"المعتق" حسني يونس شيخ الحكام الفلسطينيين
الخليل- كتب فايز نصار / شهد النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي حراكاً رياضياً فاعلاً ، حاول ترتيب أركان النهوض الرياضي ، ومس الحراك يومها اللاعبين ، والمدربين ، والإعلاميين ، ومس أيضاً الحكام ، الذين لهم دور محوري في نحاج الفعاليات الرياضية .
وحاول القائمون على سلك التحكيم الاستفادة من خبرة الأشقاء العرب ، ممن شهدت لصافراتهم المدوية ملاعبُ العالم ، ومنهم الخبير التونسي ناجي الجويني ، الذي زار البلاد ، وأشرف على دورة تحكيم شكلت البداية ، التي أُتبعت بدورة تأهيل في العراق الشقيق ، استضافها نادي حيفا الفلسطيني ، تزامناً مع تنظيم بطولة القدس الدولية .
وكان شيخ حكام فلسطين الحاج حسني يونس حاضراً في الفعاليتين ، وتعاون مع صحبه في لجنة الحكام المركزية ، للنهوض بقطاع التحكيم الفلسطيني ، بعد قيام السلطة الوطنية على أرض الوطن .
وظهرت ملامح نبوغ أبي محمد الرياضية مبكراً ، عندما تشارك مع رفاق الصبا في اللعب للأندية الشعبية ، التي كثرت في نابلس ، ومنها نادي زيمتريس ، الذي يجمع بين أسمي الزمالك والترسانة ، ليلعب بعد ذلك حارساً في صفوف الاتحاد ، وقلب هجوم في الخط الأمامي للجدعان ، ناهيك عن بروزه كنجم لا يشق له غبار كلاعب كرة سلة ، في نادي الأردن ، ومركز بلاطة .
وحصل الحاج حسني على شهادة تحكيمية مطلع الستينات ، وساهم في تطوير حكام فلسطين ، بعد الحراك الرياضي مطلع السبعينات ، وشارك في تنظيم ورسكلة الحكام في عهد الرابطة مطلع الثمانينات ، ليواصل الشيخ النابلسي حمل المشعل التحكيمي بعد قيام السلطة ، حيث تولى رئاسة لجنة الحكام المركزية حتى اعتزاله التحكيم قبل خمس سنوات .
والحق يقال: إنني وجدت نفسي أمام هرم تحكيمي ، خرج من رحم المخيم المجيد ، وترك بصمات يشهد لها الجميع في ملاعب الوطن ، بعد قصة كفاح رياضي بدأت منذ أكثر من ستين سنة ، اختصرها لكم في هذه المحطات الهامة .
- اسمي حسني محمد سليمان يونس " أبو محمد " المعروف بالحاج حسني يونس ، من مواليد نابلس يوم 24/8/1943 .
- بدأت حياتي الرياضية في المدارس ، من خلال فرق كرة القدم ، وكرة السلة في المرحلتين الاعدادية والثانوية ، ثم انتقلت للعب الفرق المحلية ك " الزمتريس ، والساحل " مع لاعبين مميزين ومعروفين ، منهم مطيع طوقان ، ومحمد حنو ، ومحمد سعيد جبر ، وأخي المرحوم راسم .. وغيرهم .
- وسنة 1963 لعبت كحارس مرمى لنادي الاتحاد الرياضي ، الذي كان ضمن فرق الدرجة الأولى في الدوري الأردني ، وفي السنة نفسها انتقلت للعب كمهاجم مع مركز بلاطة ، الذي كان من الأندية القوية في الضفة الغربية ، إلى جانب أندية جمعية الشباب المسيحية ، ونادي حطين ، ونادي الاتحاد الرياضي ، ومركز شباب طولكرم .
- وبقيت في بلاطة حتى اعتزالي اللعب سنة 1973 بمباراة احتفالية مع جمعية الشباب المسيحية ، جرت على ملعب بلدية نابلس ، ويومها كان لي شرف تسجيل هدف في المباراة ، التي شهدت فوز بلاطة بثلاثة أهداف لهدف ، وفي تلك الفترة لعبت لمنتخب مراكز الشباب ، في لقاء دولي مع فريق ايبا القبرصي ، ولكن للأسف أصبت في تلك المباراة من قبل حارس الفريق القبرصي ، بعد انفردي به .
- وإلى جانب كرة القدم كنت لاعبا مميزا في كرة السلة ، ولعبت سنة 1963مع نادي الأردن ، ولمركز شباب بلاطة بين سنتي 1967 و1980، وكان المركز من الفرق القوية في كرة السلة ، إلى جانب جمعية الشباب المسيحية ، ونادي الاتحاد الرياضي النابلسي .
- وبعد الاعتزال تفرغت للتحكيم في مختلف الألعاب ، والحمد لله برعت في التحكيم ، كما برعت في اللعب في عدة ألعاب ، وسهل ليّ الأمر عملي في سلك التربية والتعليم .. ولمّا تأسست لجنة التنسيق في محافظة نابلس بعد العام 1967، شاركت في التحكيم ، والاشراف على الحكام ، مع المرحوم الحاج أمين المصري في البطولات التي نظمتها اللجنة ، علماً بأنني كنت حصلت سنة 1963على شهادة تحكيم رسمية من الاتحاد الأردني ، رفقة كلّ من أمين المصري ، وعرسان ابراهيم ، ونادي خوري ، وأحمد الناجي ، وشاركنا في تحكيم العديد من المباريات حتى تاريخ 1967 .
