"الثعلب" عادل أبو خساير.. قبس من زمن جماعي رفح الجميل
الخليل- كتب فايز نصّار/ منذ تأسيسه سنة 1981 حاول نادي جماعي رفح إيجاد مكان
تحت شمس الكرة في المدينة الجنوبية ، التي تفصل قارتي آسيا وأفريقيا ، ورغم جهود
المخلصين من أبناء هذا النادي الفتي ، إلا أنه اكتفى بالمركز الرفحي الثالث وراء
العريقين الشباب والخدمات .
وخلال مسيرته في الملاعب قدم الجماعي للكرة الفلسطينية ثلة من نجوم جيل
الزمن الجميل الثاني ، من بينهم سعيد حمد ، وسعيد الشخريت ، وعبد الحميد موسى ،
ومحمد أبو شرخ ، ومعين الملاحي ، ومنهم أيضاً الجوكر عادل أبو خساير ، الذي ترك
بصمات لا تنسى على ملاعب غزة ورفح .
وبدأت رحلة أبو الخساير من أزقة مخيم الشابورة ، ليكتشف قدراته المدرب
الراحل نايف عبد الهادي ، الذي اختاره للعب مع جماعي رفح ، فساهم مع أبناء جيله في
ترسيخ أقدام النادي الفتي في الملاعب .
وحقق أبو محمد المزيد من النجاح مع النادي
الأهلي الفلسطيني في أيام عزّه ، وشقّ طريقه بين خيرة نجوم القطاع ، ليتم ضمه
لصفوف الفدائي في خطواته الأولى ، ولكن حظّ نجمنا العاثر حال دون لعبه طويلاً
للمنتخب ، بسبب إشكاليات الوثائق الرسمية ، ليعوض ذلك بالمشاركة مع العميد في
بطولة الرمثا العربية .
وشارك ضيفنا في تجربة تدريبية مع صديقه المزين ، فساهما في نشر طريقة اللعب
4/2/3/1 ، بدل الطرق التقليدية التي كانت تنشر في ملاعبا ، ليحقق مع نادي النجاح
في الظفر باللقب الغالي .
ويمتاز نجمنا بقدرته على اللعب في معظم
مراكز اللعب ، الآمر الذي يحتاجه المدربون ، ممن استفادوا من قدراته ، فسجل معهم
نتائج كثيرة ، أتركه يحيها لكم في هذا اللقاء :
- اسمي عادل سلامة سليمان المشوخي
"ابو محمد " من مواليد الشابورة برفح يوم 7/11/67 ، واسم الشهرة أبو
خساير ، وهو لقب أطلق على جدي ، لإفراطه في إكرام ضيوفه ..ههه ! ، وكنت ألقب
بالثعلب ، والمايسترو .
- بدأت ممارسة الكرة في شوارع المخيم
الضيقة ، وفي المدارس التابعة للوكالة ، وكانت لعبة البندر محببة لديّ ، وكانت
تمارس في مكان ضيق بالمدرسة ، حيث كان الباب هو المرمى ، واللعب بكرة التنس الأرضي
.
- ولمّا أصبح عمري 17 سنة طلبني المرحوم
نايف عبد الهادي للعب مع نادي جماعي رفح ، الذي كان يلعب في صفوفه اخوتي اسماعيل ،
وتوفيق ، وباقي فريق حارتنا ، ممن ظهروا مع فريق التعاون .
- وبحمد الله امتلكت موهبة أهلتني للعب في
جميع المراكز – ما عدا حراسة المرمى والأجنحة – وبعد بروزي مع الجماعي انتقلت
لأهلي غزة ، فلعبت معه مدة طويلة ، قبل ختام مسيرتي مع خدمات رفح ، الذي فزت معه
ببطولة الدوري بكل سهولة ، وشاركت معه في تصفيات البطولة العربية بلبنان ، والأردن
، والعراق ، وحصلت معه على كأس بطولة جمعية الشبان بالخليل ، وبطولة موسى عرفات
بغزة .
- وكان مثلي الأعلى في الملاعب المرحوم
نايف عبدالهادي ، وهو قدوة لي وللكثيرين غيري ، كلاعب ، ومدرب في الملعب ، وكإنسان
خارج الملاعب ، فيما كان الأسطورة عبد القادر الأبزل النجم الذي طالما تخيلت
الوصول على مستواه .
- وخلال مسيرتي تعرفت على كثير من النجوم ،
الذين لعبت معهم ، وأكثر من تفاهمت معه في الملعب محمد أبو شرخ في الجماعي ، وزياد
الكرد مع أهلي غزة ، واياد الحجار في الخدمات ، فيما كان النجم كفاح حجاج اشرس
مدافع واجهته "بيرحمش" !
