"حدث هذا".. حميمية المونديال
الخليل- كتب فايز نصّار/ تتواصل الإشادة بالنجاحات القطرية في تنظيم مونديال ألف ليلة وليلة ، الذي ساهم في تغيير النظرية الفوقية لكثير من الرياضيين ، ممن كانت وسائل الإعلام المعادية تغذيهم بمعلومات غير صحيحة عن أمتنا ، وقدراتها التنظيمية .
وتصل نجاحات المنظمين إلى أدقّ التفاصيل ، التي لها علاقة بتسهيل عمل القائمين على هذا المونديال ، وضمان وصول المشهد كاملاً لأكثر من نصف سكان البشرية .. ولا بدّ هنا من تقدير مستوى النجاح في توفير الوسائل التكنولوجية الحديثة ، لخدمة الإعلاميين والصحفيين فقط ، وجميع الحاضرين تحت قبة المونديال ، والتي وصلت حتى إلى الجماهير .
وتبدأ الحكاية الالكترونية في المونديال من البوابات الإلكترونية ، التي تحصي عدد الجماهير ، والإعلاميين ، والصحفيين ، والعاملين في المباراة ، من خلال أجهزة خاصة ، تتأكد من الوثائق اللازمة ، بما ساهم في دقة المعلومات حول عدد الحاضرين ، كم حصل مع ملعب لوسيل ، الذي سجل حضور 88966 مشجعاً بالتمام والكمال .
ويوفر المنظمون قاعات مخصصة للصحفيين والإعلاميين في جميع الملاعب ، وقد تمّ تجهيزها بكلّ ما يحتاجونه ، وخاصة الوسائل التكنولوجية الحديثة ، من شبكة الإنترنت العادية ، و"واي فاي" ، وعن طريق مسح "باركود" ...الخ ، وكلّ هذا متوفر في مدرجات وقاعات الملعب أيضا ، ومتاح للجماهير ، التي أصبحت تستطيع معرفة كلّ إحصاءات اللاعبين ، عبر تطبيق التحليل اللحظي ، الذي يستعرض الخرائط الحرارية والإحصاءات المختلفة .
وأبهرت التكنولوجيا الموجودة في الملاعب المشجعين ، الذين عبروا عن ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، معجبين بسرعة شبكة الإنترنت في الملاعب ، التي توفرها تقنيات "الجيل الخامس" .
واعترف كثير من المختصين ، المقربين من مركز قرار الفيفا بالقدرات العصرية لمنظمي مونديال العرب ، ومنهم عضو اللجنة التنفيذيَّة للفيفا ، المصريُّ هاني أبو ريدة ، الذي شاد بالمُستوى التنظيمي الرائع لمونديال قطر 2022 ، وذهب إلى أنّ قطر أثبتت أنَّ الدول العربية قادرةٌ على تنظيم كُبرى البطولات ، خاصة وأنَّ الأوروبيين كان لديهم توجس من إقامة المونديال في دولة عربية ، ولكنْ قطر غيرت وجهة النظر هذه ، مؤكدة انّ تنظيمها لكأس العالم كان قراراً صحيحاً .
ونقل أبو ريدة سعادة قادة الفيفا بما وجدوه في قطر ، من جاهزية عالية ، شملت الملاعب العصرية ، والتسهيلات الرائعة للجميع ، دون إغفال الإمكانات الكبيرة المسخَّرة لخدمة كلّ جوانب المونديال .
ولا شكّ بأنّ شيخ الفيفا جياني إنفانتينو في مقدمة المصفقين لنجاج قطر ، وقد سمعناه يردّ على كلّ الانتقادات ، ويفنَّد كلّ الادعاءات ، خلال المؤتمر الصحفي ، الذي عقده قبل ساعات من انطلاق المنافسات ، والجميع سمع جياني يقول : إنّ قطر ستنظم نسخة استثنائية !
أمّا مدرب المنتخب الإسباني لويس إنريكي فأكد بأنّ كل الأمور التي قيلت عن كأس العالم في قطر غير صحيحة ، مشيراً إلى أن الأمور تسير بشكل إيجابي للغاية، فالبطولة رائعة ، والملاعب فريدة من نوعها في كل شيء”.
