ولد علي: الفلسطينيون يعانون يوميا، لكن العالم تحركه أصوات القنابل وصور المجازر

يؤكد المدرب الجزائري نور الدين ولد علي
أنه قد وقف عن قرب على الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني وما يعانيه من
عدوان غاشم وانتهاك لحقوق الإنسان من طرف الكيان الصهيوني، وهذا بحكم إشرافه على
المنتخب الفلسطيني لمدة 8 سنوات، وقال المدرب نور الدين ولد علي في حوار خصّ به
"الشروق” بأن هذه الاعتداءات على الفلسطينيين ليست وليدة اليوم، بل يتعرض لها
يوميا، لكن العالم يتحرك أو يعبر عن تضامنه حين يسمع صوت القنابل وصور المجازر،
داعيا إلى ضرورة وقفة إنسانية عالمية من أجل نصرة إنسانية للشعب الفلسطيني وقضيته
العادلة، كما يعتز التقني الجزائري ولد علي بتجربته المهنية مع منتخب "الفدائي”
التي مكنته من معرفة مآسي ومعاناة الشعب الفلسطيني عن قرب.
في
المقابل، أشاد بالوجه الذي قدمه رياض محرز الذي صنفه ضمن أفضل 5 لاعبين في العالم،
كما يبقى متفائلا بمستقبل المنتخب الوطني في تصفيات مونديال 2022، مؤكدا أن
المردود العالمي الذي يقدمه أبناء بلماضي يحفزهم لمواصلة البرهنة من أجل حجز مكانة
لهم في نسخة قطر 2022.
بداية، ماذا تقول عن الوضع الصعب الذي يمر به الشعب الفلسطيني بسبب الاعتداءات
التي يتعرض لها مؤخرا من طرف الكيان الصهيوني؟
الاعتداءات على الشعب الفلسطيني ليست جديدة،
لكن الذي نلاحظه هو أن التحرك الإعلامي والعالمي يكون حين نسمع صوت القنابل وسيلان
الدماء وصور المجازر. الشعب الفلسطيني يعيش وضعا مأساويا من جميع النواحي، وهو في
حاجة إلى وقفة الجميع، لأنه يتعرض يوميا لاعتداءات وتضييق وحقرة من طرف الكيان
الصهيوني.
بحكم أنك دربت المنتخب الفلسطيني لكرة القدم، فكيف وقفت على الوضع عن قرب؟
أنا عشت وعايشت مأساة الشعب الفلسطيني، عشت
ما يتعرض له من انتهاك لحقوق الإنسان في الحواجز وفي كل الأماكن، الذي يتعرض له
الفلسطينيون لا يمكن تصوره، بل يعيدنا إلى المعاناة التي مرّ بها الشعب الجزائري
خلال الفترة الاستعمارية.
هل لا زلت مرتبطا بعقد مع المنتخب الفلسطيني أم انتهت مهمتك؟
انتهت خلال شهر أفريل المنصرم، وأنا سعيد
بكل ما قدمته للمنتخب الفلسطيني، والشكر موصول للاعبين وزملائي في الطاقم الفني
واتحاد كرة القدم على جهودهم من أجل رفع راية فلسطين كرويا.
هل أنت راض بمسيرتك مع منتخب "الفدائي”؟
عملت مع المنتخب الفلسطيني مدة إجمالية تصل
8 سنوات، وكانت التجربة بمثابة اكتشاف هام للرياضة والكرة الفلسطينية، وكذا الوقوف
أكثر على الوضع الفلسطيني في ظل العدوان اليومي الذي يتعرض له من طرف الكيان الصهيوني،
كما كانت السنوات الأخيرة من إشرافي على المنتخب الفلسطيني مهمة من الناحية
الكروية والإنسانية وهذا رغم الظروف الصعبة التي عملت فيها، لأنني أشرفت على منتخب
بدون دولة رسمية، والرهان كله منصب من أجل إعلاء راية فلسطين إقليميا وعالميا،
والحمد لله حاولت قدر الإمكان تشكيل منتخب سعى جاهدا إلى فرض نفسه رغم كل الظروف
والصعوبات، والفضل يعود إلى جهود الاتحاد واجتهاد اللاعبين فوق الميدان.
ما هي أبرز الذكريات التي تحتفظ بها خلال فترة إشرافك على المنتخب الفلسطيني؟
أهم شيء هو أن تجربتي كانت إنسانية، لأنني
دربت منتخبا حاملا لقضية مشروعة، وهي القضية الفلسطينية، كما حاولت إسعاد الجمهور
الفلسطيني بانتصارات ونتائج إيجابية لا تزال في الأذهان، فقد أشرفت على أكثر من 40
مباراة لعبها منتخب "الفدائي” وكل مقابلة لها خصوصياتها، وتبقى طبعا في ذاكرتي
مشاركتنا في نهائيات كأس أمم آسيا، وكذا مواجهتي لمدربين كبار مثل مارشيلو ليبي
وكارلوس كيروش وهنري رونار وغيرهم من المدربين الذين لم أنهزم أمامهم وهناك من فزت
عليهم تحت لواء المنتخب الفلسطيني، وهذا كله يعد مفخرة للكرة الفلسطينية، خصوصا
وأننا كنا سفراء للشعب الفلسطيني وقضيته المشروعة.
