نفاق أولمبيّ...
كتب فايز نصّار- الخليل
رُوِيَّ عن النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَولهُ: "آيةُ المنافقِ ثلاث: إذا حَدَّث كذب، وإذا وَعَدَ أخلف، وإذا اؤتُمِنَ خان"، وفي رواية: "وإذا خاصم فَجَر"، والفجورُ جَليٌّ في سلوكِ من يُمارِسُ الإِبادةَ البيِّنة، ويَنغمسُ في سَرديّاتٍ بُكائِيّة، تحتَ سَقفِ برلماناتِ الدولِ، التي يفترضُ أنّها مَحكومَةٌ بالديمقراطيّة.
والفاجرُ منافقٌ من الدرجةِ الأولى، وأبرزُ صِفاتِهِ أنّه لا يَستحي، فيقولُ ما يشاء، لينطبقَ عليه المثل الشَعبِيّ: " ضَربني وبَكى، وسَبقني واشتكى"، وهذا بالضبط ما فعلهُ المَسؤولُ عن الحربِ في غزة، الذي استبقَ إِدانتهُ رياضياً في أولمبيادِ باريس، بعرضٍ لعضلاتِ لسانِهِ، أمام جوقة السحيجة في برلمانِ البيتِ الأبيض.
تزامناً مع خطابِ زعيمِ الاحتلالِ، تكاثرت الدعواتُ لهدنةٍ أولمبيّةٍ، تكونُ مُتنفساً لضَحايا الحَرب، وفرصةً للحوار، في انتظارِ بصيصِ أمل لإِنهائِها.
سمعنا هذا من الرئيس ماكرون، الذي نادى -على هامش حفل افتتاح الأولمبياد- بهدنةٍ أولمبيةٍ، في تَساوقٍ مع كلامٍ للأمينِ العامِ للأُمم المتحدة البرتغالي غوتيرش، الذي يَعرِفُ البيرَ وغَطاه، حول تفاصيلَ الحرب.
ولكنَّ الرجلين- ومعهم كثيرٌ من زعماءِ السياسةِ والرياضةِ - يَقولون ما لا يَفعلون، ولو كانوا صادقين لطلبوا رَسمياً هذه الهدنة، وحَذروا من لا يَلتزمُ بها، وكَفوا المظلومين شرّ القتال.
ما زال هؤلاء يَعدون بعدالةٍ أولمبيةٍ تُنصفُ الجميع، ولكنَّ تصرفاتهم تكذب سريرتهم: "اسمع كَلامك أصَدقك، أشوف عَمايلك أستغرب" وذروةُ النفاقِ كونِهم يدعون إلى الفَصلِ بين السياسةِ والرياضة، عند الحديثِ عن مساءلة الاحتلال، ويَغرقونَ في الخلطِ بين الرياضةِ والسياسةِ في ملفِ "المدللة" أوكرانيا.
الدليلُ الآخر على نفاقهم: "إذا أؤتمن خان"، وهؤلاء أَمَّنتهمُ شُعوبهم، وأَمَّنتهم الأسرةُ الأولمبيّة الدوليّة على شرفِ الميثاقِ الأولمبيّ النزيه، ولم يَتعاملوا بشفافيةٍ في تطبيقِ الأنظمةِ على الجميع، ولم يقبلوا حتى بعرض المطالبِ الفلسطينيةِ العادلة للتصويت، لأنّهم يَعرفون أنّ الأغلبيةَ ستنتصرُ للحقّ الفلسطينيّ، كما حصلَ في الأممِ المُتَّحدة.
رغم كلِّ هذا يَجبُ على القائمين على رِياضَتِنا عدمَ اليَأس، ومواصلةَ المدافعةِ عن حقوقِنا الرياضيّة، مع إصرارٍ فلسطينيّ على انتزاعِ العدالة، رغمَ مقولة: " العدالةُ فقط في السماء " .