الدولي السابق ناصر سليم.. النسر الفلسطيني ، الذي حلق في عمّان وبغداد
الخليل- كتب فايز نصّار/ تحسنت
أوضاع كرة القدم في بلادنا كثيراً بعد قيام السلطة الوطنية منتصف التسعينات ،
وخاصة مع عودة كثير من كوادرنا الرياضية ، ممن شاركوا في تثبيت الحالة الرياضية ،
التي أصابها الجمود منذ اندلاع الانتفاضة الأولى .
وعاد من الساحة العراقية عدد من مدربي كرة القدم
المجيدين ، وفي مقدمتهم سعد توفيق ، وأحمد الحسن ، وعصام بشير ، ومحمود رفعت ،
وناصر سليم ، الذي تجول بين عدد من الأندية ، محققاً الكثير من النجاحات .
وولد
أبو العم من أسرة تألقت في الملاعب البغدادية ، وبرز كنجم لا يشقّ له غبار بين
اخوته النجوم منير ، ومؤيد ، ومحمود .. وفي مسقط رأسه بعاصمة الرشيد تنفس
المستديرة ، قبل الدخول إلى قلعة الفلسطينيين في بلاد الرافدين نادي حيفا ، الذي
لعب له فترة مهمة من حياته الرياضية ، تضاف إلى مشاركاته مع عدد من الأندية
العراقية المعروفة ، أبرزها الزوراء .
وكانت
محطة سليل حيفا الأهم في بلاد النشامى ، حيث ساقته صدف المقادير إلى جبل النصر ،
فتعرف الكابتن المعروف فواز ابراهيم على قدراته ، ليلعب في الدوري الأردني سبع
سنوات .
وتألق الناصر في الدوري ، الذي كان يشهد إبداعات نجومنا
غسان بلعاوي ، ومحمد الصباح ، وسامر بركات ، وسيمون خير ، ونجح معهم في تحقيق
نتائج غير مسبوقة ، وكانوا يجدون التشجيع من محبي الكرة الفلسطينية ، وخاصة الراحل
الكبير سليم حمدان .
وتألق
أبو سليم مع المنتخب الوطني ، وكان له شرف حمل شارة الكابتن في كثير من المباريات
، وخاصة في بطولة الانتفاضة ، التي استضافتها تونس سنة 1989 ، وفي الجولة الأوربية
، التي كانت تهدف إلى شرح معاناة أبناء شعبنا الفلسطيني للعالم.
ويحتفظ
النجم ناصر سليم في دفتر أيامه الرياضية بكثير من أسرار وأخبار الكرة الفلسطينية ،
التي سجلها بتألق في ملاعب الوطن والشتات ، وأتركه يحكي لكم بعض فصول قصته في
الملاعب ، من خلال هذا اللقاء.
-اسمي ناصر سليم علي " أبو سليم " من مواليد يوم 27
/4 / 1963 بالعاصمة العراقية بغداد ، ولقبي أبو العم !
- مثل أيّ لاعب في العالم بدأت لعب الكرة في الحارة ، ومع الفرق
الشعبية ، ثم ظهرت مع الفرق المدرسية ، حيث حصلنا على دوري المدارس أكثر من مرة ،
لأدخل بعدها النادي الذي أعتز به ، حيث لعبت في صفوف نادي حيفا الفلسطيني ، الذي
يمثل أبناء الجالية الفلسطينية في العراقية ، والذي كان وقتها ضمن دوري الدرجة
الثالثة .
