محمود ابو صبيح... بصمات رياضية مع أندية الخليل الأربعة
الخليل- كتب فايز نصّار/ كانت ملاعب
الخليل الصغيرة تعوض غياب المنشآت الرياضية العصرية ، ولكن زحف العمران ، وكيد
الكائدين قضم تلك الملاعب البدائية ، فأصبحت ملاعب الأمير محمد ، والوكالة ، وطارق
بن زياد ، وأبو دية ، وابن رشد أثراً بعد عين ، بما حرم جيل بأسره من مداعبة
الساحرة المستديرة .
ولم
يسهم الحراك الرياضي ، الذي عرفته البلاد في العقدين الأخيرين عن تأسيس ملاعب
جديدة في مدينة الخليل ، واقتصر الأمر على تحويل ملعب الحسين إلى ستاد عصري ،
وتحويل ملعب طارق إلى ملعب خماسي ، وفرش ملعب ابن رشد بالاسفلت.
وبالنظر لصعوبة إيجاد ملاعب جديدة ، بسبب الغلاء الفاحش
للأراضي ، بدا وكأن إيجاد مجموعة من ملاعب الخماسي العصرية يحل المشكلة مؤقتا ،
كما دعا ضيفي مدير المنشآت والمرافق في بلدية الخليل محمود أبو صبيح.
وخرج
أبو صبيح من رحم الملاعب ، وكان واحداً ممن تفتحت مواهبهم في ملعب الابراهيمية قرب
الحرم ، وملعب مدرسة طارق القديم ، فتألق الرجل مع مجموعة من النجوم الذين شقوا
طريقهم في الملاعب ، وحققوا نتائج بيِّنة في كثير من البطولات.
ودخل
أبو توفيق قلعة طارق بن زياد من أوسع الأبواب ، وأصبح أصغر لاعب في فريق ضاحية
الخليل الجنوبية ، الذي لعب له لخمس عشرة سنة ، تخللتها جولة سريعة في نادي شباب
الخليل ، وأخرى أكثر أهمية في النادي الأهلي .
وطرق المحمود مجال التدريب ، بإشرافه على ناديي طارق بن
زياد ، وجمعية الشبان المسلمين .. ولكنه وجد
نفسه بشكل أفضل من خلال العمل الإداري ، الذي تسلح له بدورات محلية ، وعربية ،
وآسيوية ، بما جعل بصماته في هذا المجال بينة للجميع ، وخاصة ما يتعلق بعمله
كمراقب للمباريات في مختلف الدرجات .
والحق يقال : إنّ شخصية ضيفي محيرة ، فهو سلس بلا حدود
خارج العمل ، وحنبلي بلا حدود في مجال العمل ، لأنّه يعرف حدوده ، ويعرف أن العمل
ليس مجالاً للمجالات ، وتلك بداية قصة أبو صبيح ، التي أتركه يرويها لكم - من
بابها لمحرابها - في هذا اللقاء.
- اسمي محمود توفيق محمود أبو صبيح " أبو توفيق " من
مواليد الخليل يوم 5/9/1969 .
- بدأت لعب الكرة في حارات الخليل بالضاحية الجنوبية للمدينة ،
ثم ظهرت ضمن الفرق المدرسية في مدرستي الابراهيمية ، وطارق بن زياد القريبتين من
الحرم الابراهيمي الشريف ، وذلك تحت اشراف الأساتذة ، واكد العقبي ، ونايل الدغيري
، ورشاد الجعبري ، وكلهم كانوا نجوماً في النادي الأهلي ، وظهر معي يومها عدد من اللاعبين الواعدين ،
كتيسير الفاخوري ، وسفيان الزعتري ، وحازم الرجبي ، وتمكنت مدرستنا من تحقيق
الكثير من البطولات ، وأذكر أنني حظيت بتشجيع من مشرف التربية الرياضية الأستاذ
أحمد الناجي ، الذي اختارني كأفضل لاعب ، عندما لعبت لفريق المرحلة الثانوية ،
وأنا في الاعدادي .
- وجاءت
المرحلة الثانية بالتحاقي بأشبال نادي طارق بن زياد سنة 1984 ، حيث تدربت مع
الأستاذ عبد الرؤوف أبو اسنينة ، والمرحوم جعفر وزوز ، وبسرعة تمّ تصعيدي للفريق
الأول ، لأصبح أصغر لاعب في الفريق ، وألعب مع المرحومين رضوان زيادة ، ومحمد خليل
عطية ، وخضر أبو صبيح ، والنجوم ناجح السلايمة ، وأحمد مبارك ، وأذكر هنا أنّ أول
مباراة لي كانت أمام فريق صور باهر .
