"الساحر" ابراهيم سعدية أسطورةرسم أجمل اللوحات الكروية
الخليل- كتب فايز نصّار/ اكتظت جنبات ملعب الحسين الترابي بأكثر من عشرين ألف متفرج ، جاءوا من مختلف المدن الفلسطينية للاحتفاء بزيارة المارد الأخضر ، ومشاهدة نجومه يوسف العموري ، وناصر الغندور ، وجهاد عبد المنعم ، وعبد الله ابو زمع ، وسفيان عبد الله ، وفيصل ابراهيم... ونجم النجوم ابرهيم سعدية ، الذي أضاءت موهبته سماء الكويت ، والأردن .
ودحرج سعدية الكرة يانعاً في حارات الزرقاء ، قبل انتقاله يانعاً إلى الكويت ، حيث تألق مع نادي العودة ، وحصل معه على العديد من الألقاب الفردية ، والجماعية .
وعاد الساحر إلى الأردن مطلع الثمانينات ، فصنع المجد مع نادي عمان ، لتكون له بصمات أكثر تأثيراً مع نادي الوحدات ، الذي حصل معه على كثير من البطولات .
ويجمع من عرفوا أبا محمد على دماثة خلقه ، وموهبته التي لا تجارى ، بما جعله معشوقاً للجماهير ، ومحبوباً من جميع اللاعبين ، الذين شاركوه المجد في أندية العودة ، وعمان ، والوحدات ، ومنتخب فلسطين في الكويت ، والمنتخب الأردني .
ويعتز السعدية بكونه خرج من الملاعب نظيفاً من العقوبات ، معبراً عن سعادته للحصيلة التي خرج بها من الملاعب ، وأهمها حبّ الجماهير .
وكان من حسن حظي لقاء النجم الكبير قبل 33 سنة ، حيث أجريت معه لقاءاً لصحيفة المنتخب الرياضية الجزائرية ، وها أنا التقي به من جديد ، وأفتح معه صفحات من ذكرياته الكروية في خلال هذا اللقاء .
-اسميابراهيم خليل محمد سعدية"ابو محمد " من مواليد الزرقاء يوم 15/2/1959، أطلق عليّ المتابعون ألقاباًكثيرة ، من أجملها " اللاعب الخلوق" ، وأصلي من مدينة طبريا الفلسطينية .
-لعبت الكرة طفلاً فيحارات الزرقاء ، حيث كان لكلّ حارة فريق ، وكنت ألعب مع رفاق أكبر مني سنّاً في تلك الفرق ، وفي سن الحادية عشرة انتقلت الى الكويت لألعب مع فريق المدرسة ، حيث لاحظ المتابعون تميزي المهاري ، وبراعتي في صناعة اللعب ، والمراوغة ، والتسديد من خارج المنطقة .. ومنذ عام 1973 دخلت رحاب الأندية ، فلعبت مع فريق خان يونس بالكويت ، ثم انتقلت إلى نادي العودة عام 1975 ، وأحرزت معه بطولة دوري الفرق الفلسطينية خمس مرات ، وكنت هداف البطولة عام 1980.
-وشكلت سنة 1981 منعرجاً هاماً في حياتي ، حيث عدت إلى الأردن ، ولعبت معنادي عمان ،وذلك بمبادرةمنإداري في نادي العودة ، وشجعني على الموافقة رغبتي في الدراسة في الكلية ، التحقت بنادي عمان بعد صفقة شبه احترافية ، إذ كنت أتقاضى راتباً شهرياً مقداره 230 دينارا، وهو مبلغ كبير في تلك الفترة ، وبحمد الله قضيت مع نادي عمان فترة ناجحة ، وتشرفت بالمساهمة في بقائه في الدروي الممتاز ، بعد مباراة حاسمة أمام نادي عين كارم ، وأحرزت معه لقب الدوري والدرع سنة 1984 ، ولقب الدرع سنة 1985 ، وفي صفوفه تعرفت على كثير من النجوم ، من بينهم النجوم الوافدين من الضفة صديقي محمد الصباح ، وسامر بركات ، وعارف عوفي ، إضافة إلى لاعب الجزيرة سيمون خير ، الذي عرفته في الكويت قبل ذلك .