- وبعد لعبي لثلاث سنوات مع نادي حيفا ، التحقت بنادي النصر
الأردني ، الذي كان يلعب في بطولة الدرجة الممتازة ، وقد لعبت الصدفة دوراً في
انتقالي للنصر ، فخلال زيارتي للأهل في عمان سنة1981 مررت صدفة بملعب يتدرب فيه
مجموعة من اللاعبين ، وعرفت أنهم لاعبو نادي النصر ، في منطقة جبل النصر التي كنت
أقيم فيها .. وأذكر أنّه كان معي ابن اختي ، فسالته : من هؤلاء ؟ فردّ عليّ : هؤلاء
يا خالي نادي النصر ، الذي يلعب في دوري الدرجة الأولى ، وفوراً قررت النزول إلى
الملعب ، فجاءني مدرب الفريق الكابتن فواز إبراهيم - الذي كان من أفضل المدافعين
في الأردن - وقال لي : تفضل ، فقلت له: أنا
ألعب في العراق ، وأنا في زيارة للأردن ، وبحاجه للمحافظة على لياقتي ، فهل تسمح
لي بالتدريب معكم ، فردّ بسرعة : أهلا وسهلا بك
كابتن ، وبعدما عرفته بنفسي ، قال لي : هل معك ملابس
رياضية ؟ فقلت له : للأسف لا ! .. فذهب إلى
سيارته ، وأحضر لي بذلة رياضية ، وحذاء لعب أديداس أصابع ، لونه اصفر وأسود ،
وأذكر أنّه بعد بدء التدريب قال لي : هل بإمكانك إحماء الفريق ؟ فقلت له : نعم ..
جاهز ، فقال للاعبين : اليوم سنلعب مباراة تحدي ، لأنّ هناك ضيف ، فوقف جميع
اللاعبين ، وتعرفت عليهم ، ولمّا بدأنا اللعب أعطيت كلّ ما عندي ، بما أبهر جميع
اللاعبين بمستواي ، وبعد التدريب لاحظت وجود سيارات كثيرة قرب الملعب ، والجميع
يتحدث عني ، فقررت الرجوع إلى بيت أختي فوراً ، لكن الكابتن فواز إبراهيم قال لي :
إلى أين انت ذاهب ؟ فقلت له : إلى البيت .. فسارع إلى دعوتي على إلى مقر النادي
القريب من الملعب ، ولمّا ذهبت إلى مقر النادي إذا بمجموعة من الشخصيات ، عرفت
أنّهم أعضاء إدارة النادي .. وبدون مقدمات قال لي رئيس النادي : " بالعربي ،
بدنا إياك تلعب معنا كابتن ، لأنّ اللاعبين ، والمدرب ، والجمهور معجبون بلعبك" ، فقلت له : إن شاء الله ! .. وبعدها مكثت في
عمان يومين ، ثم غادرت إلى بغداد ، لأنّ هناك دوري ينتظرني .. بعد اسبوع حضر إلى
بغداد الكابتن صالح العبداللات ، فذهبت معه إلى عمان للعب مع نادي النصر ، حيث كان
يسمح لكل ناد بتقييد لاعبين اثنين غير أردنيين ، ويومها لعبت للنصر مع الكابتن
حمدي من مصر الشقيقة .
- ومكثت مع النصر من سنة
1981 حتى سنة 1987 ، وفي السنة الأولى صعدنا للدرجة الممتازة ، وشاركت مع النصر
خمس سنوات في الدوري ، حتى تم شطبي من قيود الاتحاد الأردني ، على خلفية عدم حملي
للجنسية الأردنية ، وذلك بعد توقف الاستعانة بالمحترفين الاجانب.
- مثلي الأعلى في الملعب
وخارج الملعب والدي رحمه الله ، واسكنه فسيح جناته ، وأكثر لاعب كنت احب الوصول
إلى مستواه كابتن ومدرب العراق عدنان درجال " أبو حيدر " .
- وكان مركزي في اللعب قلب دفاع متأخر " ليبرو " ،
وأكثر من مدرب كان له الفضل في تألقي ، ومن أكثرهم المرحوم عادل أبو قطيش ،
والمرحوم محمد القاسم ، والدكتور قصي رفعت ، والكابتن فواز ابراهيم.
- وخلال مسيرتي في الملاعب
لعبت لنادي حيفا ، ونادي الصناعة ، ونادي الزوراء لفتره بسيطة بسبب انشغالي مع
المنتخب ، ثم مع نادي النصر الأردني ، ومع مركز عسكر ، الذي لعبت فتره بسيطة.
- أفضل من شكل معي ثنائياً في الملاعب الكابتن ناصر مصباح ،
والكابتن فواز إبراهيم ، الذي كان لاعباً ، ومدرباً لنادي النصر.
- وخلال مسيرتي أشرفت على
تدريب فريق شباب النصر في عمان ، ونادي صالحية العابد ، الذي كان يضم النجم هيثم
شبول ، وبعد عودتي للوطن أشرفت على تدريب أندية مركز عسكر ، وهلال اريحا ، وشباب
اريحا ، ومركز عقبة الجبر ، وجنين ، وشباب الخليل ، ومؤسسة البيرة ، ونادي بلدنا ،
ومخيم عين السلطان.
- أعتقد أنّ افضل نجوم
الكرة الفلسطينية من أبناء جيلي لاعب الزمالك مصطفى نجم ، ولاعب الوحدات غسان
بلعاوي ،ولاعب حيفا سعد توفيق ، ونجم الوحدات عصام محمود ، ولاعبي نادي عمّان سامر
بركات ، ومحمد الصباح...وهناك نجوم كثر غير هؤلاء .
- اللاعب المفضل محليا وعربيا بالنسبة لي مؤيد سليم ، وعالميا
ليونيل ميسي ، ويعجبني لعب فادي سليم ، وجبران كحلة ، كما يعجبني لعب أمجد حلمي ،
وصفوان راجح ، وعزيز خضر ، ولؤي حسني ، وأفضل نجم عربي في التاريخ التونسي طارق
ذياب ، وبعده السعودي يوسف الثنيان ، وأفضل للعب في العالم الاسباني اكزافي ،
والايطالي بيرلو .
- أعتز كثيراً بالأيام التي
قضيتها مع النادي الامّ ، نادي حيفا ، حيث تذخر مخيلتي بشريط من الذكريات ، في
منافسات الدوري ، وفي المعسكرات التدريبية ، ومع المنتخبات والمعسكرات ، حيث رافقت
اخوة أعزاء ، أتمنى لهم كلّ الخير والتوفيق .
- وأذكر جيداً المباريات
الكبرى ، التي كنت أخوضها مع النصر في مواجهة قطبي الكرة الأردنية الفيصلي
والوحدات .. لقد كانت مباريات ممتعة ، بوجود الجماهير لغفيرة ، والنجوم الذين يذخر
بهم الفريقان ، بما يحتم عليك أن تؤدي كلّ ما عندك ، وثبت نفسك أمام النجوم
والجماهير ، ساق الله على تلك المباريات ، التي تشكل أفضل ما في مذكرتي الرياضية ،
لن أنسى أدائي الجيد أمام العملاقين الفيصلي والوحدات !
- وخلال مسيرتي الطويلة في
الملاعب تشرفت بارتداء زيّ منتخبنا الوطني في كثير من المناسبات ، وكانت البداية
سنة 1981 ، حيث شاركنا في بطولة نظمها الاتحاد الفلسطيني في العاصمة السورية دمشق
، وكان الهدف منها تشكيل منتخب من فلسطيني الشتات ، وشارك فيها لاعبون من سوريا ،
والعراق ، والكويت ، ولبنان ، ومصر ، وعلى اثر تلك البطولة التجميعية تمّ اختيار
مجموعة من اللاعبين المبدعين ، وبحمد الله كنت واحداً منهم ، ثم كانت لنا عدة
مشاركات في أوروبا ، كان الهدف الرئيسي منها رفع اسم فلسطين ، واثبات وجودنا ،
وأعتز بكوني حملت شارة الكابتن أمام نجم نجوم تونس طارق ذياب في بطولة الانتفاضة
سنة 1989 .
- أعتقد أنّ أفضل تشكيلة
للمنتخب الفلسطيني في الشتات تضم النجوم الحارس وائل عوض امير ، والحارس احمد ذيب
، وإبراهيم سعدية من الكويت ، والذي انتقل إلى الأردن بعد ذلك ، وهناك نجم الزمالك
مصطفى نجم ، وسامي أبو الحصين ، ووليد لولو ، ، وأحمد عواد ، وعمران عبد القادر ،
وسعدي أبو رومي ، وحمودي أبو لبن ، ومحمود يحي ، وأشرف زملط ، وعادل عثمان ،
ومحمود سليم ، ومنير سليم ، وصلاح محمود ، وابراهيم نعيم ، وجمعه أبو غدير
...وهناك العديد من النجوم اسف من الاعبين لم اتذكرهم .