كيف كانت علاقتك مع الشعب الفلسطيني؟
كانت رائعة ميزتها الاحترام المتبادل، فقد
حظيت بكرمهم في منازلهم، أكلت طعامهم وجلست وتناقشت معهم، وقفت على همومهم
ومعاناتهم، كما صليت في المسجد الأقصى. أعتقد أنني حاولت أن أقدم وأساهم في إسعاد
الشعب الفلسطيني كرويا انطلاقا من واجبي وتخصصي في مجال كرة القدم وهذا أضعف
الإيمان.
كيف تنظر إلى العلاقة السائدة بين الشعبين الفلسطيني والجزائري؟
هي علاقة أخوية متينة، والشعب الجزائري
معروف بوفائه للقضية الفلسطينية مثلما هو معروف بمساندته لجميع القضايا الإنسانية.
وطبعا ما يعانيه الشعب الفلسطيني قد مرّ به الشعب الجزائري خلال فترة الاحتلال
الفرنسي وفي الثورة التحريرية، وهي حكايات ووقائع سمعناها من آبائنا وأجدادنا، ما
جعلنا نعرف همجية الاستعمار وسنعمل دائما على الوقوف إلى جانب الشعوب المظلومة
وذات القضايا العادلة، وفي مقدمة ذلك الشعب الفلسطيني.
ما رأيك في موجة التضامن التي لمسناها من لاعبين من مختلف البطولات مع الشعب
الفلسطيني؟
هي التفاتة طيبة تعكس وقفتهم مع الشعب
الفلسطيني، لكن أعتقد بأن التضامن الحقيقي يكون ميدانيا، وليس بتغريدات على مواقع
التواصل، خصوصا وأن الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني يتطلب تحرك الجميع، كل
حسب تخصّصه وإمكاناته من أجل تقديم يد العون لشعب يعيش تحت وطأة الاحتلال ويعاني
العدوان والتضييق والحقرة وجميع أنواع الاضطهاد.
بعد انسحابك من المنتخب الفلسطيني هل فكرت في وجهتك المقبلة؟
أنا في فترة راحة، حيث فضلت أن أكون تحت
تصرف العائلة التي غبت عنها طويلا، وفي نفس الوقت أدرس مختلف العروض المقدمة لي،
وإن شاء الله سأتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
كيف تنظر إلى تحديات المنتخب الوطني تحسبا لمونديال 2022؟
المنتخب الوطني وصل مرحلة اتسمت بقمة في
العطاء، وهذا شيء إيجابي من شأنه أن يخدمه في المستقبل القريب، بدليل أن الوجه
المقدم في المباريات الماضية صنف في خانة المردود العالمي، وهذا يشكل عاملا مهما
من أجل التحضير بشكل جيد لتصفيات كأس العالم، والعمل على تجاوز عقبتها من أجل
التواجد في نسخة قطر 2022.
ما رأيك في تأجيل انطلاق التصفيات في آخر لحظة، وتأخيرها من جوان إلى سبتمبر؟
المعروف أن مارس هو شهر العطاء لدى اللاعب
بشكل عام، وهو الأمر الذي يسهل المهمة لإنهاء الموسم بشكل جيد، على خلاف شهر
سبتمبر الذي يتزامن مع بداية الموسم الجديد، وهو الأمر الذي يحول دون جاهزية
اللاعبين بالشكل اللازم، إلا أن الناخب الوطني واع بمتطلبات وتحديات التشكيلة، كما
أن نشاط أغلب اللاعبين في بطولات أوروبية سوف يسهل لها مهمة التكيف مع أهداف
ومتطلبات المنتخب الوطني تحسبا للمباريات الرسمية المقبلة.
ماذا تقول عن محرز وتألقه اللافت بألوان ناديه الحالي مانشستر سيتي؟
كثيرون يقولون إن رياض محرز هو ظاهرة أو
نموذج للنجاح، وفي الحقيقة أن محرز قد برهن على صحة إمكاناته، وعرف كيف يتحوّل من
مستوى طبيعي هاوي ثم تدرج على مراحل حتى وصل للعالمية، وشخصيا أعتبره ضمن أفضل 10
لاعبين، بل ضمن 5 لاعبين الأكثر تميزا في العالم، فحين نراه يحسم نتائج فريقه
بأهداف تقلب الموازين في أدوار متقدمة وفي أعلى المنافسات الأوروبية فهذا دليل
المستوى الذي وصل إليه، وهنا لا أتحدث عن مستواه الفني والتكتيكي بل مستواه الذهني
بالدرجة الأولى.
هل من كلمة أو رسالة تقدمها في ختام هذا الحار؟
أريد أن أقول بأن ما يمر به الشعب
الفلسطيني هي قضية إنسانية تعكس معاناة شعب يريد استرداد حقه، ما يتطلب وقفة
عالمية من أجل نصرته، كيف لا ونحن نرى انتهاك الحرمات والاعتداء على النساء
والشيوخ وقتل الأبرياء. فلسطين في حاجة إلى وقفة حازمة وشجاعة من الجميع، وهذا
يتطلب تضامن كل واحد منا بصفة ميدانية، كل حسب إمكاناته وتخصصه، لأن العبرة حسب
رأيي بالميدان وليس بتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي.