مدربون من خلف جدار الفصل العنصري
رام الله- محمود السقا/ اجمع المتابعون والمراقبون والنقاد ان المدربين القادمين من فلسطين الـ 48 ساهموا، وبشكل واضح، في اثراء مسيرة الدوري الفلسطيني، وتفعيل واقع الكرة، بفضل الخبرات، التي يمتلكونها والتجارب، التي سبق وخاضوها مع فرق عربية داخل ما اصطلح على تسميته بالخط الأخضر، وهو الخط، الذي كان يفصل بين الضفة الغربية من جهة وفلسطين الـ 48 من جهة اخرى، استناداً الى قرار التقسيم الصادر عن هيئة الامم المتحدة.
وينخرط، حالياً، في الدوري الفلسطيني ثلاثة مدربين هم: سمير عيسى، مدرب فريق جبل المكبر، وهو من سكان مدينة ام الفحم، أي بلديات الشيخ رائد صلاح، الذي يشكل ازعاجاً وقلقاً حقيقيين لسلطات الاحتلال، بفضل دأبه بالدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، ومروان ريان، مدرب هلال القدس، وهو من سكان مدينة الناصرة العريقة، وحسن حسين، مدرب فريق البيرة، وهو من بلدة بيت صفافا، التابعة لمدينة القدس.
وثلاثتهم اضففوا جديداً ونكهة على الفرق، التي يقومون بتدريبها، لاعتبارات منطقية، لعل ابرزها: انهم يتسلحون بشهادات تدريبية متقدمة ومصادق عليها من اتحاد الكرة الاوروبي "الويفا" ويقفز الى المقدمة في هذا الجانب مروان ريان، الذي حصل في وقت سابق على شهادة تدريب من "الويفا" تؤهله لقيادة منتخبات، ومن المعروف ان الاتحاد الاوروبي لا يسمح بمزاولة التدريب، الا بوجود رخصة، او شهادة معتمدة منه.
تغييرات جذرية
والملاحظ ان ثمة تغييرات جذرية حصلت على الفرق، التي يقودها المدربون الثلاثة، فعدا عن ان فريق جبل المكبر يتبوأ المركز الأول مع اختتام مرحلة الذهاب، برصيد ست وعشرين نقطة من احد عشر لقاءً، فهو ايضاً فريق ينال الثناء والاستحسان والرضا، بفعل عروضه الشيقة والمثيرة، لأنه يلعب كرة سريعة وجماعية، بفضل ارتفاع منسوب اللياقة البدنية، ويتميز بتكامل خطوطه وانسجامها، والانضباط والالتزام داخل الملعب، وهناك فكر كروي داخل ملموس، ولم يكن موجوداً في السابق، وكل ذلك وسواه يحسب للمدرب.
وهذا ما اكده المهاجم البارز في صفوف الفريق، جمال علان، حينما قال: لقد استفدنا كثيراً من امكانيات المدرب سمير عيسى، فهو مهني وصارم في التدريبات ولا يسمح بالتخلف عن اي تمرين، ولا يتهاون مع اي مقصر، لقد غرس فينا الانضباط والتقيد بالمواعيد، واصبحنا نلعب كرة ممتعة بشهادة الجميع، ليس هذا فحسب، بل انه يقرأ الملعب، جيداً، ويوظف اللاعبين طبقاً لهذه القراءة.
واضاف: لقد بدأ مشوارنا بشكل عادي في الأسابيع الثلاثة الاولى من عمر الدوري، وفي ظل سمير عيسى اصبح الفريق ينهض ويتطور، شيئاً فشيئاً، حتى استقر بنا المقام فوق ربوع القمة، التي نستحقها عن جدارة.
اطلالة متأخرة لكنها ناجعة
واذا كان سمير عيسى بدأ مع المكبر في مستهل المسابقة، فان مروان ريان حديث عهد، ذلك انه امسك بدفة فريق هلال القدس قبل ثلاثة اسابيع من اسدال ستائر ذهاب الدوري، وقد اكمل المهمة خلفاً للمدرب نعيم السويركي، والاخير قاد الهلال منذ انطلاق مسيرة الدوري، لكن تذبذب العروض والنتائج، رغم انفاق مبالغ غير مسبوقة، على مستوى الدوري الفلسطيني، والتعاقد مع ثلاثة عشر لاعباً مرة واحدة، هو ما دفع مجلس الادارة للاستعانة بالمدرب مروان ريان، استجابة لضغط جمهور الفريق.
ومنذ تسلم مهامه فقد دفع بفريقه كي يستقر في المركز الثاني برصيد ثلاث وعشرين نقطة، وهو نفس رصيد فريق الامعري، لكن فارق الاهداف صب في مصلحة الهلال.
بداية الصعود
وما حدث مع الهلال انطبق بجلاء على فريق البيرة، وفي ضوء تدهور نتائجه، وتوالي الخسارات عليه، لدرجة انه استقر لاكثر من اسبوع في ذيل اللائحة، وهو ما دفع بأنصار الفريق للضغط على الادارة، من اجل استبدال المدرب ناصر سليم، وهو مدرب ذو خبرة، وكان كابتن منتخب فلسطين في الشتات قبل عودة السلطة الوطنية الفلسطينية الى ارض الوطن، بناء على اتفاقيات اوسلو المبرمة العام 1993.
وفي ظل النجاح، الذي اصابه المدربون القادمون من خلف جدار الفصل العنصري، وجد مجلس ادارة نادي البيرة ضالتهم في المدرب حسن حسين، وهو مدرب له مكانته وسمعته الطيبة في عالم التدريب، وقد انعكس ذلك على واقع الفريق، فأخذ يتخلى عن المركز الاخير، وقفز الى المركز التاسع، برصيد ثماني نقاط، بفعل التغييرات الدراماتيكية، التي احدثها في مراكز اللاعبين، ووظفها بشكل جيد، وبدأت عروض الفريق تتحسن، ونتائجه ايضاً لدرجة انه اختتم مسيرة الذهاب بفوز صريح ومقنع على فريق الخضر بهدفين مقابل لا شيء، وهو ما لم يكن يحدث في السابق.
اعداد مرشحة للزيادة
واذا كان عدد المدربين القادمين من فلسطين الـ 48 في ازدياد مضطرد، واذا كانوا اكثر كفاءة وخبرة، وحتى مهنية، من زملائهم في الضفة الغربية وقطاع غزة لأسباب مفهومة ومعلومة، نظراً لسهولة تحركهم وتواصلهم المستمر مع الكرة الاوروبية، فان عشرات اللاعبين سبقوهم الى الدوري الفلسطيني، وكان لهم دور بارز في اثرائه وزيادة منسوب التنافس في لقاءاته، وهم سعداء بوجودهم، في ظل الاقبال الجماهيري، الذي فاجأهم، طبقاً للمحترف الجديد في صفوف شباب الخليل، رغيد برانسي، الذي عبر عن دهشته للزحف الجماهيري، الذي لم يألفه من قبل.