المراقب الدولي" عبد الناصر الشريف حملت الصافرة يانعاً ، واعتزلتها باكراً

بال سبورت : "
الخليل- كتب فايز نصّار/ خلال مسيرتي التي تمتد لأكثر من أربعين سنة في عالم الصحافة اختلفت مع كثير من الرياضيين ، ممن لم يتقاطع فهمي معهم في بعض الأمور ، أو ربما كوني لست مرناً في معالجة كثير من القضايا .
والله يعلم إنّ اختلافي مع هؤلاء لم يكن يوماً من أجل تجارة ، أو منزلة عليا ، أو منافسة على منصب ، وإنما لوجه الله ، الذي كان دائماً ملهمي لما فيه الخير .
والحق يقال : إنّ المحامي عبد الناصر الشريف من الرياضيين ، الذين اختلفت معهم في بعض المحطات ، بسبب تضارب في الفهم الإداري والفني لبعض الأمور ، ولكن يشهد الله أن اختلافنا كان دائما ضمن الظاهرة الصحية ، التي لا تفسد للودّ قضية .
وقد عرفت الحكم عبد الناصر منذ مطلع السبعينات ، حين كنا نلتقي في الملاعب الصغيرة ، في مباريات تجمع حارة الشيخ ، بحارة بئر السبع ، حيث كان الفريقان يضمان لاعبين ، ترك معظمهم الملاعب ، جرياً وراء العلم ، والعمل ، والعدل في بلاد الآخرين .
ولعل وجه الشبه بيني وبين أبي خالد كوننا لم نكن من اللاعبين الممتازين ، فاتجهت إلى القلم ، واتجه صاحبي إلى الصافرة ، التي كثيراً ما حملها للقضاء الصعب بين فرق الحارات .
ويحسب لأيقونة الحكام الحاج أحمد الناجي أنّ من مدرسته مرَّ الحكام عبد الرؤوف ، ورافع ، وعبد الناصر ، الذي حمل الصافرة يانعاً ، ونماها خلال دراسته القانونية في أمّ الكنانة ، ليعود لقيادة أصعب المباريات في سنّ مبكرة مطلع الثمانينات .
وتَحَسَّب أبو خالد من تضارب قد يحصل بين عمله الرسمي في الوزارة ، ومهامه الطوعية في سلك التحكيم ، فترك الصافرة ، واتجه نحو مهمة اكثر أهمية في تأهيل الحكام وتكوينهم ، بعد حصوله على أعلى الشهادات في تكوين وتقييم الحكام .
أعرف الكثير عن الحكم الشريف ، ولكن يشهد الله أن استعراضي لسجله التحكيمي عرفني على أمور لم أكن اعرفها ، وأترككم تطّلعون عليها كما وردت على لسانه.
- اسمي عبد الناصر صبحي الشريف" أبو خالد " من مواليد الخليل يوم 1/1/1957 ، ولقبي " الحكم الشريف " ، وأول من أطلق عليّ هذا اللقب الصحفي بدر مكي ، عندما كتب " الحكم الشريف - عبد الناصر الشريف " وبعدها عرفت به. - لست أدري إن كان عدم بروزي كلاعب ، أم هي موهبة من الله دفعني لحفظ قوانين الألعاب المختلفة مبكراً ، وتقمصي شخصية الحكم منذ نعومة أظافري ، ففي ذاكرتي أنني كنت دائما أقوم بتحكيم المباريات بين أولاد الحارة ، الذين كنت أنا من يقسمهم إلى فريقين ، وعندما تكون المباراة بين حارتين كنت أحجز مكان الحكم .. وفي المدرسة كنت كثيراً ما أساعد الأساتذة الحكام ، قبل أن أخذ لاحقاً مكان الأستاذ في كرة القدم وغيرها. - وأذكر هنا معلم الرياضة ، الأستاذ المرحوم ادريس الشريف ، الذي أضفى عليّ صفة حكم في أكثر من مناسبة ، وفي المرحلة الثانوية كان لقائي لسنة مع الأستاذ المرحوم إسماعيل أبو رجب في مدرسة الحسين ، الذي كان أحد الحكام المعروفين ، ليأتي اللقاء مع كبير الحكام الحاج أحمد الناجي في المدرسة الإبراهيمية ، التي تعلمت فيها الكثير، حيث كان للناجي الأثر البالغ في صقل شخصيتي كحكم ، وكمعارض مجاهر لتيارين متخاصمين لا أدرك بداياته ، وأعتقد بأن كبار الرياضة في المحافظة يدركون الأمر ويتذكرونه ، وبعدها تعلمت الكثير من الحكام الأفذاذ في مصر أثناء دراستي الجامعية. - لم ألعب كرة قدم ضمن الفريق الأول لأيّ من الأندية ، وإن كنت ضمن الفريق الثاني للنادي الأهلي في بداية تأسيسه. - كانت بدايتي التحكيمية في الثمانينات من القرن الماضي ، عندما أعلنت رابطة الأندية الرياضية عن امتحان للحكام في مقر نادي هلال القدس ، فتقدمت للامتحان ، واعتمدت حكما في الدرجة الثانية ، بعد تفوقي في الامتحان ، وبعدها عُدِّلت للدرجة الثالثة ، صحبة الزملاء جويد الجعبري ، وعبد الرؤوف ابو سنينة ، وعفيف غطاشة ، وكان عمري يومها 23 سنة ، وهي بداية مبكرة لي ولبعض الزملاء ، لأنّ المعروف يومها أنّ من يتقدم لسلك التحكيم اللاعبون القدامى ، وكبار السنّ . - ليس غرورا بقدر ما هي حقيقة ، لم يتأثر تكليفي بالمباريات بدرجتي ، فكانت بدايتي في الدرجة الثالثة سنة 1980، ولكن أي بداية ؟ لقد كانت انطلاقة مظفرة ، واسندت لي إدارة مباريات مهمة وقوية وحاسمة ، أغلبها لقاءات ديربي ، مثل لقاء شباب الخليل والظاهرية ، ولقاء سلوان والهلال المقدسي ، ولقاء الثقافي والمركز ، ولقاء حطين وبلاطة ، وبعد أقل من سنتين تدرجت الى الدرجة الثانية ، وصولاً إلى الدرجة الأولى سنة 1986، وليّ الشرف أنّه لا يوجد ملعب في فلسطين - في زماني التحكيمي - لم أدر فيه مباريات. - لم أحصل على الشارة الدولية ، لأن هذه المرحلة لم تتح لحكام وطني إلا بعد اعتزالي ، ولكن حين تم ترشيحي لنيل لقب محاضر تحكيم ، في الاتحاد العربي لكرة القدم ، في تونس صحبة الزميل عبد الرؤوف السدودي سنة 2000، تم اعتمادنا كحكام دوليين ، لأن شروط الالتحاق تتضمن ذلك ، والأمر نفسه عند ترشيحي مع المرحوم راسم يونس والسدودي ، لنيل لقب محاضر أسيوي في العام نفسه بدبي ، وفي الدورتين كنا أول من يحصل على لقب محاضر ، ومراقب تحكيم فلسطيني ، بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية ، وأشير هنا إلى أننا زاملنا في الدورتين حكام دوليين معروفين ، كالحكم جمال الشريف ، المعلق التحكيمي للبي ان سبورت ، والمحاضر الدولي الأردني عمر بشتاوي . - اعتزلت التحكيم مبكرا سنة 1995، وكان عمري 38 عاما ، وهذه تمثل البداية عند غيري ، وذلك بسبب التحاقي بالعمل في الشباب والرياضة ، وبنصيحة من بعض الأخيار من زملاء العمل ، حفاظاً على طبيعة الوظيفة ، وعلى شخصي . - الحمد لله صنفت محاضراً في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم منذ اعتزالي ، ومارست ذلك بين سنتي 1995 و 2017 ، وأتشرف بكوني صاحب