- ولعل من سوء حظ أبناء
جيلي توقف النشاط الرياضي خلال الانتفاضة الأولى .. ولكن مع عودة النشاط تدريجيا
مطلع التسعينات التحقت بنادي شباب الخليل ، بسبب رغبتي في اللعب إلى جانب
المايسترو حازم صلاح ، ويومها كان يدرب الشباب علي عثمان ، وحاتم صلاح ، الذين
كانا يقودان فريقين للشباب ، أحدهما باسم الصقور ، والثاني باسم النسور.
- وبعد لعبي لمدة سنة مع
شباب الخليل انتقلت للعب للنادي الأهلي ، حيث أشرف على تدريبي كلّ من عبد الناصر
الشريف ، ويوسف قطامش ، وحاتم صلاح .. وفي الأهلي لعبت مع النجوم فايز أبو الحلاوة
، وفارس مجاهد ، وخالد الجعبري ، وسليم شاهين ، وسفيان أبو خلف ، وسيمون خير ،
وعيسى الكرد .
- ومع الأهلي حققت الكثير
من الإنجازات ، من أبرزها البقاء في الدرجة الممتازة في الدورة الرباعية ، التي
جمعتنا بأندية الهلال ، وجبل المكبر ، والعربي ، كما لعبت مع الأهلي في اللقاءين
التاريخين أمام الفيصلي والوحدات على ملعب الحسين ، وشاركت مع الفريق في مباراتين
أمام الفريقين نفسهما في عمان بعد ذلك .
- وبعد لعبي لمدة خمس سنوات
في الأهلي عدت لبيتي الأول نادي طارق بن زياد ، وكانت مهمتي الجديدة مزدوجة ،
فأشرفت على تدريب الفريق مع مواصلتي اللعب في صفوفه ، ويومها كنا قاب قوسين أو
أدنى من الصعود للدرجة الأولى لولا اندلاع الانتفاضة الثانية ، كما تقدمنا في
مسابقة الكأس ، وخسرنا في الدور قبل النهائي أمام الهلال بركلات الترجيح ، لأشرف
بعد ذلك على تدريب الجمعية ، التي صعدت معها إلى الدرجة الأولى.
- وخلال مسيرتي الرياضية
تشرفت باللعب أكثر من مرة ضمن تفاهم أندية محافظة الخليل ، ولعبت مع أبرز نجوم
المحافظة أيامي ، ومنهم سفيان الزعتري ، وأحمد النتشة ، وأحمد مبارك ، ومحمود
العدوي ، وصلاح الجعبري ، وفارس مجاهد ، وفايز أبو الحلاوة ، وحسين حسونة ، وحازم
صلاح ، وعماد فهد ، وماجد الشامسطي ، ووصفي النواجعة ، وباسم الزامل ، وخلدون فهد
، ووليد عبد الرحمن ، وفارس النجار ، وعماد ناصر الدين ، وأمجد العويوي ، وابراهيم
الطويل ، وموسى الشيخ درة.
- كما تشرفت باللعب في مواجهة عدد كبير من نجوم فلسطين ، من
ابرزهم عيسى كنعان ، وعماد الزعتري ، ومجدي الدميري ، وجمال جود الله ، ومحمود
جراد ، وجمال حدايدة ، وأحمد الصباح ، وأحمد عيد ، وخضر عبيد ، ونضال العباسي ،
وحسين واحسان الريفي ، واياد سيسالم ، ومأمون ساق الله ، واسماعيل الخطيب ، دون ان
أنسى حازم صلاح ، وصلاح الجعبري ، وسيمون خير .
- وبعد توقفي عن اللعب
اتجهت إلى العمل الإداري ، الذي أجد نفسي فيه بشكل أفضل ، وساعدني على النجاح في
هذا المجال حصولي على العديد من الدورات الإدارية ، من بينها دورة العمل الإداري في
مصر سنة 2003 ، ودورة دبلوم العمل الإداري من جامعة بيرزيت سنة 2011، والتي نظمت
بالتعاون بين الفيفا ، والاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ، ثم دورة المراقبين
الآسيويين في ماليزيا سنة 2017 .
- وبحمد الله ساهمت هذه الدورات في نجاح عملي في بلدية الخليل ،
كمدير لدائرة الأنشطة والمرافق ، إضافة إلى عملي كمراقب مباريات في الاتحاد
الفلسطيني لكرة القدم منذ تسع سنوات ، وعملي كعضو لجنة مسابقات في فرع الاتحاد
بالجنوب ، وكعضو في فرع الاتحاد حالياً ، كما أنني عملت كمنسق لمؤسسة خطوات في
الجنوب لمدة أربع سنوات .
