل أكثر اهمية لأنه تحقق في عقر دار الدينامو ، لتشهد الساحة الحمراء مرورا فاعلا لسفراء الكرة الفلسطينية ، وعلى رأسهم رئيس اتحاد الكرة ، اللواء جبريل الرجوب ، الذي انتهز فرصة توجده في بلاد الاصدقاء القدامى لتوقيع مزيد من الاتفاقات ، التي من شانها دفع عجلة المشروع الرياضي الفلسطيني قدما ، بما سيلحظه غلابى الرياضة الفلسطينية دعما سوفيتيا ماديا ولوجستيا في ملاعبنا خلال الاشهر القادمة .
مقارنة برسم التاريخ
وقبل السفر الى موسكو ، كانت فلسطين عن بكرة ابيها تزدهي باستقبال كبير العائلة الاولمبية الدولية ، البلجيكي جاك روغ ، الذي تفقد احوال الرياضيين اللاجئين في مخيم الامعري ، ووضع حجر الاساس لمقر اللجنة الاولمبية الفلسطينية في القدس العزيزة ، على بعد امتار من جدار القهر العنصري ، ليقف العالم أمام مقارنة درامية بين من يصنعون الحياة ، ويفتحون نوافذ الامل الحضارية ، ومن يمنعون الاكسجين عن ملاعب المعذبين في فلسطين .
بركات شيخ المدربين
والاهم ان السيد جاك روغ حضر- مع وفده الاولمبي الكبير - لقاء الاولمبي الفلسطيني وشقيقه الاردني ، الذين التقيا للمرة الثالثة في غضون عام ، فتعادلا قبل عام في افتتاح استاد الحسين بالخليل ، قبل تفوق منتخبنا بهدفين لهدف في عمان ، لتأتي المباراة الثالثة تأكيدا على النتيجتين السابقتين ، فأثلج الامر قلب شيخ المدربين التونسي مختار التليلي ، الذي يُحضر لفلسطين منتخبنا لا يزول بزوال الرجال ، وسيضمن لفلسطين مكانا مرموقا على الخارطة الرياضية عربيا ودوليا خلال السنوات القادمة .
جمهور من ذهب
ولن استطرد في الحديث عن النتيجة ، لأن الأهم هنا ، هذا التفاعل الجماهيري لمحبي منتخبنا ، حيث حضر المباراة اكثر من 25 ألف متفرج ، وهذه انجاز جديد يضاف الى مآثر النهوض الرياضي ، اذ لم نسمع قبل اليوم عن منتخبين اولمبيين عربيين او آسيويين التقيا وديا امام حشد جماهيري مماثل ، وهذا ما سيعزز ملفنا الاحترافي ، بدفتر جديد يضاف الى دفتر المباراة النسائية التي دخلت كتاب غينتس من حيث الحضور الجماهيري في المنطقة ، وخاصة من حيث تعداد شقائق النساء ، ممن يحرصن على المشاركة في الحراك الكروي .
رسالة الجماهير
وكالعاة كان جمهورنا صانع الحدث يهتافاته الواعية ، وتشجيعه الفاهم لعناصر منتخبنا ، وبلافتاته الفلسطينية الناضجة التي احسنت التعبير عن اوجاع الرياضيين الفلسطينيين امام الوفد الاولمبي الدولي ، ومنها أن فلسطين " جزء من الحراك الاولمبي في هذا العالم ، مع تقدير دور الحركة الاولمبية في انهاء الصراعات ، والتذكير بوجود أكثر من الف رياضيي وراء قضبان الاحتلال ، الذي قتل أكثر من خمسمائة رياضي ، واصاب برصاصه أكثر من ألف واربعمئة ، تحولوا الى رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة .
ومع التأكيد على ان " الرياضة طريق الحرية والعدالة والاستقلال ، ظهرت المطالبة بضروورة تحقيق التواصل بين رياضيي رئتي الوطن ، وحماية الرياضة النسائية من بطش الاحتلال ، لتصل الى الضيوف الرسالة الاكثر تاثيرا من خلال اطفال فلسطين ، الذين مثلهم الفتي الخليلي علي شاهين ،حين سلم كبير الاولمبيين درعا كتب عليه ، رجاء .. لا تدعهم يصادروا احلامنا الرياضية !
أوجاع الرياضيين
والحق يقال : إن الفلسطينيين أصبحوا أكثر نضجا في تسويق اوجاعهم ، لأن الوفد الاولمبي ، الذي ضم في صفوفه أبرز قياديي الحركة الاولمبية تلمس أوجاع الفلسطينيين على المحل ، وخرج بقناعة راسخة حول عدالة المطالب الفلسطينية بلجم الاعتداءات الاسرائيلية على مقدراتنا الرياضية ، والسماح لأبناء فلسطين بممارسة الرياضية ككل الشعوب بعيدا عن المؤثرات الاحتلالية .