-ولا أنسى هنا فضل مدربي السوداني ادريس ، الذي كان يعمل في نادي العودة بالكويت ، فله أثر كبير في رفع مستوى لياقتي البدنية ، كما لا أنسى المدرب المصري أحمد حسن ، الذي أعجب بي من أول لقاء ، وقال قولته المشهورة : بهذا اللاعب " رقم 11 " أستطيع الظفر بالدوري ، وذلك بعد مشاهدته لي سنة 1983 ، تمهيدا لاستلام مهمته الفنية مدرباً للفريق ، وكانت تلك بداية الطريق نحو لقب 1984 ، حيث فزنا على جميع الفرق في مرحلتي الذهاب والاياب ، باستثناء خسارة واحدة أمام الوحدات ، ثم توجنا بلقب درع اتحاد الكرة ، وكررنا إنجاز الدرع سنة 1985.
- بحمد الله أنا سريع التفاهم مع أيّ لاعب ، وأرى أنّ أفضل من شكل معي ثنائياً محمد الصباح في نادي عمّان ، الذي كان يدرس في الجامعة الأردنية ، وخالد سليمفي نادي الوحدات ، وهناك أيضاً جهاد عبد المنعم ، وطلال ربايعة .
- وبالنظر لبروزي وتألقي تلقيت العديد من العروض من عدة أندية ، واستقر الأمر على اللعب للوحدات ، مقابل صفقة قياسية وصلت إلى 17000 دينار ، بعد قصة طويلة كان بطلها الإعلامي الراحل سليم حمدان ، وكانت حصتي يومها 8 آلاف دينار، إلا أنني تنازلت عن قسم كبير منها كرمال عيون شيخ الإعلاميين "ابو السلم” ، وجماهير الوحدات .
- وبحمد الله توفقت في الظهور مع الكتيبة الخضراء ، وقضيت أجمل أيامي مع الوحدات ، الذي رسمت معه أجمل اللوحات الكروية ، وحصلت معه على بطولات كروية ، من أهمها الفوز بلقب الدوري سنوات 1987 و 1990و 1991و 1994، وبلقب كأس الأردن سنة 1988، ولقب درع اتحاد الكرة سنة 1988، ولقب كأس الكؤوس سنة 1989.
- وفي الوحدات تشرفت بمعايشة ثلاثة أجيال من النجوم الرائعين ، لعل من أبرزهم باسم تيم ، وناصر الغندور ، وخالد سليم ، ونادر زعتر ، وعبد الكريم الشدفان ، ووليد قنديل ، ورائد عساف ، ويوسف العموري ، وجلال علي ، وناصر الحوراني ، وجهاد عبدالمنعم ، وهشام عبدالمنعم ، ويوسف الشمري ، وطلال ربايعة ..ومنهم أيضاّ علي جمعة ، وسفيان عبدالله ، وعبد الله أبوزمع ، وفيصل ابراهيم ، ورأفت علي ، وجمال محمود .
- وخلال مسيرتي في الملاعب سجلت الكثير من الأهداف الحاسمة والمؤثرة ، لعل من أجملها الهدف الذي سجلته في مرمى حارس الأهلي من مسافة 35 ياردة ، في مباراة ضمن اياب موسم 87 ، وهدفي في مرمى الرمثا ، عندما كان الوحدات يحتاج الى التعادل للظفر باللقب ، رغم تقدم الرمثا بالنتيجة ، فنجحت بحمد الله في التعديل وضمان اللقب ، فيما كان أغرب أهدافي كان في مرمى فريق النصر ، حيث سددت كرة ضعيفة بعد تعرضي للخشونة الزائدة ، وسقوطي أرضاً ، وبينما كنت أعاتب الحكم ، إذا بزملائي يلتفون حولي لتهنئتي بالهدف ، الذي لم أشعر بتسجيله .
- وخلال وجودي بالكويت لعبت عدة مباريات مع منتخب فلسطين ، ثم لعبت للمنتخب الاردني بين سنتي 1981 و ١٩٩١ ، وبدأت قصتي مع المنتخب الأردني مع المدرب الراحل مظهر السعيد سنة 1981 ، وبحمد الله حققت مع النشامى الكثير من الإنجازات الكروية ، وتعرفت على ثلة من النجوم المرموقين ، أذكر منهم ميلاد عباسي ، وجلال علي ، وعصام التلي ، ورائد عساف ، ويوسف العموري ، وهيثم عبدالهادي ، وتوفيق الصاحب ، وعدنان الترك ، وخالد عوض ، وجمال ابو عابد ، ومنيب غرايبة ، وراتب الداوود ، وخالد العقوري .. وغيرهم.