- أعتز كثيراً بالأيام
الرائعة ، التي قضيتها في الملاعب ، رغم أنّ مبارياتنا لم تكن كلها وردية ، لأننا
كنا نلعب فوق أرضيات ترابية ، وخاصة ملعب طارق بن زياد ، الذي كانت أرضيته صلبة ،
وأدى إلى انهاء حياة كثير من النجوم ، على رأسهم الدكتور ماهر أبو قويدر ، الذي
كان من أفضل نجوم المحافظة ، ورغم ذلك كانت كرة القدم تجمع الخيرين ، وكانت
المباريات جميلة ، تتخللها العروض الراقية ، وكان أبناء الأسرة الرياضية يحترمون
بعضهم ، وكان الانتماء للنادي كبيرا، عكس اليوم حيث تتوفر المنشآت الرياضية
العصرية ، ولكن المستوى أقل ، والانتماء للمادة أكثر منه للألوان.
- وأشير هنا إلى أنّ مدينة
الخليل تحتاج إلى المزيد من المنشآت الرياضية ، لتعويض الملاعب التي انقرضت ، مثل
ملعب الأمير ، وملعب ابن رشد ، واقترح هنا التركيز على ملاعب الخماسي في الأحياء ،
لأنّها تساهم في صقل المواهب مبكراً ، والأمر هنا يعني كلً البلديات ، وليس بلدية
الخليل فقط ، لأنّ مثل هذه الملاعب منتشرة كثيراً في الأردن ، وفي المحافظات
الجنوبية .
- منذ صغري كنت عاشقاً
لحازم صلاح ، ومحمود الخطيب ، وكيفن كيغن ، وأعتقد أن الثلاثة ساهموا في حبي للكرة
، وأجزم أنّ أفضل نجوم الكرة الفلسطينية حازم صلاح ، وغسان البلعاوي ، وأفضل نجوم
العرب محمود الخطيب ، ومحمد أبو تريكة سابقاً ، ومحمد صلاح ، ورياض محرز حالياً ،
فيما يبقى ماردونا وميسي أفضل نجوم العالم عبر التاريخ ، وأرى أنّ علي عثمان ،
وعقيل النشاشيبي أفضل المدربين الفلسطينيين ، وأنّ محمود الجوهري ، وجمال بلماضي
أفضل مدربي العرب ، وأنّ غوارديولا أفضل مدرب في العالم .
- رحم الله الأستاذ جعفر وزوز ، الذي ترك بصمات لا تنسى كلاعب ،
وكمدرب ، وكحكم ، وكإداري ، وامتدت بصماته لتشمل عدة رياضات .. سنبقى نذكره بالخير
، لأننا تعلمنا منه الكثير .
- والرحمة لروح رئيس نادي طارق بن زياد السابق حسام الرجبي ،
الذي كان خير من عملت معه في المجال الإداري ، وكان شديد الانتماء لعمله ، ويحرص
على خدمة النادي بكل الوسائل .
- والرحمة أيضاً للنجم الشهيد رضوان زيادة ، الذي كان لاعباً
متألقاً ، خرج من مدرسة نادي طارق ، ولعب لشباب الخليل ، ولن أنسى اهتمامه بي
عندما كنت يانعاً ، حيث كان له دور مؤثر في صقل مواهبي .
- أنا شديد الأسف للوضعية
التي وصل لها نادي طارق بن زياد ، والأمر مردود لخلل إداري جليّ ، فأصبح النادي
الذين كان منجماً للنجوم في كرة القدم ، والمصارعة ، وكرة السلة ، وكرة الطاولة في
وضعية لا يحسد عليها ، والأمر يقتضي مسارعة جميع أبناء النادي لإنقاذ المؤسسة ،
ومساعدة الإدارة الحالية ، حتى يعود طارق ببن زياد إلى مكانه الطبيعي ، خاصة وأنّ
مقره يجاور ملاعب في مختلف الرياضات.
- من الحوادث الطريفة التي
حصلت معي في الملاعب ما حدث في مباراة للأهلي مع ثقافي طولكرم على ملعب أريحا ،
حيث راوغت ستة لاعبين والحارس على طريقة ماردونا ، ولكن مع الأسف سددت الكرة خارج
الشباك .. ومنها المباراة التي لعبتها مع الأمعري على ملعب الخضر بعد خطوبتي ،
وسجلت فيها هدفين ، ساهما في فوز الأهلي 4/3 .