بيتُ القصيد | البايرن "لم يُختبر"، والسبب أخطاء فينجر .. !
بال سبورت : فينجر تفنن في خدمة هاينكس ! صحيح أن بايرن ميونيخ قدم مباراة كبيرة وكبيرة جداً أمام آرسنال على ملعب إيماريتس أمس لحساب ذهاب ثمن نهائي دوري الأبطال وتمكن من تحقيق الانتصار بثلاثية وحسم تأهله إلى دور الثمانية بنسبة تفوق الـ 95% !، إلا أننا لا نستطيع أن نقول أن البافاري مرشح قوي للوصول إلى أبعد ما يمكن في هذه النسخة من التشامبيونزليج بناءً على ما قدمه في مباراة لندن. ببساطة .. لأن بايرن ميونيخ الألماني "لم يُختبر"، حيث واجه نسخة متواضعة جداً من فريق آرسنال. صحيح أن هنالك فارق كبير في الإمكانيات بين لاعبي الفريقين، والكثيرون -وأنا منهم- رشحوا البافاري ليُكمل مشواره في دوري الأبطال على حساب آرسنال، ولكني على قناعة تامة بأن الجنرز كان يمكنهم الظهور بشكل أفضل، وبالتبعية تحقيق نتيجة أفضل من تلك التي خرجوا بها من مقابلة الثلاثاء. صحيح أن فوز البايرن لم يكن مُستبعداً أبداً في لقاء أمس، ولكني شخصياً لم أتوقع أن يأتي هذا الانتصار بهذه السهولة التي رأيتها أمس. آرسنال لم يُصعّب الأمور على الضيف القادم من البوندسليجا، وبدا بعيداً كل البعد عن مستوى فريق قادر على التنافس في دوري الأبطال، لا أتحدث عن الفوز والتأهل، ولكن حتى التنافس لم يكن آرسنال قادراً عليه وهو يلعب على ملعبه وبين أنصاره، ويملك مدرباً كبيراً يُدعى آرسين فينجر. لا يمكنني أن أمحو التاريخ الرائع للفني الفرنسي، ولكنه لا يجب أن يركن للماضي البعيد وتحقيق آخر بطولة في 2005، بل قيادة فريقه في الحاضر لاستعادة الأمجاد المفقودة ومصالحة جماهير آرسنال التي طال صبرها على فريق مخيب للآمال طيلة سبع سنوات. إذا كانت إدارة آرسنال تتحمل بشكل واضح مسئولية ضياع البطولات على الفريق اللندني خلال السنوات الأخيرة ، فإن آرسين فينجر يتحمل مسئولية خسارة 1-3 أمام آرسنال أمس، أو على أقل تقدير هذه الصورة الباهتة للمدفعجية في لقاء بتلك الأهمية للأسباب التالية: غياب التحضير النفسي من المفترض أن تكون لدى آرسين فينجر الخبرة الكافية ليكون على دراية بأهمية التحضير النفسي للاعبين قبل مثل هذه المباريات الكبيرة. ومع تعرض فريقه لنكسة جديدة والخروج من كأس الاتحاد الإنجليزي على يد فريق خارج البريميرليج، هو بلاكبيرن روفرز، قبل موقعة البايرن بأيامٍ قليلة، كان يتعين على الفني الفرنسي الجلوس مع لاعبيه وحثهم على نسيان كل ما فات، وتعويض جماهيرهم من خلال القتال أمام البايرن خصوصاً في لقاء الذهاب على ملعبهم، ومحاولة الخروج بأفضل نتيجة ممكنة. فينجر كان يتعين عليه أيضاً أن يجعل لاعبيه يثقون في أنفسهم وفي إمكانياتهم وقدراتهم رغم أنها أقل من قدرات عناصر البايرن، حيث أنه لا يمكن لأي فريق الظهور بشكل طيب من دون أن يؤمن أن بقدرته أن يفعل شيئاً جيداً أمام خصمه، مهما كان حجم هذا المنافس. لم أشعر بوجود هذا التحضير النفسي في لقاء أمس، حيث بدا لاعبو آرسنال خائفين بكل وضوح وفي انتظار الهزيمة الحتمية أمام الكتيبة البافارية. تشكيلة أساسية مُريحة للبايرن ! تحدثنا عن الجانب النفسي الذي عادةً ما يكون له دور كبير في مثل هذه النزالات، فلنتطرق الآن إلى الجانب الفني. آرسين فينجر تفنن في خدمة نظيره في البايرن، يوب هاينكس، حيث أراح الفني الألماني من أهم لاعبيْن في تشكيلة آرسنال على مستوى صناعة اللعب: كاثورلا ووالكوت، حيث دفع بالأول في مركز الجناح الأيمن بدلاً من موقعه المعتاد في قلب الملعب كعقل مفكر وصانع ألعاب، أما الثاني فدفع به في قلب الهجوم !. قد يقول قائل أنه دفع بوالكوت كقلب هجوم من أجل استغلال سرعته في الهجمات المرتدة، ولكن .. أين كانت تلك المرتدات؟ .. وهل يُعقل أن يلعب فريق يستحوذ على الكرة كثيراً على الهجمات المعاكسة؟!. والسؤال الأهم: هل كان آرسنال لا يستغل سرعات والكوت في المرتدات عندما كان يلعب في موقعه الطبيعي في الجناح الأيمن؟!