وما الغريب ؟
خالد اسحاق الغول
"إن الهيئة العامة هي السلطة العليا، وهي صاحبة القرار النهائي، وهي المرجعية الأولى"، هذا ما تقوله كل الأنظمة واللوائح الداخلية في جميع المؤسسات الرياضية. وهذا ما تكرره ألسنة كل المسؤولين في المؤسسات الرياضية لإبراز مدى ديمقراطيتهم واحترامهم للرأي العام ولهيئتهم العامة. لكن الواقع في مرارته وقسوته يبوح بعكس ما نسمع تماما.
كنا نتمنى لو أن الواقع في هذه المؤسسات الرياضية مطابق لما يقال، إلا أننا لا نلمس الحد الأدنى من الاحترام للهيئة العامة، والمراعاة لأفكارها والالتفات لآرائها. بل نرى إهمالا لها وتهميشا لدورها وعدم إفساح المجال لها لتقرر من يحق له قيادة المؤسسة عبر الانتخاب الحر والمباشر، ولا يوجد لها أي تأثير أو مساهمة في اتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بالمؤسسة. ولا نرى سوى واقع طافح بالفشل على مستوى الانجازات الفعلية مموه بحفلات ولقاءات مجاملاتية لا تسمن ولا تغني من جوع، الهدف الحقيقي منها تجميل الصورة وجذب الناس نحو المؤسسة، وإطالة عمر الفشل ومنحه شرعية ومصداقية من قبل المريدين والمستفيدين والحاشية المحيطة.
وفي المقابل يتم نصب المشانق لكل من ينتقد هذا الواقع ، ويوصف بسبب آرائه بأنه "هدام" و "سلبي" و "عدمي" و"غير واقعي" ومثالي" و "لا يرى إلا النصف الفارغ من الكأس"ولا يعجبه العجب" وغيرها من النعوت التي يراد بها ثني المنتقدين وإحراجهم.
مع ذلك، ورغم هذا الإرهاب الفكري الذي لا يتسع صدر أصحابه للنقد ولا يروق لهم رؤية ألوان أخرى في الحديقة، والذين يرون النقد هدما، والنقد البناء فقط هو القائم على المديح والمداهنة، مع أن النقد الفعال بطبيعته هو الذي يهدم الرديء ليبني الجيد. الا أننا نعود لكي (ننتقد) مرة أخرى ونقول انه من غير المعقول بعد اليوم أن يتم تعيين المسؤولين في المؤسسات الرياضية من خلال جلسات خلف الكواليس، لان التاريخ شاهد على كارثية هذا النهج. وأنه لم يعد مجديا ولا منطقيا أن يستمر بعض المسؤولين في التربع على كرسي المسؤولية لأكثر من عشر سنوات دون تغيير أو تبديل، وخصوصا إذا شهدت المؤسسة الرياضية في زمانهم تاريخا حافلا بالفشل الذريع والإخفاقات القاتلة. وأنه من الكارثي أن تقبل الهيئات العامة في المؤسسات الرياضية بان تبقى مجرد كومبارس، أو متفرج هامشي لا يحظى بأي احترام أو اعتراف، ويقتصر دورها على المبايعة والمباركة والتهليل والتصفيق للقادمين الجدد على كراسي المؤسسات الرياضية، مع أنهم في معظمهم لا يكونون جددا على الإطلاق، بل يأتون بالتزكية أو الاستفتاء بدون منافسة، ومن خلال إعادة التنصيب، ومن خلال الترقية مكافأة على الفشل المدمن.
ربما أصبح مثيرا للاستغراب عدم تسرب حالة الملل من هذه العادة السنوية التي نعيشها في اغلب مؤسساتنا الرياضية عند الاستحقاق الانتخابي، ولكن لماذا نستغرب فالذي نعيشه في كل مجالات حياتنا من كثرة استفحاله في الغرابة لم يعد غريبا، بل عاديا ومقبولا ومرغوبا ولا تصح الأمور إلا به... ثم نقول: كل شيء على خير ما يرام!.