حتى تكتمل الفرحة وتزداد الصورة إشراقا

كتب ياسين الرازم / القدس
تبذل الحكومة الفلسطينية برئاسة رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض والوزارات المنبثقة عن هذه الحكومة، مجهودات كبيرة ومحترمة للنهوض بالمجتمع الفلسطيني بجميع قطاعاته ، ومنها وزارة الشباب والرياضة التي تولي في الآونة الأخيرة اهتماماً مميزاً بقطاع الشباب وحركته الرياضية ، من اجل النهوض بالخدمات المقدمة لابناء هذا القطاع الهام والحيوي في نسيج المجتمع الفلسطيني ، وذلك من خلال الاهتمام غير المسبوق بالبنية التحتية الرياضية، من المنشآت والصالات والملاعب التي أعلنت عنها وزيرة الشباب والرياضة السيدة تهاني ابو دقة، في محافظات طولكرم وجنين ونابلس ورام الله والبيرة والخليل وضواحي محافظة القدس لتنضم الى المنشآت والملاعب الموجودة أصلا في محافظات قلقيلية وأريحا وبيت لحم .
نعتقد ونجزم ان كل هذه الإعمال تصب في خانة مصلحة الرياضة الفلسطينية، وتشكل أدوات هامة وضرورية للنهوض بالمستوى العام لهذه الرياضة ودعم الاتحادات في تنفيذ برامجها الداخلية وتشكيل المنتخبات الوطنية القادرة على تمثيل الوطن بصورة مشرفة في المحافل الدولية بعد سنوات من الإخفاقات والمشاركات الشكلية والرمزية ، وهذا من شأنه ان يرسم البسمة والفرحة على شفاه ووجوه الرياضيين ، وحتى تكتمل الفرحة وتزداد الصورة اشراقاً وتوهجاً ، نرى ان من حقنا في مدينة القدس وخاصة في الجزء الذي كان يعرف بحدود بلدية القدس وبات يعرف بالمناطق داخل جدار الفصل العنصري الممتد من ام طوبا جنوباً الى بيت حنينا شمالاً ومن الثوري غرباً الى جبل الزيتون شرقاً ، من حقنا نحن ابناء الشعب الفلسطيني ، أبناء عاصمة الدولة الفلسطينية ان نحظى بالعناية والاهتمام من الحكومة الفلسطينية ووزاراتها وخاصة وزارة الشباب والرياضة .
في هذه البقعة المقدسة من الارض الفلسطينية يقطن اكثر من مئتي الف فلسطيني لا ذنب لهم سوى انهم اختاروا الرباط في القدس وحول المسجد الأقصى وفضلوا نيل اجر الرباط وتحمل جحيم البقاء تحت نير المحتل وقوانينه العنصرية على نعيم الرحيل والسكن في العمارات الشاهقة والشقق الفخمة ، ومنهم من ترك مسكنه في الضواحي وسكن في بيت متواضع للحفاظ على مقدسيته .
لقد عقد قبل ثلاثة اشهر لقاء ما بين وزيرة الشباب والرياضة ورؤساء وممثلي الأندية المقدسية وبحضور مستشار رئيس الوزراء لشؤون القدس حاتم عبد القادر ورئيس وحدة القدس في الرئاسة المحامي احمد الرويضي، وما زالت الأمور على حالها لم تتحرك قيد أنملة ، ولا ندري ما هو مصير اللجنة التي شكلت لمتابعة موضوع الأندية المقدسية والتي كلفت برفع دراسة للجنة القدس في مجلس الوزراء ، وبات الشارع الرياضي المقدسي يتساءل عن جدوى عقد مثل هذه الاجتماعات ما دامت لا تسفر عن نتائج ايجابية ولو بالحد الأدنى .
في هذه المدينة المنكوبة أكثر من (20) نادياً مقدسياً وفلسطينياً رياضياً وشبابياً متمسكين بعروبتهم وبفلسطينيتهم وهويتهم الوطنية رغم الإغراءات التي التي كان يقدمها الطرف الأخر ، هذه الاندية تعاني ومنذ اكثر من اربعين عاماً من مخططات الضم والترحيل او التهويد ،ومنذ اكثر من عقد من الإهمال واللامبالاة والتسويف، وباتت تقف على مفترق طرق حاد وخطير ولم تعد تملك الا القليل من الخيارات أحلاها مر .
قد يتفهم البعض من المقدسيين حجج وذرائع ومبررات عدم إمكانية بناء مجمع رياضي او استاد كروي في القدس، او عدم التحرك الجدي لإعادة الحياة الى ملعب مدرسة المطران الذي تحول الى مرأب سيارات ، ولكن ما لا يستطيع أي مقدسي تفهمه هو عدم السعي الجاد والمسئول من قبل اولي امورنا بوضع اليات لاسناد ودعم هذه الاندية لتبقى ابواب مقراتها مفتوحة امام الشباب المقدسي وتستطيع التنقل بين محافظات الوطن للعب في المنشأت والملاعب الجديدة ، وما لا يستطيع احد القبول فيه هو سياسة حرمان المؤسسات والاندية المقدسية من المشاريع التنموية سواء تلك التي تنفذها الوزارات الفلسطينية او المؤسسات الدولية والإسلامية والعربية المانحة مباشرة .
ان بقاء الوضع المأساوي على ما هو عليه لن يقود الى نتيجة ونهاية واحدة ووحيدة، تتمثل بترك تلك المؤسسات تواجه مصيرها بمفردها دون عون او مساعدة ، كمن يسقط الحمل عن ظهره ولا يكلف نفسه عناء حتى النظر الى الخلف لرؤية الحمل ، واذا كان السيد حاتم عبد القادر مستشار رئيس الوزراء لشؤون القدس قد طالب من المقدسيين بقيادة صراع البقاء بالقدس بأنفسهم وعدم انتظار أي عون عربي او او إسلامي او دولي، فاننا نطالب الرئاسة والحكومة وعبد القادر والتنظيمات والأحزاب السياسية والاتحادات الرياضية ان تتحمل مسؤولياتها الوطنية والرياضية والأخلاقية تجاه القدس ومؤسساتها على اختلاف الوانها ومشاربها وليس الرياضية فقط ، كل ذلك حتى ينجح اهل القدس في التصدي لمحاولات ضم تلك المؤسسات وإفراغها من مضامنيها الدينية والوطنية والتراثية والحضارية وإفشال مخططات ترحيلهم وتدعيم صمودهم فوق ارض القدس الطهور .
ان دعوة عبد القادر وعلى الرغم من انها جاءت متأخرة كثيراً،( فلقد سبق لنا وان حذرنا وقبل عدة سنوات من الواقع التي تعيشه القدس في هذه الايام) ، الا انها تبقى دعوة جديرة بالاهتمام والدراسة والتحليل ولكنها بحاجة الى وضع الاليات القابلة للتطبيق والتنفيذ لانقاذ ما يمكن إنقاذه من المؤسسات المقدسية والاراضي ولكن قبل فوات الأوان، هذا اذا ما أردتم قولاً وفعلاً ان تبقى القدس عاصمة الدولة الفلسطينية .