ذكرى الفهد الاحمد
وعلى هامش الزيارة اقتربت من رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم ، سمو الشيخ طلال الفهد الاحمد ، الذي تعرفت على والده قبل 23 سنة ، واهداني قميص الازرق الكويتي ، بعد مباراة جمعت الاعلاميين بالاداريين في بطولة كأس العرب الخامسة ، التي كنت فيها مرافقا لمنتخب الجزائر ، فابتسم الرجل ، مؤكدا ان مواقف الفهد لن تتغير ، وسيقى الكويتيون على عهد الوفاء لفسطين ، الامر الذي سيتأكد في استضافة كويتية للفدائيين في الربيع القادم ، وكما اكد رئيس اللجنة الاولمبية اللواء الرجوب في تذكره لمآثر الراحل الشيخ فهد الاحمد ، ومكارم الكويت تجاه القضية الفلسطينية . .
شيبوب العرب
المواقف نفسها لمحتها بين عيني رائدة الابداع الرياضي العربي ، نوال المتوكل صاحبة اغلى الذهبيات في اولمبياد لوس انجلس ، وفي ثنايا الكلام الهاديء للبطل الأولمبي والعالمي ، للاختصاص العربي (1500م) هشام الغروج ، الذي تمنى في حديثه معي ان تعود ايام عويطة مرسلي الغروج ، ويستعيد العرب السيطرة على المسافات المتوسطة ، ليفرح كثيرا لمقال كتبته قبل 18 سنة لقبته فيه يومها بشيبوب العرب .. وفي ثنايا الكلام راجع االغروج بعضا من صور معاناة رياضيي فلسطين التي شاهدها ، قائلا : إن وظيفة الاعلام الرياضي الفلسطيني والعربي شرح هذه القسوة !
فلسطين الرياضي
وعلى هامش الكرنفال الاولمبي ، الذي احتضنته بلادنا ، وزع اتحاد كرة القدم العدد السابع من مجلة الاتحاد " فلسطين الرياضي" والتي أصبحت مفخرة فلسطينية – باعتراف كل الاصدقاء – وتمثل الواجهة المشرقة للاعلام الرياضي الفلسطيني شكلا ومضمونا ، خاصة وانها نتائج عمل متكامل لعدد من الجنود المجهولين ، الذين يسهرون على تحسين الاداء ، وتقديم العدد بالشكل الذي يتناسب مع طموحات الخيريين في هذا البلد ، وفي مقدمتهم الاخ ابو رامي ، الذي يتابع كل كبيرة وصغيرةقبل وأثناء وبعد صدور العدد ... ولا ننسى الجهد المبارك للاعلامي عطا الله النجار ، الذي اصبح اسمه مرتبطا بالانجازات الرائعة لاعلامنا الرياضي ، ليزداد الرجل احتراما عندما تعلم أنه يعتز بأنه لم يعمل يوما الا ضمن مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ، ولذلك ربما تضمن العدد لقاءات مع بعض رموز العمل الوطني كالاخ عباس زكي ، والاخ مصطفى البرغوثي.
أعطوا السيف باريها
وحتى لا نطوي صفحة الاعلام نثمن توافق الرياضيين العرب على اختيار اللواء جبريل الرجوب رئيسا للجنة الاعلامية في الاتحاد العربي ، واثقين ان العرب نجحوا في اعطاء السيف باريها ، وان اللواء الرجوب سيكون عند حسن ظن الربع به ، وسينقل أجواء الحراك الرياضي الفلسطيني ، الى اللجنة الاعلامية في اتحاد كرة العرب ، والاعلام لو تعلمون اهم الاجهزة في الحراك والتقم والنهوض .
والأمر " يا جماعة الخير" يقتضي تضافر جهود الاعلاميين الرياضيين الفلسطينيين لدعم جهود اللواء الرجوب على رأس اللجنة الاعلامية العربية ، لا أن نحول ملف الاعلام الرياضي المحلي الى هم جديد يؤرق القائد .
كذب المشككون !
ومع انتهاء استراحة المحاربين ، يعود النجوم الى الملاعب متم هذا السبوع ، وستعود الجماهير الى المدرجات ، لتشارك في الفعل الرياضي ، صانعة الافراح الفلسطينية من خلال الملاعب ، ليكون الرد في الميدان على من يشككون في نزاهة المشروع الرياضي ، ويحالون استغلال المنابر هنا وهناك لتمرير افكار غير صحيحة عن رسالة الكرة الفلسطينية .
في انتظار الجديد
ويبدو ان الانطلاقة الجديدة ستكون المحك الاهم لمجموعة الاثني عشر ناديا المحترفة ، المطالبة بالدفاع عن مواقعها ، حتى لا يطالها مقص النتائج ، وتجد نفسها ضمن مجموعة المظاليم .
وقد عكست نتائج المباريات الودية التي جرت بين مختلف الفرق مستويات متفاوتة ، بما يؤكد ان الاسلبيع القادمة قد تشهد تغيرا في النتائج ، وانقلابا في جدول الترتيب ، رغم أن الفرق التي اظهرت مبكرا طموحاتها بالريادة ستحاول التأكيد على ان نتائجها لم تكن مجرد صدفة !