"المحبوب" اسماعيل مطر مختار الكرة الفلسطينية
الخليل- كتب فايز نصّار/تشرفت أريحا باستضافة أول لقاء لمنتخب فلسطين الحديث ، الذي جمع ثلة من
نجوم الضفة والقطاع ، والتقى في يوم فلسطيني غير مسبوق منتخب المنوعات الفرنسي ،
بقيادة النجم الكبير ميشيل بلاتيني ، والان جيريس، ومصطفى دحلب ، ولاعب التنس يانيك
نوا .
وأشرف على
منتخبنا يومها كلّ من عارف عوفي ، وراسم يونس ، وجورج قيسيس ، وأبو السباع ، وفتحي
الزرد ، واسماعيل مطر ، فيما قاد المباراة حكم فرنسي دوليّ ، ساعده عبد الرؤوف أبو
اسنينة ، وعبده مرعي ، واسماعيل مطر ، الذي فرض نفسه كدينامو للكرة الفلسطينية قبل
وبعد قيام دولتنا على أرض الوطن .
وبزغ نجم أبو
أحمد من أحواش مخيم النصيرات ، الذي لعب في صفوف خدماته ، قبل الانتقال إلى نادي
غزة الرياضي ، الذي عاش معه أحلى أيامه ، وظهر بين طلائع النجوم ، الذين نالوا قصب
السبق في مختلف ملاعب الضفة والقطاع .
ولما غادر "
المختار " غزة للدراسة في أمّ الكنانة لعب لفريق الجامعة ، قبل أن يعود إلى
حضنه الغزيّ الدافيء ، ويظهر كمدرب ، وحكم ، وإداري مخلص ، ليكون شاهداً على معظم
نقاط وفواصل الكرة الفلسطيينة لمدة طويلة ، وخاصة عندما أصبح عضواً مؤثراً في
اتحاد الكرة .
ويعرف
الشارع الرياضي الغزيّ جيداً الرجل ، الذي يتفانى في خدمة الكرة الفلسطينية من
مختلف المواقع ، ويشهد على ذلك ضيوف غزة من الرياضيين – وأنا واحد منهم – ممن سهر
أبو أحمد حتى مطلع الفجر في خدمتهم .. وتلك حكاية من حكايات كثيرة ، أترك ضيفي
يروي لكم بعض محطاتها في هذا اللقاء .
- اسمي اسماعيل أحمد
اسماعيل مطر " أبو أحمد " من مواليد مخيم النصيرات يوم 10/11/1954
، حاصل على بكالوريوس محاسبة من جامعة الأزهر المصرية ، ولقبي البلدوزر .
- بدأت حكايتي
الرياضية من مخيم النصيرات ، الذي داعبت في أزقته الكرة منذ نعومة أظافري ، وظهرت
باكورة موهبتي في المدرسة ، قبل التحاقي سنة 1966 بنادي خدمات النصيرات ، حيث
تدربت بإشراف الكابتن محمود أبو الليل ، والكابتن اسماعيل الزيناتي ، ولعبت إلى
جانب نجوم الفريق المعروفين ، وفي مقدمتهم فارس أبو شاويش ، وتوفيق أبو حرب .
- وكانت محطتي
الكروية الثانية بعد انتقالي مع أسرتي للعيش في مدينة غزة ، فلعبت لفرق مدرستي
اليرموك ، ويافا ، وظهرت قدراتي الكروية في البطولات المدرسية ، التي شكلت
البداية الحقيقة لظهوري في الملاعب ، حيث كان دوري المدارس وقتها يتسم
بالقوة والاثارة ، وساهم في بروز كثير من النجوم ، وكان يحظى بمتابعة جماهيرة
كبيرة ، لأنّه عوض غياب البطولات الرسمية ، والمباريات الودية ، بعد توقف الأندية
إثر عدوان سنة 1967 .