فكرة المدرسة الفلسطينية للحكام منذ العام 1999، وأتشرف بتسلمي ملف الحكام في الاتحاد الفلسطيني ، أثناء عضويتي فيه حتى العام 2002 ، ومسئوليتي في دائرة الحكام في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ، بين سنوات 2011 و2014 ، وبكوني ساهمت في إعداد أجيال من الحكام في رحلة العمر، ومنهم من أصبحوا محاضرين ، وإن كانوا قلة. - وقد تفضل الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا ، عبر لجنة الحكام الدولية برئاسة كولينا ، وضمن ترشيح من المراقب العام لحكام الفيفا الفلسطيني كمال الناجي بمنحي الشارة الدولية الشرفية للعام 2019 ، بعد نشاطات ، ومراقبات ، وأبحاث ، وسيرة ذاتية ، وترتب على ذلك اعتمادي مساعدا لمراقب عام حكام الفيفا ، الدكتور كمال الناجي ، حيث أعمل ضمن طاقمه ، في مراقبة وتقييم الحكام العرب ، وبعض الحكام الأجانب ، من المرشحين للتحكيم الدولي ، عبر تقنية مراقبة الفيديو ، وقد تشرفت بتقديم واجب التقييم للكثيرين ، وقد سبقني في الحصول على الشارة الشرفية من فلسطين ، الزميل جويد الجعبري في العام 2018. - أحمد الله أنني عملت في سلك التحكيم مع مجموعة متميزة من الحكام ، ومن الظلم عدم ذكرهم جميعا ، وللعلم ففي أيامنا لم يكن هناك طواقم مدمجة من عدة مناطق ، وإنما كان الطاقم إما خليليا ، أو كرميا ، أو مقدسيا ، أو ريحاويا ، أو غزاويا .. ولم يكن هناك تصنيف لمهام الحكام ، بين حكم ساحة ، وحكم مساعد ، وعليه أستطيع القول أنّ أفضل طاقم تحكيمي عملت معه كان يتكون من عبد الرؤوف ابو سنينة ، وعفيف غطاشة وأنا ، ويعتبر هذا الطاقم من أكثر الطواقم التحكيمية شهرة واحتراما . - الحمد لله أعتز بكوني قدت مباريات كثيرة ، ولكن هناك مباريات تشكل محطات في مسيرتي ، ومنها نهائي القطاع ، بين رياضي غزة وشباب رفح في دوري 1985، وكان الدوري لمن يفوز بنتيجتها ، ويومها انتهت المباراة بالتعادل ، ففاز بالدوري خدمات الشاطئ . - أعتز بصداقات كثيرة مع لاعبي بلادي ، وأقدر علاقتي بالنجم حازم صلاح ، كأفضل لاعب حكمت له ، وهناك آخرون لا يتسع المجال لتعديدهم ، وكلهم حاضرون في ذهني تماما. - خلال عملي كحكم كنت أشعر باحترام بالغ من اللاعبين ، وربما يعود هذا الشعور كونهم يعلمون مسبقاً بانهم أمام حكم مؤهل ، يحمل لقب محامي ، وأحيانا كانت هناك مناقشات حادة ، نتيجة مطالبات اللاعبين التي لا تنتهي ، ولكن كنت أملك الحنكة والحزم اللازم ، الذي مكنني من تجاوز كثير من الصعاب ، ولكن الحمد لله لم أتعرض للاعتداء البدني طيلة مسيرتي التحكيمية. - ولا أنكر أنني في البدايات كنت أتعرض لشيء من الضغوط ، من بعض قادة العمل الرياضي حينها قصد تعديل تقارير المباريات ، ولمّا أدرك هؤلاء بأن مثل هذا الأمر من أكبر الكبائر المرفوضة عندي ، أدركوا أن المباريات التي يقودها الشريف ، لا يمكن إلا أن يكون تقريرها هو الحقيقة ، أيّاً كان المتدخل. - أفضل الحكام الحاليين