، الفرق أنه آنذاك كان والكوت يجد اللاعب الذي "يسند" عليه أو يتبادل معه الكرات ليساعده على الوصول لمرمى المنافس، أما في مباراة أمس كان والكوت ينطلق فيجد نفسه وسط أربعة أو خمسة ألمان من دون أي مساندة من زملائه فيضطر للاحتفاظ بالكرة إلى أن تأتي المساندة وتضيع الهجمة المرتدة على الفريق الإنجليزي. الحقيقة هي أن آرسين فينجر أخطأ كثيراً على مستوى التشكيلة الأساسية، فكان يتعين عليه منذ البداية الدفع باللاعب أبو ديابي في الارتكاز الدفاعي للقدرات الدفاعية الممتازة للفرنسي، إلى جانب ويلشير وكاثورلا كما هي العادات، على أن يتواجد والكوت كجناح أيمن وأوليفيه جيرو في قلب الهجوم. "الخوف" كان هو الدافع وراء تغيير مراكز اللاعبين، وهو ما جعل آرسنال يفتقد لأهم صناع ألعابه: كاثورلا ووالكوت، كما افتقد المدفعجية لقلب الهجوم القادر على إزعاج دفاعات البايرن، وانظروا ماذا فعل جيرو في أول لمسة .. كاد الفرنسي أن يسجل فور دخوله كبديل في الشوط الثاني من "عرضية" والكوت من الجهة اليمنى، وهي اللعبة التي كان يجب أن يلعب عليها آرسنال منذ الدقيقة الأولى، فلم يكن هنالك مجال للدخول من "العمق" في ظل الكثافة العددية التي لعب بها البايرن في قلب الملعب. أدعوكم أصدقائي للمقارنة بين فينجر وفيرجيسون .. الأول اعتمد على عناصر وسط ملعب في مراكز هجومية: والكوت وكاثورلا، أما الثاني فدفع بعناصر هجومية في مراكز وسط ملعب: روني وويلبيك، ولذا فإن الثاني هو مدرب الماضي والحاضر !. عدم قراءة المباراة مبكراً ما يفرق مدرب عن مدرب آخر هي قدرته على قراءة المباراة وتصحيح أوضاع فريقه بشكل مستمر أثناء سير المقابلة. كان واضحاً جداً للعيان أن البايرن يعول كثيراً على فيليب لام للصعود من الجهة يمنى وصناعة اللعب وخلق الخطورة على مرمى آرسنال، وهو ما كان يتطلب من فينجر أن يمنح التعليمات الواضحة للوكاس بودولسكي الجناح الأيسر أن يعود مع لام ويُغلق المساحات تماماً أمامه من أجل أن يُريح دفاعات الجنرز. التبديلات السلبية ولكن فينجر لم يتفطن إلى ذلك سوى مع بداية أحداث الشوط الثاني، حيث رأينا بودولسكي يأخذ أدواراً دفاعية واضحة أمام لام، ونجح الألماني بالفعل في ذلك فقلت خطورة البافاري بشكل واضح جداً، وهو ما ساعد آرسنال على الظهور بشكل أفضل وتسجيل هدفه الوحيد في المقابلة. وبعد أن أصبحت المباراة صعبة على البايرن واقترب المدفعجية من إدراك هدف "التعديل"، قام فينجر بسحب بودولسكي ليفتح المساحات من جديد أمام لام (رجل المباراة الأول) ويعود لأخذ حريته في الجبهة اليمنى، ليصعد ويصنع الهدف "الثالث" للمتميز ماندزوكيتش. صحيح أن دخول جيرو كان تبديلاً إيجابياً وتبع ذلك انتقال والكوت للجبهة اليمنى وهو تغيير تكتيكي سليم، ولكن لماذا خرج بودولسكي؟! .. والسؤال الأهم: لماذا أصر فينجر على الاعتماد على كاثورلا كجناح؟!. كان يتعين على فينجر إعادة اللاعب الإسباني إلى موقعه الطبيعي في قلب الملعب أمام ويلشير وآرتيتا على أن يبقى بودولسكي في مكانه كجناح أيسر، وهنا كنا سنشاهد آرسنال خطيراً جداً في الدقائق الأخيرة من عمر اللقاء من خلال تواجد التشكيلة المثالية خصوصاً على مستوى الخط الأمامي. علاوة على ذلك فلم يستخدم فينجر التبديل الثالث رغم وجود لاعب بإمكانيات تشامبرلان، اللاعب الذي إن دخل فكان قادراً على خلق الكثير من المشاكل لدفاعات البايرن ومنح آرسنال الكثير من الحركية في المناطق الأمامية، ولهذا السبب بالذات لم يدفع به فينجر حيث أنه تفنن كما قلت في خدمة هاينكس !. تصريحه بعد المباراة ! بعد كل ما سبق .. وجدنا آرسين فينجر بعد نهاية اللقاء يصف أداء فريقه بـ "الجيد" و"الممتع"، وهو ما ينم عن عقلية هذا الرجل، الذي بات يكتفي بتقديم الأداء الجمالي، دون تقدير لأهمية النتيجة بالنسبة لفريق يمثل نادياً كبيراً بحجم آرسنال. عودة آرسنال للبطولات من المؤكد أنها لن تكون على يد آرسين فينجر .. !. في النهاية، أريد أن أؤكد على احترامي لتاريخ آرسين فينجر وانتقادي في هذا المقال هو لأداء هذا الرجل كمدرب في لقاء أمس، وليس على مدار تاريخه!. كما أريد أن أؤكد أن حديثي عن أخطاء فينجر لا يقلل أبداً من قيمة انتصار البايرن، الذي حقق تلك النتيجة عن جدارة واستحقاق، حيث قام لاعبو البافاري بعملهم الفني "والتكتيكي" على أكمل وجه، بالإضافة إلى التبديلات الإيجابية للمدرب هاينكس في الشوط الثاني. أنتظر قراءة تعليقات حضراتكم .. يمكنكم مناقشة محمد الشويمي في كل ما يخص الكرة الأوروبية من خلال صفحته الشخصية على فيس بوك من خلال الضغط على "like".