- بصراحة يحتاج الدوري
الفلسطيني للمحترفين إلى خبير كروي مختص ، يشرف على النهوض بالكرة الفلسطينية ،
ويكون هو المسؤول عن كل المنتخبات ، أمّا الدوري فأرى أن هناك ظلم واقع على
اللاعبين الشباب لعدم اعطائهم الفرصة !
- أعتقد أنّ الإعلام الرياضي تحسن كثيراً في السنوات الأخيرة ،
ولكن ما زال البعض يعملون حسب الواسطة ، والمصلحة الشخصية ، وصلة القربى!
- أفتخر كثيراُ بإنجازاتي في الملاعب ، ومن أهمها تمثيل المنتخب
مدة عشر سنوات ، وصعودي مع نادي جنين للدوري الممتاز ، وتدريب أندية عريقة مثل
شباب الخليل ، ومؤسسة البيرة ، وهلال اريحا ، ومركز عسكر .
- أعتز كثيراً بأخي الكابتن
مؤيد سليم ، الذي برز مع أندية حيفا ، والامعري ، والفيصلي ، متمنيا من الله ان
يحفظه ، ويسعده في حياته ، وأتمنى التوفيق للمدرب سعد توفيق ، الذي أعتبره أخاً
وصديقاً ، وكان خلال مسيرته الرياضية لاعباً فذاً ، ومدرباً ناجحاً يستحق الاحترام
، والتقدير موصول للدكتور قصي رفعت ، الذي كانت له أيادي بيضاء في مسيرة نادي حيفا
، والكرة الفلسطينية بشكل عام ، فكل الاحترام والتقدير للكابتن لمعلمنا الدكتور
قصي .
- وكانت مسيرتي في الملاعب
حافلة بالمكاره والسرور ، وأفضلها تعرفي على كثير من القادة الرياضيين وغير الرياضيين ، ومنهم المرحوم الملك حسين بن
طلال ، الذي تشرفت بمصافحته وزوجته الملكة نور عند افتتاح ملعب نادي النصر ،
وفخامة الرئيس الراحل ياسر عرفات ، يوم استقباله لوفد من النجوم بعد جولة فرنسا
سنة 1989 ، وذلك في دار الضيافة ببغداد .
- ومن أغرب ما حصل معي في الملاعب خوضي لمعسكر إعدادي مع نادي
الزوراء ، الذي كان يضم خيرة نجوم العراق ، وكان يدربه الجوهرة فلاح حسن ، وفي
مباراة مع نادي ساو باولو البرازيلي في بطولة صدام الدولية ، شعرت بالظلم لأنّ
المدرب لم يشركني ، فغادرت الزوراء ، ولمّا حاول مسؤولو النادي اقناعي بالعودة
رفضت !
- وهناك قصة
أخرى حصلت عندما استدعي منتخبنا للعب في برشلونة بإشراف المدرب التونسي عمي علي ،
ويومها لعبنا مباراتين ، احداها مع اسبانيول برشلونة ، وكان منتخبنا يضم بعض
اللاعبين التونسيين ، ويومها لعبت في الدفاع مع النجم الكبير خالد بن يحيى ، وبعد
المباراة جاء إداريو اسبانيول ، وطلبوا التعاقد معي للعب في الدوري الاسباني ،
ولكن الظروف يومها لم تسر كما أريد .
أخيراً اتوجه بالتحية لكلَ الرياضيين الفلسطينيين ، ممن
عرفتهم في ملاعب الوطن والشتات ، آملاً أن يحفظهم الله برعايته ، ويبعد عنهم كلّ
مكروه ، على أمل أن يضع الاتحاد الفلسطيني المناسب في المكان المناسب ، وكلّ الشكر
لك كابتن فايز نصار على هذا اللقاء ، الذي يمثل مساحة للتواصل مع الأحباب.