فلسطينياً محمد بدير واسحق الكيلاني ، وعماد بوجه ، وبراء ابو عيشه ، ويزيد ابو عرقوب ، وناصر البلبول ، وخلدون ابو قبيطه ، وفاروق عاصي ، وجميعهم تشرفت بعضويتي في الطاقم ، الذي أشرف على صقلهم لدى عملي في دائرة الحكام ، ومن غزة هاشم ، هناك سامي القصاص ، وأشرف زملط ، ومن فلسطينيي الشتات المحكمة هبه سعدية . - وتذخر الساحة العربية حاليا بكوادر تحكيمية تبشر بنهضة تحكيمية ، تحاكي نهضة سابقة ، أبرزت علي بن ناصر، وجمال الشريف ، وعلى بوجسيم ، وجمال الغندور، والمرحوم سعيد بلقوله وغيرهم ، ومن هؤلاء من تمت معرفته من خلال الفيديو كالمصريين محمود البنا ، وجهاد ابو جريشه ، والاماراتيين سلطان المرزوقي ، ومحمد عبد الله حسن ، والكويتي عمار السناني ، والليبي مصطفى يرغال ، والأردني أدهم مخادمة ، والعراقي مهند قاسم ، والسعودي فهد المرداسي ، والسوداني فاضل محمد ، والتونسي صادق السالمي ، والبحرانيين محمد جمال ، ونواف شكر الله ، والجزائري مهدي عبيد ، والقطري عبد الرحمن جاسم ، والمغربي رضوان جيّاد . - أما قائمة أفضل الحكام الدوليين حالياً فتشمل الاوزبكي رفشان، والنمساوي بلانكي دافو ، والياباني سييو ، والنرويجي ستيفن ، والنيوزلندي كرستوف. - من الحكام الذين أتوقع لهم مستقبلا في التحكيم الفلسطيني معاذ عوفي ، ومحمد الخطيب ، ومحمد ابو شهلا. - الفرق كبير بين حكام زمان وحكام اليوم ، وأعتقد بأن احترام الذات ، والاعتماد على النفس ، هو ما يميز حكام زمان ، وإن كان حكم اليوم يتميز بخضوعه للتأهيل ، والتعليم التكنولوجي الدقيق جدا. - لا ، أبدأ ..لست نادماً على اختياري مجال التحيكم ..بالعكس أنا سعيد جداً بعملي في سلك التحكيم ، الذي يعتبر من أهم محطات حياتي فخراً، وأعتقد بأن ما قدمته في ساحة التحكيم ، لا يقل نهائيا عن القيمة التي تحتل نفسي ، في مجال تدريسي في كليات الحقوق للقانون المدني ، الذي برزت فيه كمتخصص ، بعد حصولي على الدكتوراه من جامعة القاهرة في جمهورية مصر العربية. - لا شك أنّه على الإعلام الرياضي مساعدة الحكم وانصافه ، لأهمية دوره في تطوير اللعبة ، وكثيرا ما كانت شهرة حكم نابعة من تسليط الضوء عليه ، ولكن هناك من الحكام من كان ضحية منافسة إعلامي متحيز ، لم تعجبه قرارات الحكم ، ولو كانت صحيحة ، لأنها ببساطة لا توافق مع مصلحة فريقه المفضل ، وخاصة عند بعض الإعلاميين غير الموضوعيين ، ولكن بالمجمل العام فإن الإعلام الفلسطيني قام بدوره ، وكان مساندا للتحكيم في أغلبية المراحل. - قائمة أفضل عشرة حكام ساحة فلسطينيين من مختلف الأجيال ، ومن كل المحافظات - بالنسبة لي - تضم أحمد الناجي ، وكمال الناجي ، وعبد الرؤوف السدودي ، وعبد الرحيم بهجت ، وعبد الرؤوف أبو سنينة ، وابراهيم أبو العيش ، والمرحوم صايل سعيد ، وطارق النقيب ، ووليد الصالحي ، وعبد القادر عيد ، وجواد عاصي ، وأعتقد عبد الناصر الشريف ، وهؤلاء ممن عاصرتهم وشاهدت لهم