قراءة في نهائي كأس الكرة الطائرة للمحافظات الشمالية
جيوس.. هدأت النفوس فارتفعت الرؤوس والكؤوس
رام الله- كتب محمد الرنتيسي/ رفع فريق نادي جيوس، الرأس قبل الكأس، بحصوله على لقب بطولة كأس فلسطين بالكرة الطائرة (الضفة الغربية) للمرة السابعة في تاريخه، بعد تفوقه في المباراة النهائية الدراماتيكية، على منافسه نادي القوات، في اللقاء الذي جمع الفريقين على صالة قصر الرياضة بمدينة سلفيت، بثلاثة أشواط لواحد، جاءت تفاصيلها: 19/25، 27/25، 30/28، 25/14.
وأسدل اتحاد الكرة الطائرة الستائر على بطولة الكأس للمحافظات الشمالية، في نسختها الـ21، في أمسية جاء ختامها برائحة المسك، وحرص على حضورها رئيس الاتحاد حمزة راضي، والأعضاء معروف شطارة ورياض سليم، وتابعها جمع غفير من أنصار الفريقين ومحبي اللعبة.
شريط المباراة:
راهن لاعبو الفريقين على بذل أقصى ما يملكون من جهد وعطاء، في سبيل الظفر بالكأس الغالية، فدخل القوات أجواء المواجهة برغبة الحفاظ على اللقب الذي حققه الموسم الماضي، وكان رفاق خلف يامين يعلمون أنهم متى ما تحقق لهم ذلك، فإنهم سيبصمون على رباعية تاريخية بعد لقبي الدوري والكأس بالموسم الفائت، ولقب السوبر في مستهل الموسم الحالي، بينما كان كل هم جيوس استعادة ثقة جماهيره، وتهدئة نفوس أهالي بلدته، من خلال معانقة الكأس، بينما انصب تفكير مدربهم حسين القدومي على مصالحة جمهوره قبل مصالحة النفس، فالكل كان يبحث عن لقب يترجم الأماني بفرحة جيوس، وتحويل أحلامها إلى واقع ملموس.
وإذا عدنا إلى شريط المباراة، نجد أن القوات كان الطرف الأفضل في الشوط الأول، والدليل تفوقهم لعباً ونتيجة، وكان لافتاً علو هامة نجمه "الجلاد" محمود صالح، المعروف بنفسه الطويل في مواجهات كهذه، فظهر كـ"حصالة نقاط" لفريقه، بمعية المعد النابه معاذ صوان، والضاربين أحمد عودة ومحمود الخطيب من الأطراف، وساجي سكر وياسر شواهنة من متوسط الشبكة، واستماتة اللاعب الحر عبد الله عبد الله في التصدي للكرة الأولى ولم الكرات خلف الضاربين وحوائط الصد.
إصابة "الجلاد":
ولأن من أسوأ الظروف التي يصطدم بها المدربون، في خضم المباريات، أن يقع لاعب مؤثر لديهم في مطب الإصابة، فقد عانى خلف يامين من هذه الجزئية، إذ خرج محمود صالح الذي كان يرتكز عليه مصاباً، وفي توقيت حرج، ولم يفلح في تدارك الموقف بإشراك محمـد شماسنة لتعزيز القدرات الهجومية، ومحمـد أبو عيد لصناعة الألعاب، لكي يتفرغ صوان للضرب من مركز 4، إذ اصطدم يامين بفريق متوهج ومتماسك، وفي أحسن حالاته الفنية والذهنية، ودليل ذلك، عودته بقوة بعد خسارته الشوط الأول، وكان ظاهراً للعيان، أن الذي قصم ظهر القوات ابتعاد أكثر من لاعب عن الفورمة الطبيعية، التي عودوا المتابعين عليها، جراء تشتت الذهن، وغياب التركيز، ما انعكس على العطاء الفني.
عودة جيوس:
قلب لاعبو جيوس مجريات اللقاء رأساً على عقب، وكان قائد جيوس خالد القدومي، واثقاً بنفسه، قارئاً من الطراز الرفيع لضاربي القوات، فوقف حجر عثرة أمام العديد من محاولاتهم الهجومية، ناهيك عن الهجوم الذي مارسه من اللمسة السريعة، وفرض يزن خالد نفسه نجماً للمباراة، رغم وجود كوكبة من رفاقه الذين كان لسان كل واحد منهم يقول: "الزود عندي" لكن شخصية يزن تميزت في التماسك في أحلك الظروف وفي كل المواقع، فكان بمثابة اللاعب الضارب والمستقبل والمدافع، وكان صانع ألعاب الفريق مراد أبو سعدة موفقاً إلى حد كبير، فقد أظهر العديد من الفواصل الفنية الجميلة، التي حرر فيها زملاءه الضاربين من حوائط صد المنافس.
وأثبت محمـد أبو صالح أنه من اللاعبين الذين يحبهم مركز 2 فأظهر كل إمكانياته وقدراته، وكان كما "المنشار" يأكل النقاط من المقدمة والخلف، وتارة بالإرسال الهجومي القافز، بينما عبّر شقيقه جهاد أبو صالح عن موهبته الفذة من خلال قدرته على استثمار حتى الكرات العشوائية، أو تلك القادمة من المنافس "المرتدة"، ولا يمكن أن تمر مباراة لجيوس، دون أن يمارس المخضرم أحمد عزيز دور الضارب والصاد في متوسط الشبكة، وفيما ظهر رامي شماسنة كلاعب واعد يحمل عقلاً نظيفاً ومهارة أخاذة، ترك مازن خالد بصمته أخيراً، وهو الذي تذوق مختلف أصناف البطولات والألقاب مع طائرة جيوس، أما اللاعب الحر عمر أسعد فبدا وكأنه من طبقة "أرستقراطية" فلم يكن مختلفاً بلباسه فقط، وإنما باستقباله النموذجي للكرة الأولى، ودفاعه ببسالة عن ملعبه الخلفي.
وهكذا، كتب فرسان جيوس تباشير فجر جديد، بالتربع من جديد على عرش لعبتهم الأثيرة والمفضلة، ورغم أن هذه الكأس ليست الأولى في خزائن نادي جيوس، إلا أن تفاصيلها وأحداثها ستظل عالقة ومنقوشة في الذاكرة والأذهان، لكل لاعب ومدرب وإداري ومشجع، فقد أعادتهم إلى التاريخ من أوسع أبوابه.
مسك الختام:
قاد المباراة بكفاءة واقتدار: الحكمان الآسيويان محمـد فتحي (أول) وأسامة زايد (ثان) وفراس سليم حكم مسجل، وساري قادوس ومحمـد سليم للرايات، وراقبها من الاتحاد معروف شطارة ورياض سليم، وفي ختامها سلم رئيس الاتحاد حمزة راضي وممثل اللجنة الأولمبية نصر أبو حبيب وكبار الحضور، كأس البطولة للاعبي جيوس وسط فرحة مشروعة مع جمهورهم.