الراحل الكبير صلاح التعمري واستاد فيصل الحسيني

كتب ياسين الرازم- القدس
فقد الوطن يوم امس السبت القائد والمناضل والسياسي المحنك اللواء صلاح التعمري وزير الشباب والرياضة الاسبق ما بين عامي 2003-2005والذي كانت لي قصة سريعة مع هذا المناضل الكبير رحمه الله تتعلق بملعب الضاحية ( كلية الامة ) وما بات يعرف بإستاد الشهيد فيصل الحسيني اوردها في هذه العجالة
قامت وزارة الشباب والرياضة في العام 1995 في عهد اول وزير لها الدكتور عزمي الشعبي وبالتعاون مع مدير عام دائرة الشباب والرياضة الحاج نبيل ابو عمر رحمه الله بترميم الملعب وفرشه ارضيته الصخرية بتراب محسن وبناء مدرج في الجهة الغربية وتحته عدد من الغرف، وتمت احاطة الملعب بسور من الجهات الثلاثة الاخرى ونصب اعمدة وسياج فوق هذا السور ، فاصبح الملعب معتمداً من اتحاد كرة القدم ويقيم عليه بعض المباريات الرسمية
بقي الملعب على حاله لسنوات طويلة بدون متابعة او صيانة، وبقيت بعض غرف المدرج مشرّعة الابواب، الامر الذي شجع مدمني المخدرات في استخدامها لبيع وتعاطي المخدرات ، وكانت قوات كبيرة من الشرطة الاسرائيلية بين الحين والاخر تداهم غرف المدرج خاصة اذا علمت بوجود مدمنين يهود بداخله .
اذكر انه في العام 2004 كنت منتدباً من رابطة اندية القدس لمراقبة مباراة لفئة الشباب بين فريقي ابو ديس وسلوان ، فشاهدت شاباً مستغرقاً بالنوم على المدرج ، فاعتقدت انه سيصحو من نومه مع وصول اللاعبين والجمهور وبدء المباراة , الا انه بقي على حاله طيلة المباراة ، ما دفعني لالتقاط بعض الصور الفوتوغرافية لهاذ الشاب النائم، وما بين شوطي المباراة قمت بجولة في الغرف المفتوحة فشاهدت اثار تعاطي المخدرات والمسكرات ملقاة في ارض احدى الغرف فالتقطت بعض الصور ،وللأسف كان الشاب نائما بسبب تعاطيه للمخدرات .
قمت بطباعة الصور ورقياً ( لم نكن نعرف يومها كاميرات الديجيتال ) وعرضتها على مسؤولي المباشر في مديرية القدس كوني موظفاً فيها للقيام بما يلزم ، ويبدو انه لم يتمكن من اصدار قرار من قيادة الوزارة ، وبعد شهر من تلك الحادثة نشرت تقريرا صحفياً مزوداً بالصور في مجلة رياضية كانت تصدرها رابطة اندية القدس، والتي كنت محرراً فيها الى جانب الزميلين راسم عبد الواحد وسمير غيث .
بعد صدور وتوزيع ذلك العدد من المجلة ، واثناء وجودي على رأس عملي في مديرية القدس ،فوجئت بقدوم كامل قيادة الوزارة لمقر المديرية بالرام وفي مقدمتهم معالي وزير الشباب والرياضة انذاك صلاح التعمري رحمه الله والوكيل المساعد جمال محيسن رحمه الله ومدير عام الوزارة ربيحة ذياب رحمها الله وعدد من كبار المسؤولين للتحقيق في التقرير الصحفي الذي نشر في مجلة الرابطة، وعندما سأل الوزير عن اسم الشخص الذي كتب ونشر التقرير، اجبته انا من نشر التقرير وكتبه ، وادعوكم جميعا للذهاب الى الموقع ومشاهدة حالة الملعب والمدرج والغرف ، وبالفعل توجهنا للموقع وقمنا بجولة في ارجاء الملعب وغرف المدرج التي بدت نظيفة وخالية من اثار تعاطي المخدرات والمسكرات، فوجئت بل وصدمت من الواقع الجديد الذي عليه الغرف ،وتيقنت ان الهدف كان تكذيب ما نشرته ومعاقبتي على هذا الافتراء .
لاحظ الوزير صلاح التعمري ، وهو القائد الوطني الكبير والقائد العسكري والسياسي المحنك الذي شارك في معركة الكرامة و قائد الاشبال وقائد معسكر انصار في جنوب لبنان ، ان تنظيف الغرف كان حديثا جدا ، فنظر اليّ بعض المسؤولين كأنهم يقولون لي عن ماذا كنت تتحدث في تقريرك المشؤوم ؟ ولا اخفي انني شعرت بشيء من الخوف على مستقبلي الوظيفي ،الا ان فطنة وحكمة الوزير التعمري تجلت وافسدت ما كان يخطط لي، عندما اصدر قراره على الفور قائلاُ عليكم القيام بأحد امرين ، اما اغلاق الغرف المفتوحة بالطوب او تعيين نواطير ( حراس ) على المنشأة ، فنجوت من العقوبة والحمد لله .
هذا القرار الحكيم والمسؤول في التعامل الاعلاميين الرياضيين والصحافة الرياضية ، وجه الانظار من جديد وسلطها على هذا الملعب الحيوي والاستراتيجي ،و اثمر بعد سنوات قليلة عن منشأة رياضية كبيرة تعرف اليوم ب (استاد الشهيد فيصل الحسيني )حيث انه وبعد فترة زمنية قصيرة من تلك الزيارة ، صدر قرار بفرز الزميل محمد زياد صب لبن( ابو اياد ) لتولي مهام مدير الملعب والبدء في عملية استكمال مشروع انشاء استاد كرة قدم، وللحقيقة والتاريخ ان الاخ ابو اياد كان له الجهد الاكبر والاوفر في صنع هذا الانجاز ،كما وافرزت الوزارة المهندس مالك البرغوثي رحمه الله لمتابعة مخططات المشروع الهندسية ، فيما انتدب اتحاد كرة القدم الاخ بدر مكي امين سر الاتحاد ومدير الاعلام بالوزارة للانضمام لطاقم المشروع والذي كان حلقة الوصل مع الاتحاد الدولي ، ولاحقاً تم نقلي من المديرية الى الملعب ، وعملنا اربعتنا في متابعة جميع التفاصيل والامور الخاصة بانشاء استاد كرة قدم اطلق عليه الزميل محمد زياد صب لبن استاد الشهيد فيصل الحسيني ووضع يافطة بهذا الاسم فوق باب اولى غرف المدرج من جيبه الخاص ، حتى قام الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا وبالتنسيق مع الوزارة والاتحاد بتبني تعشيب الملعب وبناء مدرج ومقر للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ، وبقي اربعتنا نتابع سير المشروع حتى اجراء انتخابات جديدة للاتحاد عام 2008 فعاد كل منا لمكان عمله السابق ، وللحديث بقية ان شاء الله...