إستراتيجية وطنية للرياضة الفلسطينية طموح واستحقاق
كتبت د. سبأ جرار / جنين
الطريق الذي يصل بين نقطتين ، أولهما أين نحن، والثانية أين سنصل ، هذا باختصار التعريف البسيط المتعارف عليه حول التخطيط الاستراتيجي وأهمية اللجوء له في مراحل إدراك المؤسسات والمنظمات الأهلية والرسمية أنها غير مكتفية بأدائها، اوقلقة من المستقبل والمنجزات المتوقعة التي قد لا ترضي طموحها،مما يستوجب إعادة العمل من خلال رؤيتها لتحقيق شكل المنتج الذي تسعى له.
ان ما حققته المنظومة الرياضية الفلسطينية ، كان ضمن سياق التأثر بالواقع السياسي الذي فرض مجموعة من التحديات والمعيقات جعلت الانجاز مرتبط بمدى التمكن من مواجهة تلك المعيقات ، تارة بالمقاومة المحلية والأدوات التخصيصة التي اكتسبت سمة إدارة الصراع، وأخرى باللجوء للقانون الدولي والاحتكام للمجتمع الدولي ممثل بمنظماته لتحمل مسؤوليته اتجاه أعضاءه ، ولقد برعت الدبلوماسية الرياضية في تحقيق تقدم يشهد له في تغيير مفهوم التمثيل الفلسطيني بالاتحادات الإقليمية والقارية ، والملعب البيتي ، كذلك ما تم للآن على صعيد اللجنة الدولية لتقصي الحقائق حول الانتهاكات الاسرائيلية بحق الرياضة الفلسطينية والمنبثقة عن قرارالمؤتمر السادس والستين للاتحاد الدولي لكرة القدم.
والحقيقة التي لابد ان نعترف بها الان ، وبعد الانجازات الكبيرة للرياضة الفلسطينية ، وما انعكس عنها من تغييرفي الاتجاهات نحو الرياضة، وإدراك إغراءات العمل بها ،ان هناك فجوة أدت لاستبعاد قلة أو كثرة ممن كان لهم دوافع ايجابية اتجاه العمل الرياضي ،ويمتلكون إمكانات تخصصية قادرة على الإثراء والتكاملية في الأداء، ولكن تعدد الجهات التي تسعى لاستثمار الانجازات ، و تحميل الرياضة الفلسطينية توابع التجذابات السياسية جعلت البعض يرى نفسه خارج الدائرة ، مما يقتضي البحث في مدى عمق هذه الفجوة واستئصال مبرراتها.
أن المنظومة الرياضية الفلسطينية مطالبة بتحمل مسؤوليتها اتجاه الحفاظ على انجازاتها اولأ ، وترسيخ دور ألرياضة الوطنية وطنيا ودوليا ،وأداؤها المتوقع اتجاه 30 %من سكان فلسطين وهم الشباب ، فهذه أهم أولويات الرياضة الفلسطينية حماية الشباب من كل ما يتعرضون له من إحباط وقمع لأحلامهم ، وتحديد مدى رؤيتهم ، وإغراقهم بسلوكيات بدأت تنعكس بشكل مباشر على الواقع الصحي والإنتاجي الفلسطيني.
والمجتمع الفلسطيني وخاصة الرياضيين ومن يدركون تفاصيل العمل الرياضي مطالبون بمسؤولية التفكير الوطني الصادق باتجاه ما تتجه له الأمور في هذه الأيام ، وأن يكون هذا التفكير جامع للمصلحة العامة والمصلحة الخاصة ، فدائرة اللغط الكبير الذي ندفع باتجاهه من قبل أشخاص قد يكونوا ذكروا الحق، لكنهم حددوه بالمصلحة الخاصة، ولم يلبسوه عباءة المصلحة العامة الأوسع والأكبر،، وسأطرحها من حيث أشار المقال في معا حول هبوط نادي سلوان ، والزوبعة التي أثيرت ، والتي وصلت حد الرغبة للتوجه لسيادة الرئيس لطرح ذلك !!، والاخطرمن ذلك انه ورد ان النادي سيتوجه للاتحادات العربية والأسيوية...
هنا أقول، يجب على كل من له مظلومية في ميدان الرياضة من حيث التشكيك في نتائج التنافس ، ان يراعي ويوازن عند إعلاء صوته ومطالبته بحقه المصلحة العامة التي لا تخدش صورة نهوضنا الرياضي، وبين المطالبة بحقه وفق القانون والمرجعيات، هذا حتما سيجنبنا كارثة وطنية ، ويمنع تقزيم وجه من أوجه المقاومة الفلسطينية والتي ارتدت ثوب الرياضة على امتداد عقود ، وحاربت باسم القدس وملعب المطران ومهرجان البصة وارض البريد وملعب الحسيني.
ان العمل على إستراتيجية وطنية تتجاوب مع طموحنا وأهدافنا ، تنطلق من نقطة الاعتراف الصريح أين نحن وكيف نتجه لنصل حيث نريد ، وتثمن عاليا الجهود التي بذلت لوضع فلسطين على الخارطة الدولية والقارية كدولة يقف العالم لسماع نشيدها الوطني بفخر وكبرياء الفدائي ، والذي يهز صداه أركان دولة الاحتلال التي تقود حرب خفية لزعزعة تواجدنا في الاتحادات الدولية وأهمها الفيفا ، آن لنا ان نندفع بالعمل بوطنيتنا فقط، والوطنية لا تعترف سوى بعدو واحد هو الاحتلال ، والانتماء لايعني سوى إخلاص باتجاه واحد هو فلسطين ، وهذا لايجتمع سوى تحت علم غنت له الدنيا في الجزائر.
لنقيم أداؤنا ونوجه طاقاتنا نحو رفعة الرياضة محور حديثنا ولنبحث عن طرق واضحة وشريفة لتصفية حسابات رفض عجزنا أمام نجاحات الآخرين ، تتسع الارض لكل من يعمل وتحتاج الرياضة لكل من يمتلك أجندة وطنية رياضية ومؤهلات تمكنه من الشراكة وتحقيق آداء يليق بطموح شعبنا.
ولنتحمل مسؤولية العمل على وضع إستراتيجية وطنية تمتلك من المقومات التي تليق بما حققته الرياضة الفلسطينية على مدى مئة عام من النضال ، وتكون مؤهلة لتحقيق المسافة الأقصر بين أين نحن وأين ننتجه، وترتكز على ما يلي:
اولأ :تشكيل فريق وطني بمعايير رياضية ،يمتلك من قدرات الاختصاص ما يؤهله للإبداع وليس تكريس صورنمطية.
ثانيا : تحديد دعامة هذه الإستراتيجية القائمة على الأطفال والشباب.
ثالثا : تبني مبادئ ألمشاركة ، الإشهار ، الديمومة ، التميز ، العدالة ، في الفعل الرياضي.
رابعا : العمل بمخطط زمني لا يقل عن الثماني سنوات لإحداث تغيير تراكمي في بناء وأداء عمل الاتحادات و البرامج الرياضية.
خامسا : الانفتاح على العالم الخارجي برؤية وطنية رياضية من خلال تثبيت صيغ شعبية خاصة بفلسطين تعزز الانتماء والفخر الوطني.
سادسا : العمل على ترسيخ مفهوم الرياضة كإحدى أدوات السلم الداخلي وتحقيق التنمية المستدامة.
سابعا : صياغة هوية رياضية فلسطينية تنطلق من الإيمان بالنموذج الفلسطيني وتسعى لتدويله.