الملاكم الأميركي جونسون ضحية جديدة لرياضة النبلاء
هل تستحق رياضة الملاكمة اللقب الذي يحلو لعشاقها أن يطلقوه عليها «رياضة النبلاء»؟ وإلى متى تستمر المذابح البشرية على حلبات الملاكمة في عصر أصبحت حياة الإنسان هي القيمة الكبرى التي يحافظ عليها الجميع؟ وما السبل والوسائل المتطورة التي يمكن اللجوء إليها واستخدامها للحدّ من الحوادث البشعة والإصابات الجسيمة للملاكمين في المباريات؟
ثلاثة أسئلة تردّدت على ألسنة عشاق الرياضة بعد مصرع الملاكم الأميركي وبطل العالم السابق للمحترفين لوزن الخفيف ليفاندر جونسون بعد خمسة أيام فقط من مباراة التحدي التي خسرها أمام المكسيكي خيسوس شافيز. وكان جونسون صاحب العضلات الهائلة توّج بطلاً للعالم في وزنه بعد فوزه في ميلانو في حزيران (يونيو) الماضي على الإيطالي ستيفانو زوف، ولكنه سقط وفقد لقبه ثم فقد حياته في مباراته الأولى دفاعاً عن لقبه مساء السبت الماضي في لاس فيغاس، وأوقف الحكم المباراة بعد 38 ثانية من الجولة الحادية عشرة عندما ترنح جونسون على الحلبة عاجزاً عن الدفاع عن نفسه أمام موجات متلاحقة من اللكمات الرهيبة من شافيز.
ووجه خبراء اللعبة والتحكيم نقداً هائلاً إلى الحكم الذي أدار المباراة لأنه تأخر 30 ثانية في إعلان توقف اللقاء، وهو الأمر الذي أدى إلى وصول أكثر من 20 لكمة قوية ومؤثرة إلى رأس جونسون خلال انهياره وعجزه عن مواجهة منافسه أو تغطية وجهه ورأسه، وتسببت تلك اللكمات المباشرة في إصابته بنزيف حاد في المخ، وهو الأمر الذي أدى لاحقاً إلى وفاته. وغادر جونسون الحلبة سائراً على قدميه بعد إعلان فوز شافيز، ووصل جونسون إلى باب غرفته ثم ترنح وسقط وفقد الوعي تماماً، وحملته سيارة الإسعاف على الفور إلى المركز الطبي الجامعي في لاس فيغاس، وكشف الأطباء عن وجود ضغط شديد على المخ بسبب النزيف وتجمع الدماء تحت الجمجمة، وأجريت له جراحة عاجلة بعد 40 دقيقة فقط من نهاية المباراة حيث فتح الأطباء الجمجمة وسحبوا التجلط والدماء وأوقفوا النزيف ووضعوه تحت الرعاية الفائقة، وعلى رغم أن حالته تحسنت نسبياً في اليومين التاليين إلا أنه فارق الحياة. ورفض الجراح ويليام سميث الكشف عن أسباب الوفاة، مؤكداً أنها لا تزال قيد البحث، ومن المنتظر إجراء فحص لعينة من جسمه لتحديد السبب المؤكد.
جونسون البالغ من العمر 35 عاماً واشتهر في أوساط الملاكمة بدماثة الخلق والأدب الجمّ وكان محبوباً من الجميع، وهو البطل الوحيد في تاريخ اللعبة الذي أكد رغبته في وداع الحياة وهو بطل وعلى الحلبة، وتحققت له الأمنيتان معاً في ليلة مأساوية. ووصف البطل الجديد شافيز الحادثة بأنها صعبة للغاية، وأرسل تعازيه وأسفه إلى أسرة وأصدقاء جونسون، وأكد أنه لم يكن يقصد أو يتمنى في أي لحظة أن يتسبب في تلك النهاية المؤلمة، جونسون هو ثاني ملاكم يلقى حتفه في مباراة على بطولة العالم خلال 3 أشهر فقط، وفي حلبة لاس فيغاس، ولقي الملاكم المكسيكي مارتين سانشيز حتفه بعد يوم واحد من هزيمته بالضربة القاضية أمام الروسي رستم نوغاييف في 2 تموز يوليو الماضي في مباراة التحدي للوزن فوق الخفيف للمحترفين.
ووصل مجموع الملاكمين الذين لقوا مصرعهم بسبب المباريات على حلبة غران هوتيل كازينو في لاس فيغاس إلى ستة ملاكمين حتى الآن. الغريب أن مدير أعمال الملاكم الراحل جونسون نوديبيلا كان المبادر في الدفاع عن الملاكمة والحادثة، وأشار إلى أن وفاة جونسون لا ترتبط بالعنف أو بأي خطأ ولكنها إرادة الله