- وشكلت سنة 1969
منعرجاً هاماً في مسيرتي الكروي ، حيث التحقت بفريق نادي شباب غزة ، الذي
لعبت لفريقه الثاني ، وبقيت معه بعد تغير اسمه سنة 1973 إلى نادي غزة الرياضي ،
الذي ضمّ نحبة النجوم العتاولة ، ممن تشرفت باللعب مهم ، ومن أبرزهم أبو السباع ،
وماهر حميدة ، وناجي عجور ، وعلي العمصي ، وزكريا مهدي ، ومحمد ابو حسان ، وماهر
غياضة ، ومحمد وعماد الشريف ، ومروان الترك ، وغسان البلعاوي ، وسليم الزناتي ..
وغيرهم .
- وبسبب الدراسة غادرت
إلى مصر سنة 1976 ، والتحقت بجامعة الأزهر ، التي لعبت مع فريقها الجامعي ، مع
حفاظي على التواصل مع الكرة الفلسطينية ، من خلال لعبي مع النادي الأمّ غزة
الرياضي خلال إجازاتي الصيفية ، وتواصل لعبي مع الرياضي بعد عودتي من مصر ، حتى
اعتزالي اللعب سنة 1985 .
- وأدين بالفضل في نجاحي
لكلّ المدربين ، الذين ساهوا في صقل مهارتي ، وفي مقدمتهم المرحومين سعيد الحسيني
، وابراهيم المغربي ، إضافة إلى الأستاذ معمر بسيسو أطال الله في عمره .
- وأعتز كثيراً بكوني
أحد أبناء أسرة غزة الرياضي ، الذي تأسس سنة 1934 ، ويلقب بعميد الأندية
الفلسطينية ، وتشرفت بعضوية الهيئة الإدارية للنادي منذ سنة 1986 ، ولم أغب عن
عضوية الإدارة منذ ذلك الحين إلا في دورتين انتخابيتين ، لأسباب تتعلق بظروف عملي
، وقد تشرفت في كثير من الأوقات بمهمة أمين سر النادي ، ونائب الرئيس .
- وخلال مسيرتي مع
الرياضي لعبت الكثير من المباريات الرائعة ، التي تخلد الجيل الذهبي للنادي العريق
، ومن أجملها مباريات جمعية الشبان المسيحية ، ونادي سلوان المقدسي ، وثقافي
طولكرم ، وشباب الخليل ، فيما أعتقد أنّ أجملها على الإطلاق المباراة ، التي
لعبتها أمام أرثذوكسي بيت جالا سنة 1979، والتي سجلت فيها هدفين أمتعا
الجماهير الغفيرة ، التي حضرت في ملعب بيت جالا الصغير .
- وكانت تلك الفترة تضم
عمالقة كرة القدم ، من الجيل الذهبي الذي حافظ على كينونة الكرة الفلسطينية ، ولكن
الظروف لم تساعد أبناء هذا الجيل لإظهار نجوميتهم ، إضافة إلى عدم وجود بطولات
رسمية مثل الدوري والكأس في تلك الفترة ، حيث كان الأمر يقاصر على بطولات
السداسيات ، والمباريات الودية .
- وبحمد الله نجحت مع
أبناء جيلي في تقديم عروض كروية ممتازة ، ولو أن الإمكانيات المتاحة للاعبين الآن
كانت متوفرة لنا ، ربما لحققنا الكثير من الإنجازات ، فجيلنا كان يملك مهارات
عالية ، وانتماءاً كبيراً للعبة ، فنجح في نيل اعجاب محبي المستديرة ، ولك أن
تتصور جيلاً يضم المرحوم سليمان أبو جزر ، ورأفت أبو السعيد ، وفريد الخطيب
، ومرسي الفقعاوي ، وصالح شقورة ، واسماعيل الصرصور ، وفارس أبو شاويش ،
وعبدو الزيناتي ، وتوفيق أبو حرب من القطاع ، وعارف عوفي ، وموسى الطوباسي ، وحاتم
صلاح ، وابراهيم نجم ، وعلي العباسي ، وحازم صلاح ، وعرفات حميد ، وراسم يونس ،
والسنو ، ، ومحمود عايش ، ومحمد الصباح ، وجبريل الدراويش من الضفة .
