شريط الأخبار

ملك البطولات

ملك البطولات
بال سبورت :  

كتب فايز نصار/ الخليل

لا بد من واد النيص، وان طال الزمن، ومن يشرب من العيون النيصية سيعود شوقا لسلسبيلها يوما ... لم يقل ليّ الربع كلاما مثل هذا ، ولكن زيارتي الأولى للقرية عندما فاز الفرسان التلاحمة بباكورة بطولاتهم ، كانت بداية الحكاية ، المرصعة بالأمجاد الجديدة ، والتي قد لا تنتهي بالاحتفال الكبير في القرية الصغيرة ، مساء الجمعة الماضي .

إذا أذكرتني البطولات واد النيص، وان كنت غير ناسي ، تماما كما أذكرت القرية "التي لم تصبح عزلاء منسية" ممثلي الوسط الرياضي الفلسطيني، ممن تكررت زياراتهم الى القرية الشامخة ، للتهنئة ببطولات ، وصل عددها إلى سبع ، في زمن قياسي .

انه الزمن النيصي الفلسطيني، حرق أبناء الواد مراحله، بكل كفاءة واقتدار، كما حرقوا العناصر الأساسية للقصة التقليدية.. فالمكان عنصر آخر لم يخطر ببال النيصة، أو إن شئت الأنياص .. قرية فلسطينية ترابط قرب الطريق الفلسطيني، المتعرج بين القدس والخليل ، يقف رفاق النيصي الأكبر أبو علي على سفح القرية بشبابة تعزف اللحن الفلسطيني الأصيل ، ولا مكان هناك لأفرات وشقيقاتها المغتَصبات، من المستوطنات الطارئة، التي يحاول الغرباء، أن يجعلوها تحجب الرؤيا عن القرية، التي "فزت" من النوم باكرا، وخرجت تقارع الغرباء بسلاح فلسطيني، وصلت أصداؤه إلى المستر بلاتر، الذي خص أبو عماد وصحبه الكرام بتحية خاصة، في رسالة لكبير العائلة الرياضية، أبو رامي !

هي حكاية نيصية، تعبق بنكهة الطابون الفلسطيني، حكاية حالمة، ولكنها ليست رومنسية، بل واقعية .. البطولة فيها لكل أبناء القرية، وبالكاد يصل عددهم إلى الألف، ومن هذا الألف طلع أبناء الكتيبة الزرقاء ، ينثرون العبق الكروي في كل مكان ، ويسمعون المحافظات الأكبر، والمدن الأكثر صخبا صوت القرية الصغيرة !

إنها القصة النيصية، حروفها مضرجة بالتضحيات البطولية، وملامحها مزركشة بالمثل الفلسطينية، بسيطة في تجليها ، عريقة في مفرداتها الوطنية .

إنها الحكاية النيصية ...يصدمك الحاجز الطيار قبل الوصول اليها، يأخذك الحنين منها إلى المعصرة عند بواباتها .. الطريق إلى قمتها جبلي ضيق، ولكن القلب واسع، والحلم كبير ... في ملعب مدرسة ثانوية ليست عتيقة يصنع " الفطبول" الحدث ... فيأتي مدير التربية التلحمي، ليعلن عن الصف التوجيهي الأول في السنة القادمة ، لأن فرسان واد النيص جلبوا الجائزة لقريتهم ، وحلبوا في أنية الجميع ، فلعب الجلد المنفوخ لعبته ، ولست أدري أكان هذا الجمع الطيب سيلتقي في القرية لو لم يكن لواد النيص سفيرها الكروي "ملك البطولات" الذي وصلت أصداء مجده إلى عاصمة الضباب ، غربا بزيارة قد تكون قريبة وعد بها سفيرنا في لندن، والى عاصمة الساموراي شرقا ، قد تكون قبل تفتح التين والعنب .

في البداية ظن الجمع أن الأمرمن باب المفاجآت، وان واد النيص مجرد حصان أسود، لأن للبطولات قواها التقليدية، ولكن هذه القوى التقليدية أجمعت على رفع القبعات، وصفقت بحرارة لجماعة أبو علي عندما أصبح الأمر تقليدا ... وعندما أصبح للقرية التلحمية مدرسة كروية، تقدم كرة تسحر القلوب، السهل الممتنع ،عنوانها الأول، والفوز المقنع عنوانها الأخير .

ولا تسأل أيها الصحفي كيف يفوز واد النيص؟ او كيف استطاعت القرية التي تعترض المستوطنة مقارعة الكبار، وسحب البساط من تحت أقدامهم ؟ لا تسأل أخي لماذا وكيف حقق النيصة كل هذه المعجزات ، بعيدا عن الميكنيزمات الرياضية المألوفة ؟ فكلمة السر في واد النيص أن الجميع على قلب رجل واحد .. والأمر هناك القليل من الكلام ، والكثير من العمل ، تحفزا لفوز جديد في كل بطولة ، حتى اجمع الربع على أن واد النيص أصبح " ملك البطولات "!

مواضيع قد تهمك