ومع اقتراب انتهاء الجولة الثالثة والأخيرة لدوري المجموعات يتوقع أن يتساوى منتخبان أو أكثر في النقاط ، فكيف سيحسم التأهل بينهما ؟ والأمر بسيط لأنّ الفيفا حددت مسبقاً سيكون بأنّ التأهل لصاحب النقاط الأكثر ، وإلا يتم اللجوء لفارق الأهداف العام ، ثم عدد الأهداف المسجلة ، وإذا استمرّ التعادل يُحتكَم إلى عدد النقاط في المواجهات المباشرة بين المنتخبات المعنية ، ثم فارق الأهداف وعددها بينها.
أمّا إذا تعادل المنتخبان في عدد الأهداف ، فيتم النظر إلى عدد النقاط في المواجهات المباشرة بين الفرق المعنية ، ثم فارق الأهداف في المواجهات المباشرة ، والأكثر تسجيلًا فيها ، ليتم بعد ذلك اللجوء إلى اللعب النظيف، من خلال احتساب نقاط البطاقات الصفراء والحمراء ، مع التفريق بين أنواع البطاقات ، فهناك حمراء ببطاقتين صفراويتين ، درجتها اقل من الحمراء المباشرة .. وهكذا ، أما قاعدة الفصل الأخيرة فهي سحب القرعة.
وكانت فيفا لجات للقرعة عدة مرات خلال مسيرتها ، لعل أبرزها يوم تعادل المنتخبان المغربي والتونسي ذهاباً وايابا في كلّ شيء في سباق التأهل لمونديال مكسيكو 1970 ، ويومها لعب المنتخبان مباراة فاصلة في مرسيليا بفرنسا ، ولما انتهت المباراة الثالثة بالتعادل ابتسمت القرعة للمنتخب المغربي !
وساهم المونديال القطري في إعادة الحميمية لعلاقات العرب مع بعضهم ، فهذه عائلات قطرية تقاسم المغاربة الفرحة بتوزيع الحلوى ، وقد شوهد القطريون - الذين بيوتهم قريبة من ستاد الثمامة - يوزعون الحلوى الشعبية على الجميع ، فيما احتفل سكان الشمال السوري بإنجاز ليوث الأطلس ، بتوزيع الشوكولاتة والحلوى على الحاضرين في أحد المقاهي ، خاصة من الأطفال.
واختصر ما أقدم عليه الطبيب الأردني شادي الشيخ كلّ معاني الحميمية ، عندما لبى نداء للمشجع المغربي محمد الشرفي ، وأعاد له ابتسامته ، بعد تعرضه للتنمر خلال دعمهما للمنتخب المغربي ، وتبرع طبيب الأسنان النشمي بعلاج المشجّع المغربي ، الذي تكسرت أسنانه ، حيث عرف بالامر من لقطة عفوية التقطتها الكاميرات في مباراة المغرب وكرواتيا ، وأقدم الشيخ على علاج المغربي مجاناً ، بل وتكفل بتكاليف نقله إلى دبي للعلاج هناك
وظهرت الحميمية العربية في أجل صورها بالتفاف الجماهير العربية حول فلسطين ، حيث حفلت منصات التواصل الاجتماعي باللقطات التي رافقت احتفالات المغاربة بفوزهم على بلجيكا ، مرفوقة برفع الأعلام الفلسطينية في مدرجات ملعب "الثمامة” وخارجه ، لإعلان التضامن مع القضية الفلسطينية ، بما يفند كلّ ما يسرب عن اختراق تطبيعي في جدارانا العربي على الأطلسي .. وقد لخص مشجع مغربي كلً شيء بتفسيره سبب ارتدائه "شارة فلسطين” متسائلاً : "وهل تسأل مغربي عن فلسطين ؟” ..." إن سألتني عن قلبي .. أقول فلسطين”.
والمحصلة أنّ نهاية هذا المونديال ستشهد تتويج أحد المنتخبات بكأس العالم ، وتتويج قطر بكأس التنظيم الاستثنائي ، ونيل فلسطين كاس الحميمية ، التي ساهمت في دفع أعقد الملفات على الطاولة ، بعدما ظن البعض أن ملفات القضية قد طويت !