الدوري الجديد
كتب فايز نصار / الخليل
حتى منتصف هذا التموز، الذي تفور فيه المياه في الكوز، تكون معظم الأندية في الدول، التي تحترم قواعد المنافسة الكروية ، قد أنهت إجازتها، وعاد لاعبوها إلى المواقع التدريبية ، بإجراء الفحص الطبي الروتيني ، للاطمئنان على الحالة البدنية للاعبين ، قبل الدخول في معترك التحضير لمختلف المنافسات ، من خلال مختلف المراحل ، وفق برنامج لا يخر منه الماء !
ولا يختلف الأمر كثير في عدد من الدول العربية ، التي تمتلك قوانين تنافسية، تقترب في أبجدياتها من القوانين الأوروبية، وخاصة في دول المغرب العربي ، حيث التأثير والتأثير، يصل إلى درجة مهمة من الفعالية ... ولا أعتقد أن بيننا من يختلف في تقدم التنظيم الكروي في الدول العربية، الواقعة في شمال أفريقيا على نظيرتها التي تسكن غرب آسيا ... ودليل ذلك أن بطولات الدوري في مصر وتونس والجزائر والمغرب، وحتى ليبيا ستكون قد انطلقت، كما أعد لها قبل أن ينتصف آب اللهاب !
وأزعم أن مقارنة حالنا الكروي بحال الأوروبيين، أو بحال العرب الأفارقة أو الآسيويين سيكون إجحافا لشبابنا، ممن ينحتون في الصخر ثقوب الفجر الآتي ، وممن ينتهزون ما يخلفه الاستعمار من بقايا المسموحات ، لمحاولة التنفس في الملاعب ... وهذا مفهوم ... إذا كان الأمر لا يتعلق بكسالى يبحثون عن مسوغات تريحهم من هم الزحام ، وكثرة الأقدام ، ولسعات الأقلام ... نعم إنه مفهوم إذا كان الأمر لا يتعلق بأناس يستريحون بتعليق كل خطايا هذا الكون على شماعة الاحتلال!
في قصيدة سرحان والماسورة ، التي أبدعها أستاذنا الراحل توفيق زياد ، وصدحت بها فرقة أغاني العاشقين الفلسطينية، يحتار سرحان في أمر الحل، لأن أنيابه لا تكفي، ولا يكفي رصاص البندقية .. فما الآمر إذا .. الأمر : "فكر وتدبر" ... وفعلا يفكر سرحان، ويجد الحل، بتفجير أنبوبة بترول بتل الحارثية !!
إذا ... ليس على بصيرة من الأمر من يتوقع أن الاحتلال سيفرش لنا دروب الحرير ، ويوزع علينا المكارم .. فالحق أن الاحتلال يحاول أن يختلس منا كل شيء ، ويمنعنا من انجاز أيّ فعل يمكن أن يساهم في إحياء مواريثنا ، ويسهم في رسم شخصيتنا الوطنية ، ويجعل العالم يقدر عطاءاتنا !
من هنا يجب على اتحاد الكرة – وأظنه يسعى لذلك – أن يُسرع خطوات الإعداد للدوري العام ، لأن بطولة الدوري ، التي تقوم على تصنيف عقلاني منصف ، ستكون الواجهة لكرة القدم الفلسطينية ، وستكون الاختبار الجاد ، الذي يميز بين الكسالى ، وبين من لا يتوقفون عن العطاء .
واحسب أن لجان الاتحاد تحث الخطى للوصول إلى آلية واقعية ، تحترم قواعد المنافسة ، وتراعي القوانين والأنظمة ، وتلبي رغبات معظم الساعين لخدمة الكرة الفلسطينية ، بعيدا عن المصالح الآنية والأنانية ، وبعيدا عن حسابات الساعين إلى خدمة إغراضهم الشخصية من بوابة الجلد المنفوخ .
شخصيا سعدت لأن أعضاء الاتحاد الجديد ، وفي مقدمتهم الرئيس اللواء أبو رامي ، فتحوا قنوات واقعية للمشورة ،من خلال ورشتي العمل في الفارعة وأبو ديس، ومن خلال اتصالات بأهل الرأي في مختلف المواقع ، ومن خلال اقتراحات قدمها رياضيون، وجدوا أن من واجبهم الاطلاع بدورهم بعيدا عن الأضواء .
وليس مهما هنا الآلية التي يتفق عليه أعضاء لجنة الاتحاد، فالأهم أن يتم الاتفاق على آلية عاجلة ، حتى لا نضيع في هذا الصيف اللبن ، وحتى نحرق مرحلة هامة نقترب خلالها من مستوى الجوار العربي ، وحتى لا يتواصل غطيط الأندية ... فالمهم أن ينطلق قطار الدوري بأية آلية، ففي الحركة بركة يا جماعة الخير !
وقبل التوافق على الآلية الجديدة أقترح شخصيا أن تراعي الآلية صعوبة التنقل بين المحافظات ، فيكون التنافس من خلال مجموعتين في الوسط والجنوب ، وفي الوسط والشمال، في المرحلة الأولى ، ثم تكون المنافسة في المرحلة الثانية ، بين أوائل المجموعتين الأولى الثانية – 7 من الوسط الشمالي ، ومثلهم من الوسط الجنوبي مثلا – ويتم تنافس على المستوى الثاني بين بقية أندية المجموعتين ، وهذه الآلية تصلح للتصنيف في جميع الدرجات ، بدءا من الدرجة الممتازة ، حتى الانتظار !
أما الاقتراح الثاني، فهو أن الآلية يجب أن تراعي العمل الذي قامت به الأندية في السنوات الماضية ، عندما كانت أندية أخرى تغط في نوم عميق ، وذلك بان تراعي الآلية مدى اهتمام كل ناد بفرق المراحل السنية ... والاقتراح هنا أن يُفرض على جميع الأندية التنافس مع جميع الأندية في مجموعتها بفريقين في يوم واحد ، فتكون المباراة الأولى للفريق الأول ، والثانية لفريق الشباب تحت 19 أو 20 سنة ، ويكون حساب التصنيف في النهاية بناءا على نتائج الفريقين ، مع احتساب نقاط اقل لفريق الشباب .
وقد يقول قائل: إن هذه الطريقة مكلفة، وخاصة بالنسبة للمواصلات والحكام ... وهذا غير صحيح ، لأن النادي الذي يستأجر حافلة لنقل لاعبيه الى رام الله أو الى أريحا ، يمكن أن تستوعب الحافلة الفريقين ... كما أن طاقم الحكام ، الذي ينتقل من نابلس إلى بيت لحم ، يمكن أيضا أن يدير مباراتين ، بتكاليف النقل نفسها، وزيادة طفيفة في المكافأة، ثم إن الأمر يمنح الفرص لكل الحكام، ولكل اللاعبين ، ويميز الفرق التي تملك خزانا من اللاعبين، من الأندية التي تبحث عن الأمجاد بأقدام أحد عشر لاعبا فقط .
إنها مجرد اقتراحات، وأعلم أن كثيرين غيري يملكون اقتراحات أخرى ، قد تكون أكثر واقعية ... والمطلوب أن يدرس العارفون كل الاقتراحات ، ثم يتم الاتفاق على الصورة النهائية ، التي يجب أن تقر بسرعة ، مع إبلاغ جميع الأندية من الآن بسقف زمني محدد سيكون موعد انطلاق الدوري الجديد .