- وبحمد الله قضيت أجمل أيام حياتي في
الملاعب ، وليّ ذكريات لا تنسى مع جماعي رفح ، الذي كان يضم مواهب فذة ، من النجوم
صغار السنّ ، كسعيد حمد ، وسعيد الشخريت ، وعبد الحميد موسى ، ومحمد أبو شرخ ،
ومعين الملاحي ، وبوجود مدربنا الكبير استطعنا خطف الأضواء ، وشكلنا خطراً على كلّ
الفرق الكبرى ، وكنا نسير بخطى جنونية نحو التفوق المحلي ، ولكن مع اندلاع
الانتفاضة ، وتوقف النشاط خمس سنوات كاملة ذهبت أحلامنا ادراج الرياح .
- وتذخر ذاكرتي الكروية بكثير من المباريات
الجميلة ، التي لعبتها في الضفة والقطاع ، ومن أجملها مبارياتي مع الجماعي أمام
مركز بلاطة ، حيث فزنا بنتيجة خمسة واحد ، ويومها لم تستكمل المباراة ، لانسحاب
الفريق المنافس !
- ولا أنسى مشاركتي مع خدمات رفح في بطولة
أريحا الشتوية ، حيث لعبنا أجمل المباريات ، وصعدنا للنهائي مع الوحدات الأردني في
عز مجده ، وانتهت المباراة يومها بخسارتنا بركلات الترجيح ، وكنا الأفضل في
البطولة حسب آراء النقاد .. ولا أنسى يومها إحرازي لهدف التعادل من كرة ثابته من
خارج الصندوق ، حيث خادعت الجميع بما فيهم الحارس ناصر الغندور ، لأنّ الجميع توقع
أن ألعب الكرة عرضية للزاوية البعيدة ، ولكني لعبتها في الزاوية القريبة الضيقة ،
وبكل هدوء سكنت الشباك .
- وأحتفظ بكثير من الذكريات من أيام ملاعب
التراب ، وافتخر بتألقي في تلك الملاعب ، حيث نلت حبّ الناس ، ولعبت مع مواهب لا
تنسى من نجوم الزمن الجميل .
- من ذكرياتي السيئة في الملاعب ما حصل بعد
الانتفاضة الاولى ، وعودة النشاط الرياضي ، حيث حرمتني الإصابة من المشاركة مع
المنتخب في مباراة فرنسا ، وأذكر وقتها مشاركتي نادي غزة الرياضي ، في بطولة
الرمثا العربية .
- ولم يبتسم الحظّ لي مع المنتخب ، حيث
شاركت في كلّ التجمعات ، التي نظمت للمنتخب ، بقيادة أبو السباع ، وناجي عجور ،
وغسان بلعاوي ، وريكاردو ، ولكنّ عدم امتلاكي للوثيقة المصرية حرمني من السفر عبر
معبر رفح ، وتكرر الأمر مرة مع منتخب رفح ، ومرتين مع المنتخب ، عندما كنت في
طريقي للمشاركة في مصر والسعودية ... وبعد حصولي على جواز فلسطيني ، سافرت مع
المنتخب تحت قيادة ريكاردو ، وعسكرنا في المركز الأولمبي بالمعادي ، وكانت هذه آخر
مشاركاتي مع المنتخب .
- أعتقد أنّه من أفضل نجوم القطاع عبر
التاريخ ناجي عجور ، وغسان بلعاوي ، وأبو السباع ، ومصطفى نجم ، وعبد القادر
الابزل ، وخالد أبو كويك ، وجمال الحولي ، وأمين عبدالعال ، واياد ونادر الحجار ،
وعلي أبو السعيد ، وعبد الحميد موسى ، وسعيد حمد ، وسعيد السباخي ، وعبد اللطيف
البهداري ، وأحمد كشكش ، وعماد التتري ، والمرحوم مرسي الفقعاوي ، والمرحوم سليمان
أبو جزر ، وصائب جندية ، ومحمد السويركي ، وهيثم حجاج ، ومحمد الجيش ، وزياد الكرد
، وأيمن المغاري ، ونادر أبو يوسف ، وبسام العصار ، وكثيرون غيرهم ، وأعتذر لكل
الاساطير الذين لم اذكرهم .
- وأعتقد انّ أفضل تشكيلة لتفاهم اندية غزة
قبل الانتفاضة ، وبأسلوب 4/3/3 ، الذي كنا نلعب به تضم في الحراسة أمين الحتو ،
وفي الدفاع عادل جابر ، وخالد أبو كويك ، وحمادة أبو كوش ، وعبد الحميد موسي ، وفي
الوسط محمد المزين أبو حسن ، ومحمد أبو شرخ ، والشهيد عاهد زقوت ، وفي الهجوم خط
الهجوم عبد القادر الابزل ، وعلي ابو السعيد ، ومصطفى نجم ، مع الاعتذار للآخرين
ممن ستحقون ان يكونوا بين هؤلاء .
