دير أبو مشعل يضخ الأوكسجين في رئتي الكرة الطائرة

رام الله- كتب محمد الرنتيسي/ لا تحتاج طائرة دير أبو
مشعل إلى شهادة أو تعريف، منا أو من غيرنا، فهي غنية عن التعريف، ولها صولات
وجولات، بل إن الكرة الطائرة تجري وراء شباب دير أبو مشعل، وتشكّل ظلاً لهم أينما
حلّوا ونزلوا.
كنا
أشرنا في معالجة سابقة، إلى أن بطولات الكرة الطائرة الرمضانية، غابت، أو ربما
تغيب، بفعل جائحة كورونا، فإذا بنادي دير أبو مشعل يأتي بالرد الرافض لهذا المنطق،
فيروّض "الفيروس" ويطوّعه كما يشاء، كي تحلق طائرته في الأعالي، وفي
أجواء آمنة، بعيداً عن مطبات الوباء.
ونيابة
عن عشاق ومحبي الكرة الطائرة الفلسطينية، ينهض نادي دير أبو مشعل، لينظم دورته
الرمضانية المعتادة، على شكل أمسيات رمضانية، وسهرات رياضية ممتعة وشيقة، وتأتي
دورته هذا العام، تكريماً لشهدائه، الذين ترجلوا من ميادين اللعبة، وهم في ذروة
العطاء والتألق: سعيد البرغوثي، جمال طه، وإبراهيم عطا، ولا غرابة.. فالوفاء من
شيم الرجال الأوفياء.
لقد
دافع البرغوثي وطه وعطا، عن شعار نادي دير أبو مشعل، أياماً عديدة، وسنوات مديدة،
ومثلوه خير تمثيل، واليوم يأتي الوفاء، والالتفات للجهد والعطاء، ولعل هذه
البطولة، هي خير مواساة، لأهالي ومحبي وأصدقاء الراحلين الثلاثة.
لقد
أوفى القائمون على شأن نادي دير أبو مشعل، المعروف بعراقته في لعبة الكرة الطائرة
منذ أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، بكلماتهم التي صدحوا بها، معبّرين عن
حزنهم العميق والنبيل، وباتوا الآن يعملون على ترجمتها إلى واقع ملموس، من خلال
هذه الدورة الرمضانية، التي تستقطب الجمهور والمحبين، وهم كثر، فيكفي أن تكون من
دير أبو مشعل، لتذوب في عشق الكرة الطائرة.
لقد
عبرت طائرة دير أبو مشعل، هذا التحدّي بنجاح، ولعل العدد الكبير للفرق المشاركة
بهذه البطولة الداخلية (16 فريقاً)، يدلل على حيوية "شباب الدير"
واشتيقاهم الدائم لملاعب الكرة الطائرة.
واللافت
أن أسماء الفرق المشاركة، تنوعت ما بين الوطنية، كفريق "الكوفية" بقيادة
المخضرم أحمد الشيخ، والأسرى، وشهداء دير أبو مشعل، وبعض الفرق حملت أسماء محلات
تجارية كمطعم بلدنا ومقهى أبو الجود وألمنيوم الزاهر وفحمة ونار، وأخرى حملت أسماء
مناطق معروفة في القرية كجبل رشنيا، وعين القصب، وتقام البطولة بنظام خروج
المغلوب، وبمعدل مباراتين في كل أمسية.
ورغم
قيود الجائحة، يواصل لاعبو دير أبو مشعل رسالتهم، فعوامل الشباب والحيوية والحماسة
كلها متوفرة، وتصبّ في صالحهم، كما أن الاشتياق للعب بعد توقف دام أكثر من عام،
يجعل شهيّة اللعب مفتوحة، ويدفع اللاعبين إلى مضاعفة الجد والاجتهاد.
إذا
بقي ما نقوله، ففي إقلاع طائرة دير أبو مشعل، بارقة أمل على النهوض، ودرس في
الإصرار على الصعود، وعدم الانكفاء على الذات، وهذا لن يتحقق إلا إذا أخذنا
بالأسباب وعقلنا، وسلّمنا دفة الأمور إلى أهلها، والعارفين بأسرارها وشعابها.