مباريات. - من القصص الطريفة التي شاهدتها في الملاعب ما حصل في ملعب المطران قبل اعتزالي بقليل ، بعد قول المرحوم " أبو باسم " ، وهو من أشد مناصري أحد الفرق المقدسية : " فش لُعب " بلهجة أهل القدس الحبيبة ، وفعلا انتهت المباراة بقراره ، لا بقراري كحكم . - وأذكر حكاية أخرى بعد الاعتزال بسنين ، أثناء حضوري احدى مباريات الدوري ضمن المتفرجين ، ومن شدة حنق أحد المتفرجين الغاضبين ، سمعته يترحم على تحكيم زمان ، ويذكر أسمي من بين من ترحم عليهم ، دون إدراكه لما تفعل الأيام بأشكال البشر، وكان بصحبتي يومها بعض زملاء التحكيم المعتزلين. - في الختام لا بدّ من القول : إنّه إذا أردنا مزيدا من التطوير لكرة القدم الاحترافية ، فهناك ضرورة ملحة لتطوير قطاع التحكيم الاحترافي ، بطرق غير تقليدية ، والتجربة اليابانية مثال. - ولا بدّ أيضاً من تقديم الشكر لك أخي فايز ، على عملك المقدر في بعث الذاكرة الرياضية الفلسطينية من جديد ، وعمل أرشيف رياضي موثق .
- اسمي عبد الناصر صبحي الشريف" أبو خالد " من مواليد الخليل يوم 1/1/1957 ، ولقبي " الحكم الشريف " ، وأول من أطلق عليّ هذا اللقب الصحفي بدر مكي ، عندما كتب " الحكم الشريف - عبد الناصر الشريف " وبعدها عرفت به. - لست أدري إن كان عدم بروزي كلاعب ، أم هي موهبة من الله دفعني لحفظ قوانين الألعاب المختلفة مبكراً ، وتقمصي شخصية الحكم منذ نعومة أظافري ، ففي ذاكرتي أنني كنت دائما أقوم بتحكيم المباريات بين أولاد الحارة ، الذين كنت أنا من يقسمهم إلى فريقين ، وعندما تكون المباراة بين حارتين كنت أحجز مكان الحكم .. وفي المدرسة كنت كثيراً ما أساعد الأساتذة الحكام ، قبل أن أخذ لاحقاً مكان الأستاذ في كرة القدم وغيرها. - وأذكر هنا معلم الرياضة ، الأستاذ المرحوم ادريس الشريف ، الذي أضفى عليّ صفة حكم في أكثر من مناسبة ، وفي المرحلة الثانوية كان لقائي لسنة مع الأستاذ المرحوم إسماعيل أبو رجب في مدرسة الحسين ، الذي كان أحد الحكام المعروفين ، ليأتي اللقاء مع كبير الحكام الحاج أحمد الناجي في المدرسة الإبراهيمية ، التي تعلمت فيها الكثير، حيث كان للناجي الأثر البالغ في صقل شخصيتي كحكم ، وكمعارض مجاهر لتيارين متخاصمين لا أدرك بداياته ، وأعتقد بأن كبار الرياضة في المحافظة يدركون الأمر ويتذكرونه ، وبعدها تعلمت الكثير من الحكام الأفذاذ في مصر أثناء دراستي الجامعية. - لم ألعب كرة قدم ضمن الفريق الأول لأيّ من الأندية ، وإن كنت ضمن الفريق الثاني للنادي الأهلي في بداية تأسيسه. - كانت بدايتي التحكيمية في الثمانينات من القرن الماضي ، عندما أعلنت رابطة الأندية الرياضية عن امتحان للحكام في مقر نادي هلال القدس ، فتقدمت للامتحان ، واعتمدت حكما في الدرجة الثانية ، بعد تفوقي في الامتحان ، وبعدها عُدِّلت للدرجة الثالثة ، صحبة الزملاء جويد الجعبري ، وعبد الرؤوف ابو سنينة ، وعفيف غطاشة ، وكان عمري يومها 23 سنة ، وهي بداية مبكرة لي ولبعض الزملاء ، لأنّ المعروف يومها أنّ من يتقدم لسلك التحكيم اللاعبون القدامى ، وكبار السنّ . - ليس غرورا بقدر ما هي حقيقة ، لم يتأثر تكليفي بالمباريات بدرجتي ، فكانت بدايتي في الدرجة الثالثة سنة 1980، ولكن أي بداية ؟ لقد كانت انطلاقة مظفرة ، واسندت لي إدارة مباريات مهمة وقوية وحاسمة ، أغلبها لقاءات ديربي ، مثل لقاء شباب الخليل والظاهرية ، ولقاء سلوان والهلال المقدسي ، ولقاء الثقافي والمركز ، ولقاء حطين وبلاطة ، وبعد أقل من سنتين تدرجت الى الدرجة الثانية ، وصولاً إلى الدرجة الأولى سنة 1986، وليّ الشرف أنّه لا يوجد ملعب في فلسطين - في زماني التحكيمي - لم أدر فيه مباريات. - لم أحصل على الشارة الدولية ، لأن هذه المرحلة لم تتح لحكام وطني إلا بعد اعتزالي ، ولكن حين تم ترشيحي لنيل لقب محاضر تحكيم ، في الاتحاد العربي لكرة القدم ، في تونس صحبة الزميل عبد الرؤوف السدودي سنة 2000، تم اعتمادنا كحكام دوليين ، لأن شروط الالتحاق تتضمن ذلك ، والأمر نفسه عند ترشيحي مع المرحوم راسم يونس والسدودي ، لنيل لقب محاضر أسيوي في العام نفسه بدبي ، وفي الدورتين كنا أول من يحصل على لقب محاضر ، ومراقب تحكيم فلسطيني ، بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية ، وأشير هنا إلى أننا زاملنا في الدورتين حكام دوليين معروفين ، كالحكم جمال الشريف ، المعلق التحكيمي للبي ان سبورت ، والمحاضر الدولي الأردني عمر بشتاوي . - اعتزلت التحكيم مبكرا سنة 1995، وكان عمري 38 عاما ، وهذه تمثل البداية عند غيري ، وذلك بسبب التحاقي بالعمل في الشباب والرياضة ، وبنصيحة من بعض الأخيار من زملاء العمل ، حفاظاً على طبيعة الوظيفة ، وعلى شخصي . - الحمد لله صنفت محاضراً في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم منذ اعتزالي ، ومارست ذلك بين سنتي 1995 و 2017 ، وأتشرف بكوني صاحب فكرة المدرسة الفلسطينية للحكام منذ العام 1999، وأتشرف بتسلمي ملف الحكام في الاتحاد الفلسطيني ، أثناء عضويتي فيه حتى العام 2002 ، ومسئوليتي في دائرة الحكام في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ، بين سنوات 2011 و2014 ، وبكوني ساهمت في إعداد أجيال من الحكام في رحلة العمر، ومنهم من أصبحوا محاضرين ، وإن كانوا قلة. - وقد تفضل الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا ، عبر لجنة الحكام الدولية برئاسة كولينا ، وضمن ترشيح من المراقب العام لحكام الفيفا الفلسطيني كمال الناجي بمنحي الشارة الدولية الشرفية للعام 2019 ، بعد نشاطات ، ومراقبات ، وأبحاث ، وسيرة ذاتية ، وترتب على ذلك اعتمادي مساعدا لمراقب عام حكام الفيفا ، الدكتور كمال الناجي ، حيث أعمل ضمن طاقمه ، في مراقبة وتقييم الحكام العرب ، وبعض الحكام الأجانب ، من المرشحين للتحكيم الدولي ، عبر تقنية مراقبة الفيديو ، وقد تشرفت بتقديم واجب التقييم