"حدث هذا".. الرحلة البريطانية

الخليل- كتب فايز
نصّار/ لم يكن
التعاون سيد الموقف بين قادة العمل الرياضي بعد قيام السلطة منتصف التسعينات ،
وكانت المناكفات سيدة الموقف على خلفية حساسيات مقيتة ، بما انعكس على نزاهة
التعاطي مع الملفات الرياضية ، وخاصة ملف التمثيل الخارجي ، الذي بدأ بتمثيل فرق
المحافظات الجنوبية شباب وخدمات رفح لفلسطين في المنافسات العربية .
ولم يستطع اتحاد
الكرة تجميع منتخب موحد ، يشارك في الرحلة البريطانية ، التي نظمها المجلس الثقافي
البريطاني مطلع شهر أيار 1996 ، على خلفية مواقف غير رياضية ، واخرى تتصل بتعنت
المحتل الدخيل !
وبدأت
حكاية الرحلة البريطانية بجهود تذكر من مسؤول ملف الثقافة والرياضة في
القنصلية البريطانية في القدس مأمون قاسم ، الذي رتب سنة 1996 لرحلة منتخب ضم
عدداً من " نجوم المحافظات الشمالية " ، ولعب أربع مباريات في خمسة
أيام مع عدد من الأندية البريطانية ، وذلك بعد سنتين من أول رحلة فلسطينية
إلى بلاد الضباب ، حين زار أول وزير للشباب والرياضة الدكتور عزمي الشعيبي لندن
بترتيب من القنصلية البريطانية .
وكان
اللقاء الكروي الفلسطيني البريطاني الوحيد جرى سنة 1943 ، وسجل فوز نادي شباب
العرب الحيفاوي ، على منتخب المنوعات البريطاني " الوندررز " ، الذي
جاب الشرق الأوسط للترويح عن جنود الإمبراطورية ، التي لا تغيب عنها الشمس ،
على هامش الحرب العالمية الثانية .. ويومها فاز الفريق الحيفاويّ بأربعة أهداف
لهدفين ، في مباراة تألق فيها نجم النجوم جبرا الزرقا ، الذي لفت أنظار مسؤولي
أرسنال العريق ، فحاولوا - دون جدوى- التعاقد معه .
وبدأت
عملية اختيار لاعبي المنتخب الفلسطيني بتشكيل ثلاثة منتخبات تمثل وسط ، وشمال ،
وجنوب الضفة ، ثم اختير 22 لاعباً من المنتخبات الثلاثة لمعسكر لمدة أسبوعين
استضافته قلقيلية في النصف الثاني من شهر نيسان ، بإشراف المدرب محمد حنو وحده ،
بعد اعتذار المدرب عقيل النشاشيبي عن مهمة مساعد المدرب .
وشارك في
المعسكر القلقيلي اللاعبون خضر عبيد ، وأحمد عيد ، وغالب حجاج ، وابراهيم عنبر ،
وفيصل أبو مسلم ، وماهر بركات ، وهشام أبو ضهير ، وخالد أبو غوش ، وزاهر النمري ،
وغسان سالم ، وماهر بكر ، ونائل اسعد ، ومحمد ابراهيم ، وعماد ناصر الدين ، وأسامة
أبو عليا ، وعفان سويدان ، وسيف سالم ، ومحمد عودة ، وأيمن وحسن صندوقة ، ومفيد
بريكي ، وخلدون فهد .
وبدأت
مشاكل المنتخب " برفض سلطات احتلال " منح تصاريح للاعبي المحافظات
الجنوبية ، وهم اسماعيل الخطيب ، وابراهيم مدوخ ، وصائب جندية ، وزياد الكرد ،
وناهض الاشقر ، وشوقي أبو محسن ، ومحمد الجيش ، ومحمد يوسف ، لتأتي الضربة الثانية
برفض منح تصاريح لمطار اللد للاعبين ابراهيم عنبر ، وعفان سويدان ، وهشام أبو ضهير
، وسيف سالم ، وغالب حجاج .
ويومها
استشطت غضباً ، وتمنيت لو أنّ المسؤولين رفضوا السفر لتعرية نظام الاحتلال ،
فصرخت في عمودي " الحديث ذو شجون : " أدفع نصف عمري لمن يدلني على
دولة تمنع نصف منتخب من المرور من مطارها ، وأدفع نصفه الباقي إذا قبل المسؤولون
مواصلة الرحلة بعد هذا الجور " !