- وأذكر بفخر تألقي مع المنتخب الأردني في كثير من المناسبات ، من بينها مشاركتي في تصفيات لوس انجلوس الأولمبية سنة 1984، وفي كأس آسيا سنة 1985، وسنة 1988، التي شهدت تسجيلي هدف التعادل في مرمى اليابان ، في المشاركة التاريخية للمنتخب الوطني وقتها ، والتي شهدت تأهل المنتخب الياباني بفارق الأهداف .
- ولعل أفضل ما خرجت به من الملاعب بعد اعتزالي سنة 1995 محبة أركان الأسرة الرياضية ، واحترام الجمهور ، العزيز على قلبي ، والذي كان يتفاعل معي عندما أطلب منه الصمت في أيّ موقف ، كما أعتز كثيراً بسجلي النظيف من العقوبات ، اللهم البطاقة غير المفهومة ، التي اعترف الحكم أنها لم تكن مستحقة في لقاء عمان والنصر .
- وبعد اعتزالي اللعب سنة 1995، حاولت البقاء في محيط معشوقتي المستديرة ، من خلال التدريب ، فعملت مدرباً مساعداً مع الكابتن محمد مصطفى ، ودربت فرق الفئات العمرية بالوحدات ، ثم توليت تدريب شباب الحسين لموسمين ، ولكن ظروف عملي في القطاع الخاص لم تسمح ليّ بمواصلة التدريب .
- كل اللاعبين الذين لعبت معهم أصدقائي، لكن أكثرهم قربي لي لاعب نادي عمان محمد الصباح ، الذي كانت تربطني به علاقة صداقة قوية...أما من نادي الوحدات فجميع اللاعبين تربطني بهم علاقات قوية ، فيما أعتز بصداقتي في المنتخب مع خالد عوض ، وكل نجوم رابطة اللاعبين الدوليين ، وأعتز بعلاقتي مع الصديق سيمون خير ، وهو لاعب لم ياخذ حقه مع نادي عمان ، لكن أثبت جدارته مع نادي الجزيرة .
- مثلي الأعلى في الملاعب نجم وسط نادي القادسية الكويتي فاروق ابراهيم ، الذي كان يلقب بـ (فرقة) ، وكان يحمل الرقم 8 ، وكنت معجباً بالنجم الكويتي جاسم يعقوب ، الذي كنت أحب أسلوبه ، وخاصة تسجيله للأهداف الرأسية ، وأحمد الله ،الذي وهبني موهبة ، كنت أتدرب وحدي لتنميتها ، وكنت أقلد النجوم الكبار ، من أمثال جورج بست في المراوغة ، وجاسم يعقوب في الكرات الرأسية ، وبصراحة انا من عشاق المنتخب البرازيلي ، والنجم رونالدينيو ، وريال مدريد .
-أعتز كثيراً بمعرفتي للمرحوم سليم حمدان ، فهو الأب الروحي لنادي الوحدات ، وكان مرجعاً لأيّ خبر رياضي، افتقدته الرياضة بشكل عام ، وكان من اهم عوامل التحاقي بالوحدات.
- خلال مسيرتي في الملاعب مررت بكثير من المواقف الطريفة ، أبرزها شعوري بالحرج ، بعد عودتي من الحج سنة 1990 ، والذي تزامن مع مونديال ايطاليا ، فأجرى التلفزيون الأردني معي لقاءاً ، وسألني المذيع عن مستوى وتفاصيل المباريات التي لم أتابعها ، لتواجدي في الديار المقدسة..!!ومن الطرائف أيضاً انّمفاوضات سرية كانت تجري بيني وبين المرحوم سليم حمدان في أحد الفنادق ، وذلك خوفاً من التأثيرات الخارجية .
- لو عاد الزمن بي الى الوراء لن أتردد في الاحتراف ، لأنّ له مردود مادي جيد ، ويساهم في تأمين مستقبل اللاعب بعد اعتزاله ، ويؤمن مستقبلاً أفضل لابنائه ، ولا شكّ أنه لو عاد الزمان فلي الشرف أن ألعب مع فريق فلسطين في الوطن .
أخيراً أشكرك أخي فايز على الاهتمام، وتحياتي للشعب الفلسطيني عامةً ، والى اخواني الرياضيين خاصة .