للكثيرين ، وقد سبقني في الحصول على الشارة الشرفية من فلسطين ، الزميل جويد الجعبري في العام 2018. - أحمد الله أنني عملت في سلك التحكيم مع مجموعة متميزة من الحكام ، ومن الظلم عدم ذكرهم جميعا ، وللعلم ففي أيامنا لم يكن هناك طواقم مدمجة من عدة مناطق ، وإنما كان الطاقم إما خليليا ، أو كرميا ، أو مقدسيا ، أو ريحاويا ، أو غزاويا .. ولم يكن هناك تصنيف لمهام الحكام ، بين حكم ساحة ، وحكم مساعد ، وعليه أستطيع القول أنّ أفضل طاقم تحكيمي عملت معه كان يتكون من عبد الرؤوف ابو سنينة ، وعفيف غطاشة وأنا ، ويعتبر هذا الطاقم من أكثر الطواقم التحكيمية شهرة واحتراما . - الحمد لله أعتز بكوني قدت مباريات كثيرة ، ولكن هناك مباريات تشكل محطات في مسيرتي ، ومنها نهائي القطاع ، بين رياضي غزة وشباب رفح في دوري 1985، وكان الدوري لمن يفوز بنتيجتها ، ويومها انتهت المباراة بالتعادل ، ففاز بالدوري خدمات الشاطئ . - أعتز بصداقات كثيرة مع لاعبي بلادي ، وأقدر علاقتي بالنجم حازم صلاح ، كأفضل لاعب حكمت له ، وهناك آخرون لا يتسع المجال لتعديدهم ، وكلهم حاضرون في ذهني تماما. - خلال عملي كحكم كنت أشعر باحترام بالغ من اللاعبين ، وربما يعود هذا الشعور كونهم يعلمون مسبقاً بانهم أمام حكم مؤهل ، يحمل لقب محامي ، وأحيانا كانت هناك مناقشات حادة ، نتيجة مطالبات اللاعبين التي لا تنتهي ، ولكن كنت أملك الحنكة والحزم اللازم ، الذي مكنني من تجاوز كثير من الصعاب ، ولكن الحمد لله لم أتعرض للاعتداء البدني طيلة مسيرتي التحكيمية. - ولا أنكر أنني في البدايات كنت أتعرض لشيء من الضغوط ، من بعض قادة العمل الرياضي حينها قصد تعديل تقارير المباريات ، ولمّا أدرك هؤلاء بأن مثل هذا الأمر من أكبر الكبائر المرفوضة عندي ، أدركوا أن المباريات التي يقودها الشريف ، لا يمكن إلا أن يكون تقريرها هو الحقيقة ، أيّاً كان المتدخل. - أفضل الحكام الحاليين فلسطينياً محمد بدير واسحق الكيلاني ، وعماد بوجه ، وبراء ابو عيشه ، ويزيد ابو عرقوب ، وناصر البلبول ، وخلدون ابو قبيطه ، وفاروق عاصي ، وجميعهم تشرفت بعضويتي في الطاقم ، الذي أشرف على صقلهم لدى عملي في دائرة الحكام ، ومن غزة هاشم ، هناك سامي القصاص ، وأشرف زملط ، ومن فلسطينيي الشتات المحكمة هبه سعدية . - وتذخر الساحة العربية حاليا بكوادر تحكيمية تبشر بنهضة تحكيمية ، تحاكي نهضة سابقة ، أبرزت علي بن ناصر، وجمال الشريف ، وعلى بوجسيم ، وجمال الغندور، والمرحوم سعيد بلقوله وغيرهم ، ومن هؤلاء من تمت معرفته من خلال الفيديو كالمصريين محمود البنا ، وجهاد ابو جريشه ، والاماراتيين سلطان المرزوقي ، ومحمد عبد الله حسن ، والكويتي عمار السناني ، والليبي مصطفى يرغال ، والأردني أدهم مخادمة ، والعراقي مهند قاسم ، والسعودي فهد المرداسي ، والسوداني فاضل محمد ، والتونسي صادق السالمي ، والبحرانيين محمد جمال ، ونواف شكر الله ، والجزائري مهدي عبيد ، والقطري عبد الرحمن جاسم ، والمغربي رضوان جيّاد . - أما قائمة أفضل الحكام الدوليين حالياً فتشمل الاوزبكي رفشان، والنمساوي بلانكي دافو ، والياباني سييو ، والنرويجي ستيفن ، والنيوزلندي كرستوف. - من الحكام الذين أتوقع لهم مستقبلا في التحكيم الفلسطيني معاذ عوفي ، ومحمد الخطيب ، ومحمد ابو شهلا. - الفرق كبير بين حكام زمان وحكام اليوم ، وأعتقد بأن احترام الذات ، والاعتماد على النفس ، هو ما يميز حكام زمان ، وإن كان حكم اليوم يتميز بخضوعه للتأهيل ، والتعليم التكنولوجي الدقيق جدا. - لا ، أبدأ ..لست نادماً على اختياري مجال التحيكم ..بالعكس أنا سعيد جداً بعملي في سلك التحكيم ، الذي يعتبر من أهم محطات حياتي فخراً، وأعتقد بأن ما قدمته في ساحة التحكيم ، لا يقل نهائيا عن القيمة التي تحتل نفسي ، في مجال تدريسي في كليات الحقوق للقانون المدني ، الذي برزت فيه كمتخصص ، بعد حصولي على الدكتوراه من جامعة القاهرة في جمهورية مصر العربية. - لا شك أنّه على الإعلام الرياضي مساعدة الحكم وانصافه ، لأهمية دوره في تطوير اللعبة ، وكثيرا ما كانت شهرة حكم نابعة من تسليط الضوء عليه ، ولكن هناك من الحكام من كان ضحية منافسة إعلامي متحيز ، لم تعجبه قرارات الحكم ، ولو كانت صحيحة ، لأنها ببساطة لا توافق مع مصلحة فريقه المفضل ، وخاصة عند بعض الإعلاميين غير الموضوعيين ، ولكن بالمجمل العام فإن الإعلام الفلسطيني قام بدوره ، وكان مساندا للتحكيم في أغلبية المراحل. - قائمة أفضل عشرة حكام ساحة فلسطينيين من مختلف الأجيال ، ومن كل المحافظات - بالنسبة لي - تضم أحمد الناجي ، وكمال الناجي ، وعبد الرؤوف السدودي ، وعبد الرحيم بهجت ، وعبد الرؤوف أبو سنينة ، وابراهيم أبو العيش ، والمرحوم صايل سعيد ، وطارق النقيب ، ووليد الصالحي ، وعبد القادر عيد ، وجواد عاصي ، وأعتقد عبد الناصر الشريف ، وهؤلاء ممن عاصرتهم وشاهدت لهم مباريات. - من القصص الطريفة التي شاهدتها في الملاعب ما حصل في ملعب المطران قبل اعتزالي بقليل ، بعد قول المرحوم " أبو باسم " ، وهو من أشد مناصري أحد الفرق المقدسية : " فش لُعب " بلهجة أهل القدس الحبيبة ، وفعلا انتهت المباراة بقراره ، لا بقراري كحكم . - وأذكر حكاية أخرى بعد الاعتزال بسنين ، أثناء حضوري احدى مباريات الدوري ضمن المتفرجين ، ومن شدة حنق أحد المتفرجين الغاضبين ، سمعته يترحم على تحكيم زمان ، ويذكر أسمي من بين من ترحم عليهم ، دون إدراكه لما تفعل الأيام بأشكال البشر، وكان بصحبتي يومها بعض زملاء التحكيم المعتزلين. - في الختام لا بدّ من القول : إنّه إذا أردنا مزيدا من التطوير لكرة القدم الاحترافية ، فهناك ضرورة ملحة لتطوير قطاع التحكيم الاحترافي ، بطرق غير تقليدية ، والتجربة اليابانية مثال. - ولا بدّ أيضاً من تقديم الشكر لك أخي فايز ، على عملك المقدر في بعث الذاكرة الرياضية الفلسطينية من جديد ، وعمل أرشيف رياضي موثق .