- وأعتز كثيراً بالنجوم
، الذين شكلوا مثلي الأعلى في الملاعب ، وعلى رأسهم مهندس الكرة عارف عوفي ،
والهداف حاتم صلاح ، والقدوة ابو السباع ، والأسطور ناجي عجور ، دون نسيان نجوم
العرب والعالم ، الذين اعجبت بهم ، وفي مقدمتهم بيليه ، ومارادونا ، ومحمود الخطيب
، وطاهر ابو زيد .
- وخلال مسيرتي في
الملاعب كانت لي تجربة تدريبية سريعة ، فعملت سنة 1986مدربا لنادي غزة
الرياضي ، وتشرفت بالإشراف عليه في دورتي الوحدات والرمثا بالأردن ، كما كنت أحد
أعضاء الطاقم الفلسطيني ، الذي أشرف على مباراة منتخب فلسطين ، ومنتخب قدامى فرنسا
في أريحا سنة 1993 ، مع الزملاء ابو السباع ، وفتحي الزرد ، وعارف عوفي ، وراسم
يونس ، وجورج قسيس.
- وفي المقابل كانت لي
مسيرة طويلة مع التحيكم منذ أيام المرحوم شحدة أبو تايه ، وكانت البداية بحصولي
سنة 1985 علي شهادة حكم مستجد ، من خلال دورة أشرف عليها المرحوم يحيى
الشريف ، ومحمد نصر ، وأذكر أنّ اللجنة كانت تسند لي الكثير من المباريات
القوية ، كمباريات ديربي رفح بين الشباب والخدمات ، ومباريات أندية خدمات النصيرات
، والشاطئ ، والاهلي ، وتواصلت مسيرتي مع التحكيم في عهد السيد عبد الرؤوف
السدودي ، قبل اعتزالي طلع التسعينات .
- وأعتز كثيراً بقيادة
الكثير من المباريات القوية ، التي كانت تجمع بين أندية الضفة والقطاع ، ، وأعتقد
أنّ أفضل مبارياتي كحكم تلك التي جمعت قطبى الكرة الرفحية خدمات رفح ، وشباب
رفح سنة 1988م ، والتي شهدت اقبالاً جماهيري كبيراً ، وصل إلى أكثر من عشرة آلاف
متفرج ، كما اعتز بمشاركتي في اول مباراة لمنتخبنا مع نجوم فرنسا بأريحا سنة 1993
مع الحكم الفرنسي ، والزملاء عبد الرؤوف أبو اسنينة ، وعبده مرعي .
- وبحمد الله تعرفت في
الملاعب على كثير من الحكام المجيدين ، ممن قادوا المباريات الصعبة بكل كفاءة
واقتدار ، وكان من بينهم عبد الرؤوف السدودي ، ومحمد أبو حصيرة ، وزكي بارود ،
وعصام بشير ، وسعدي سنونو ، ومحمد الشخريت ، وياسين بهلول ، ومصطفي ابو
الخير من القطاع ، ونادي خوري ، وأحمد الناجي ، وعبد الله الخطيب ، وحسني يونس ،
وعبد الناصر الشريف ، وعبد الرؤوف ابو اسنينية ، وأحمد الأسمر من الضفة .
- وبحمد الله تشرفت
بالمشاركة في عضوية لجنة الحكام منذ سنة 1994 ، إلى جانب الاخوة عبد الرؤوف
السدودي ، وسعدي سنونو ، وزكي بارود ، وياسين بهلول ، ومصطفي ابو الخير ، ثم ترأست
اللجنة منذ سنة 2005 حتى تركي الاتحاد نهاية سنة 2020 .