وتساءلت في مقال آخر : " لست أدري هنا ماذا تستفيد دولة – عضو في الفيفا
والاتحاد الأوروبي – من مثل هذه التصرفات غير المسؤولة ؟ والأمر كان يقتضي موقفاً
حازماً من وزارة الشباب والرياضة الفلسطينية ، بموقف حاسم يتصدى لمثل هذه التصرفات
الإرهابية ، فلم لا تستنكر الوزارة هذا التعسف الاحتلالي ؟ ولماذا لم تقدم الوزارة
على إلغاء الرحلة من أساسها ، بعد منع سلطات الاحتلال 14 لعباً من مرافقة الوفد
؟ " .
وبعد
هذه الاجراءات غير الانسانية اقتصر تعداد المنتخب على 16 لاعباً هم زاهر النمري ،
وغسان سالم ، وخضر عبيد ، وأسامة أبو عليا ، وأحمد عيد ، وخالد أبو غوش ، وماهر
بركات ، وخلدون فهد ، وعماد ناصر الدين ، ومحمد عودة ، ونائل أسعد ، وماهر بكر ،
وعبد الناصر بركات ، وحسن وايمن صندوقة ، ومفيد بريكي .
المهم
أنّ منتخبنا سافر من قلقيلية إلى مطار اللد مباشرة ، وكانت أمام حافلة اللاعبين
سيارة القنصلية البريطانية ، ولمّا دخل نجومنا مطار اللد بطقم رياضي مكتوب عليه
اسم فلسطين باللغة الانجليزية ، وموشح بالعلم الفلسطيني حدثت جلبة في المطار
المحتل ، بما جعل موظفي المطار يتعاملون مع لاعبينا بسادّيّة ، أخرت سفر المنتخب
14 ساعة !
ووصل منتخبنا إلى مانشستر يوم 6 أيار 1996 ، ومساء اليوم نفسه لعب الفدائي مع فريق
سكاربورو من مقاطعة دونكاستر ، وخسر منتخبنا بثلاثة أهداف ، مقابل هدف سجله خلدون
فهد ، ليخسر رجال المدرب محمد حنو في اليوم الثاني مع فريق سكانفورب بأربعة أهداف
نظيفة .
وخسر
منتخبنا لقاءه الثالث يوم 8 أيار بهدفين أمام فريق مانسفيلد تاون ، ، قبل لعب
مباراة أكثر أهمية يوم 10 أيار مع متصدر الدرجة الثالثة نادي بارنيت ، الذي فاز
على منتخبنا بصعوبة ، بنتيجة هدفين مقابل هدف سجله مفيد بريكي ، لتكون الحصيلة
أربع خسائر .
والحقّ
يقال : إنّ هذه الخسائر مبررة ، لأنها جمعت منتخبنا بفرق شبه محترفة ، ولأنّ
لاعبينا لم يتعودوا على لعب أربع مباريات في خمسة أيام ، وما يتطلب من معاناة
التنقل بين الملاعب ، ناهيك عن كون قائمة الفريق تضم فقط 16 لاعباً ، وأصبحت 15
لاعباً فقط بعد اصابة خضر عبيد .
وضم
الوفد الإداري للمنتخب في الرحلة البريطانية المرحوم راسم يونس رئيساً للوفد ،
ومعه مقرر اللجنة التحضيرية رجب شاهين ، وعضو اللجنة جورج غطاس ، والإداري
داود متولي ، والمدرب محمد حنو ، والملاحظ أنّ الوفد لم يضم مسعفاً ، أو مسؤول
عتاد ، أو مساعد مدرب ، أو مدرب حراس !
وكان من
فوائد الرحلة البريطانية اطّلاع نجومنا على مستويات كروية عالمية ، خاصة وأنّهم
استفادوا من مرافقة أربعة مدربين بريطانيين ، وفي مقدمتهم هيورد سيمونس ، ناهيك عن
الكشف عن الوجه الحقيقي للاحتلال ، الذي تصرف بعنجهية تجاه متطلبات هذه الرحلة .
يذكر أنّ
محاولات من أطراف مختلفة عملت على ترتيب لقاء بين منتخبنا ، وفريق يمثل الجالية
اليهودية ، ولكن المحاولة باءت بالفشل ، لأنّ الموقف الفلسطيني كان واضحاً برفض
التطبيع الرياضي !