- أمّا افضل تشكيلة لمنتخب فلسطين أيامي
فأعتقد أنّ جيل عزمي نصار ضم خلاصة اللاعبين الكبار ، وهم أعظم فريق مثلنا في
الخارج ، وهم محظوظون لتوفر مدرب عظيم ، وملاعب معشبة ، ودعم حكومي .
- وبعد اعتزالي اللعب كانت ليّ قصة أخرى مع
التدريب ، حيث طلب صديقي محمد المزين مني مساعدته في بداية مسيرته التدريبة ،
عندما أوكلت له إدارة النادي المهمة ، فوافقت على طلبه ، لتتوج أول تجربة تدريبة
لي بالفوز ببطولة الدوري ، وبأرقام قياسية ، منها أقوى خط هجوم ، واقوى خط دفاع ،
مع هزيمة واحدة فقط طوال الموسم !
- وشهدت تجربتنا أول تغيير في خطط اللعب ،
حيث لعبنا بأسلوب أربعة ، اثنين ، واحد ، ثلاثة ، بما شكل اختباراً لقدرات
اللاعبين .. ورغم اعتراض الكثيرين على الطريقة ، إلا اننا آمنا بها ، وحققنا نجاحا
مبهرا ، وعلى إثر ذلك أصبحت كلّ الفرق تقريبا تلعب وفق هذه الاستراتيجية ، حسب
رؤية مدربيها وقدراتهم .
- وبعد ذلك دربت مع المزين هلال غزة ، ثم
عملت كمدير فني لجماعي رفح ، وخدمات رفح ، وخدمات النصيرات ، وخدمات جباليا ، وخدمات
دير البلح ،ولكثرة المدربين الجدد ، وأشياء اخرى فضلت عدم المنافسة على تدريب
الأندية .
- أعتز كثيراً بناديي غزة الرياضي ، وأهلي
غزة ، الذين لهما مكانة كبيرة في قلبي ، وأعتقد أنّه لو اتحدت كوادر هذين الناديين
الكبيرين ، سيكون الطريق سهلا للعودة وبقوة للدرجة الممتازة .
- بالنسبة لي سعيد السباخي هو لاعبي المفضل
من الجيل الحالي ، ومحمد السويركي يمثل نموذجاً وأسطورة على مرّ العصور ، وأرى أنّ
خالد النبريص ، والترابين ، والحميدي مواهب تستحق الفرصة ، والمساعدة والتوجيه ،
وعربيا نجمي المفضل محمد أبو تريكة ، وشيكابالا ، فيما يبقى ليونيل ميسي ، ودييغو
مارادونا الأفضل دولياً .
- بدون جدال أعتقد أنّ المرحوم نايف
عبدالهادي هو أفضل مدرب فلسطيني ، فيما المعلم حسن شحاته الأفضل عربيا ، وبيب
غوارديولا الافضل عالمياً ، وتبدو شهادتي مجروحة في الكابتن غسان بلعاوي ، وهو
أسطورة فلسطينية نقية ، وقد كان ممتعاً كلاعب ومدرب ، وهو دمث وخلوق خارج الملعب ،
ومعه ومع ابو السباع كنت أتمتع بالتدريبات .
- كان الكابتن هاني المصدر لاعباً كبيراً ،
وقائداً محنكاً ، وكان يمتاز بالتسديد ، والتمرير القصير والطويل ، وأراه يسير
بخطى ثابته للنجاح في عالم التدريب ، وكانت لي فرصة مشاهدة النجم عيسى كنعان مرة
واحدة ، وكان كلما لمس الكرة شكل خطورة على الفريق المنافس ! - كان الله في عون
اتحاد الكرة ، الذي يتحمل الضغوط المفروضة عليه ، وأتمنى من الاتحاد الاعتماد أكثر
على الكادر الأكاديمي الشاب ، والحزم والعدل في القرارات .
- من أطرف القصص، التي حصلت معي في الملاعب
يوم استدعيت للعب في خانيونس ، ولما نزلت الملعب ، ورآني المدافع قال لي : "
هو أنت ، الله لا يجيبك " .. ومع بداية اللعب قال لي : " والله أنا بحبك
، وما بدي اتسبب في أذيتك ، فقلت له : شو في ؟ فقال لي : " روح عالجهة الثانية
، وابعد عن منطقتي حتى لا آذيك ، وطبعا غيرت مكاني..ههه " .
أخيرا أشكرك عزيزي على اتاحة الفرصة لي ،
ولنجوم كثر يستحقون الاهتمام ، وأنا من متابعيك ، وسعيد بطروحاتك ، واختياراتك ،
وأتمنى من الأندية تكريم لاعبيها المعتزلين ، وأن لا تتكرر حكايات تهميش لاعبي
الزمن الجميل .