- وخلال مسيرتي الرياضية
عاصرت أيام رابطة الأندية الرياضية قبل قيام السلطة على أرض الوطن ، وكان السيد
معمر بسيسو يرأس الرابطة ، حتى تمّ انتخاب اتحاد كرة القدم برئاسة اللواء احمد
العفيفي سنة 1998 ، وفي الانتخابات الثانية ، التي جرت سنة 2000 ، أصبحت عضو
المكتب التفيذي للاتحاد ، وكلفت بمهمة أمين الصندوق ، ثم أعيد انتخابي في
الانتخابات ، التي شهدت قدوم اللواء جبريل الرجوب على رأس الاتحاد سنة 2008 ،
وبقيت عضواً في الاتحاد حتى سنة 2020 .
- وأعتز كثيراً بعملي ضم
فريق اللواء أحمد العفيفي ، الذي نجح في تحقيق الكثير من الإنجازات للكرة
الفلسطينية ، أهمها انتزاع الاعتراف الدولي بالاتحاد الفلسطيني ، ووضع الكرة
الفلسطينية علي الخارطة الدولية ، ومساهمته في وضع نواة المنتخبات الوطنية ،
والإنجاز الكبير في الدورة العربية سنة 1999 .
- كما أعتز بالعمل مدة
12 سنة مع فريق اللواء جبريل الرجوب ، الذي نجح في تحقيق نقلة رياضية نوعية ،
وأحدث نهضة رياضية شاملة علي كافة الصعد ، وأهمها تثبيت البطولات الرسمية ،
وتعميم المنافسات على مختلف الفئات العمرية ، وتأهيل الكوادر الفنية ، من مدربين
وحكام ، وإداريين ، وانتزاع الحق في الملعب البيتي ، وتوسيع دائرة الاعتراف الدولي
بحقوقنا الرياضية ، ومقاومة الاعتداءات الاحتلالية على الرياضة والرياضيين .
- أعتقد أنّ من أبرز
المدربين ، الذين سيكون لهم شان في ملاعبنا ايهاب ابو جزر ، وعماد هاشم ، وأنّ
أبرز الحكام ، الذين سيكون لهم شأن براء أبو عيشة ، وخالد الشيخ خليل ، وسامح
القصاص ، ومحمد أبو شمالة ، وبراء ابو سريس ، ومعاذ عوفي .
- أرى أنّ للإعلام
الرياضي دور كبير في عكس صورة محترمة عن رياضتنا للعالم ، وهو مرأه واضحه لمختلف
أنشطتنا الرياضية ، التي أصبحت محور اهتمام الصحافة المحلية ، والعربية ، والدولية
، وفضح دور الاحتلال في عرقلة تطور رياضتنا علي مختلف الأصعدة ، ولكن عتبي علي بعض
الإعلاميين ، ممن يجب عليهم وضع البعد الوطني والمجتمعي في كتابتهم لبعض المواضيع
أو المقالات ، والبعد عن التعصب لبعض الأنديه علي حساب المصلحة العامة ، وأرى أنّ
قلم الإعلامي يجب أن يكون حراً ، وأنّ نقده يجب أن يكون بناءاً ، مع تمنياتنا
للإعلام الرياضي بالتقدم والازدهار .
- بعد السنوات الطويلة
التي قضيتها في الملاعب أشعر بالرضا الكبير عن كل ما قدمته في مختلف المجالات ،
وأشعر بالفخر للإنجازات التي حققتها كلاعب ، ومدرب ، وحكم ... ومنذ أشهر اخترت
الابتعاد عن العمل رياضي كاستراحة محارب ، لأنني أعتبر نفسي جندياً في خدمة
الرياضية الفلسطينية ، مع جاهزيتي دائماً للقيام بأيّ مهمة توكل إليّ في أي وقت ،
وفي أي ّ مجال .
- أخيراً أتوجه بالتحية
والتقدير لكل أبناء الأسرة الرياضية الفلسطينية ، وعلى رأسهم سعادة اللواء جبريل
الرجوب ، الذي نجح في قيادة النهوض الرياضي الكبير ، آملاً أن يوفقه الله في تحقيق
مزيد من التقدم للكرة الفلسيطينة ، شاكراً لك أخي فايز جهودك في تسجيل أرشيف الكرة
الفلسطينية عبر السنين .