- ولمّا عادت الأنشطة الرياضية تدريجا منذ سنة 1971 ، وتمّ وتشكيل لجان تنسيقية رياضية في شمال ووسط وجنوب الضفة ، ساهمت في إعداد حكام لمختلف الألعاب ، مع التركيز على حكام كرة القدم ، وخاصة بعد تأسيس رابطة الأندية في الضفة الغربية ، بمساهمة زملائي في التحكيم ، أحمد الناجي ، ورشاد الهندي ، وأحمد الاسمر ، وفارس خليل ، وعبدالله الخطيب ، وعبدة مرعي ، وكنت ممثل محافظة نابلس كرئيس لجنة فرعية للتحكيم .
- ولمّا قامت لجنة الحكام المركزية عام 1982 بتصنيف الحكام للدرجات الاولى ، والثانية ، والثالثة ، والمستجدين ، بعد اختبارات نظرية ، وعملية ، تمّ اختيار 98 حكماً رسمياً ، لتطلع هذه الكوادر التحكيمية بمهمة إدارة المباريات التصنيفية للأندية حتى عام 2014 ، كما تمّ خلال فترة رئاستي للجنة الحكام المركزية ترشيح حكام دوليين لفلسطين ، وتنظيم دورات عديدة للحكام في الوطن وخارج الوطن ، وخاصة في العراق الشقيق ، مع الحكام العراقيين الدوليين ، وكان آخرها عام 1999 في نادي حيفا الرياضي ، وقاد حكامنا مباريات في بطولة القدس الدولية ، بمشاركة أندية من دول عربية مختلفة ، وأذكر من هؤلاء الحكام رافع ابو مرخيه ، ووليد الصالحي ، وعبدالقادر عيد ، وخليل برهم ، وابراهيم غروف ، ومهيوب الصادق ، وحسين طقاطق ، وعبدالرحيم أبو زنط .
– أعتقد انّ أفضل طاقم تحكيمي تعاملت معه يضم رشاد الهندي ، ومحمد سعيد جبر ، أما افضل مباراة حكمتها فجمعت منتخب الضفة الغربية ، مع منتخب غزة على ملعب اليرموك سنة 1984 ، وانتهت بهدفين لهدف لنجوم الضفة ، وخلال تحكيمي أعجبت بكثير من اللاعبين المميزين أمثال موسى طوباسي ، وعارف عوفي ، ومحمد الصباح ، وإبراهيم نجم .. وغيرهم .
- ولا أنسى هنا تعرضي لمحاولة الاعتداء من قبل جمهور الخليل ، في مباراة جرت على ملعب المطران ، عندما ألغيت هدفاً لشباب الخليل ، بإشارة من مراقب الخط ، عبد الحميد النبريصي ، الذي اعتبر الهدف تسللا ... ورغم ذلك الحمد لله كنت دائما ناجحا في إدارة المباريات ، وخاصة المباريات الحساسة ، ولم أتعرض في أيّ وقت من الأوقات لضغوط لتغير تقرير المباراة .
- أعتقد أنّ معظم حكام لفلسطين ، الذين تألقوا خلال عملي في لجنة الحكام المركزية مميزون ، وخاصة حملة الشارة الدولية ، وبعض حكام الدرجة الأولى ، أمّا من الحكام العرب المميزين ، فأذكر الحكم التونسي ناجي الجويني ، فيما أرى أنّ أفضل حكم في العالم كولينا .
- أعتقد أنّ هناك كثير من الحكام الفلسطينيين المميزين ، ومنهم رشاد الهندي ، وعبد الله الخطيب ، وعبد الرؤوف ابو اسنينه ، وأحمد الناجي ، والمرحوم أحمد الأسمر ، والمرحوم صايل سعيد ، وأحمد حسان ، ووليد الصالحي ، ومهيوب الصادق ، ونادي خوري ..وغيرهم .
- كان الحكام في الماضي الجميل يمتازون بالكفاءة ، والشجاعة ، والانتماء ، والقناعة ، وهذا ما ساهم في عدم حدوث عنف في الملاعب ، رغم عدم توفر الأمن كما هو متوفر اليوم ، أمّا بالنسبة لحكام اليوم فلا أستطيع الحكم عليهم ، كوني لم أتابعهم عن كثب ، بعد اعتزالي المهام التحكمية سنة 2014 ، وأعتقد أنك كإعلامي رياضي عاصرت الحقبتين ، وتستطيع إبداء رأيك في الجيلين .
- أفتخر بكوني مارست التحكيم - عمليا واداريا - أكثر من خمس وعشرين سنة ، كحكم ، ورئيس للجنة الحكام ، وكان لي شرف تمثيل فلسطين في اجتماع رؤساء اللجان العرب ، المنعقد في تونس عام 2006 ، والحمد لله أعتز بتلك الفترة ، وبما قمت به في خدمة الرياضة الفلسطينية ، وخاصة في المجال التحكيمي ، ولست نادماً على ذلك .
أرى أنّ الإعلام الرياضي في الفترة ، التي عملت فيها مع رابطة الأندية ، واللجنة التحضيرية ، والاتحاد الفلسطيني كان أكثر جرأة ، وصراحة في النقد الرياضي ، أمّا اليوم فأرى الإعلام مغيبا عن النقد كما كان في السابق .
اخيراً أتمنى لجميع الحكام الفلسطينيين ، الذين عملت معهم الصحة ، والعافية ، والتوفيق ، وللذين أصبحوا في دار الحق الرحمة والمغفرة .