الحارس الشبح خليل بطاح هكذا نلت حبّ الجمهور .

بال سبورت : الخليل- كتب فايز نصار/ منذ تأسيسه سنة 1943 برز في صفوف شباب الخليل كثير من الحراس البارعين ، الذين رسخوا أقدامهم في الفريق العريق ، وساهموا معه في الحصول على الكثير من البطولات .. فمنذ محمد الغبن حتى أنس أبو سيف ، حرس عرين الشباب كلّ من باسم حدادين ، وفيصل الجعبري ، وعبد العظيم أبو رجب ، وزياد بركات ، وأحمد النتشة ، وسفيان الزعتري ، وشادي القواسمي ، ومحمد شبير ، وغانم محاجنة ... ولكن يبقى الحارس الشبح خليل بطاح علامة فارقة ، طالما صفق له الجمهور من مختلف الأندية .
ولأنه لا يوجد من يختلف على نجومية وبراعة التلحمي الطيب أبي أحمد ، رأيت ان أفتح معه صفحات من سجل الملاعب في السبعينات والثمانيات .
- اسمي خليل أحمد يوسف بطاح " أبو احمد " من مواليد بيت لحم يوم 28/1/ 1952 وكنت ألقب بالحارس الطائر ، والحارس الشبح ، والحارس الأمين .
- بدايتي مع حراسة المرمى كانت بالصدفة في الصف الثاني الإعدادي ، حيث شاهدني مدرس الرياضة الاستاذ استيلو أبو سليمه وأنا أقوم بحركات الجمباز أمام الطلاب ، وبسبب غياب الحارس الأساسي يوم مباراة فريق المدرسة مع فريق بيت جالا ، والذي كان فريقا في عزّ تألقه ، وبسبب علاقة الأستاذ الطيبة مع مسؤولي الفريق ، وافقوا على إقامة هذه المباراة على ملعب بيت جالا .
ولمّا اختارني الأستاذ للعب في هذه المباراة أحسست أني ملكت الدنيا كلها ، وأخذت أشجع كلّ الطلاب لحضورها متباهيا بنفسي ، وفي هذه المباراة هزمنا بنتيجة قاسية ، وصلت إلى تسعة أهداف دخلت مرماي ، وكنت المسؤول الوحيد عن هذه الأهداف رغم بساطتها ، حتى أن زملائي في الفريق سخطوا على المدرس ، لاختياره حارس لا يعرف شيء عن هذا المركز ، وبعد المباراة هربت من الجميع خجلا منهم ومن نفسي !
والغريب ، أنّه رغم ذلك أصر أستاذ الرياضة على اعتمادي كحارس مرمى للفريق ، في مباراة أخرى ستقام على ملعب بيت ساحور ، بحضور مدير التربية والتعليم ، مع فريق شركة البلاستيك في بيت ساحور ، ولخوفي من تكرار مأساة مباراة بيت جالا رفضت اللعب ، ويومها هددني المدرس بفصلي من المدرسة إن رفضت ذلك ، وحينها بدأ يوجهني ويرشدني ، ويشرح لي كيف أتعامل وأتصرف كحارس المرمى .
في هذه المباراة تألقت بشكل غير طبيعي ، وكنت موضع إعجاب كلّ من حضر المباراة ، وعند التسليم على مدير التربية ، واستلام الميدالية ، كنت الوحيد الذي استوقفه مدير التربية ، وطلب مني وبشكل جدي أن افتح يداي ، وبصراحة خفت من الموقف وفتحت يداي ، وإذا به يقول لي : أنا فكرت في يديك مغناطيس ، وضرب على يداي بكل محبة ، وقال لي : دير بالك على حالك يا ابني ، فسيكون لك مستقبل باهر ، ولكن إياك والغرور .
كان ذلك وعمري لم يتجاوز ١٦ سنه ، ومن هنا كانت انطلاقتي كحارس مرمى.
- المدرب الذي له فضل عليّ ، مكتشفي الأستاذ استيلو ابو سليمه ، والمرحوم جورج قسيس ، والمرحوم اسماعيل ابو رجب .
- - لعبت لأندية سريان بيت لحم ، وأرثوذكسي بيت جالا ، وشباب الخليل.
- للأسف لم أشارك في أيّ منتخب ، حيث لم يكن هناك أي تشكيل لأي منتخب ، بسبب ظروف الاحتلال .
- أفضل مدافع لعب أمامي خريستو الأعرج في بيت جالا ، وخالد العويوي في شباب الخليل .
- مثلي الأعلى ، في الملاعب المرحوم أمين زيت ، وعمر موسى وأبو حمدي العويوي ، ورجب شاهين ، وحاتم صلاح ، وحسين حسونه .. أمّا خارج الملاعب فمثلي الأعلى والدي رحمه الله ، وأخي ورفيق دربي ، مفيد الحلو ابو عبدالله !
- أحببت التدريب كثيرا ، وكنت أدرب بأسلوب علمي ، بعد قراءتي ومطالعتي لكثير من الكتب في أصول التدريب ، وكنت أعتمد على الناحية النفسية للاعبين ، قبل الحركات والتدريب .
- فعلاً دربت كلاً من إسلامي بيت لحم ، وشباب الظاهرية ،و العربي بيت صفافا ، وبتير وبعض المنتخبات .
- كان تأهيلي من خلال الكتب ، ودراستها بعمق .
سرّ تفوقي مع بيت جالا وشباب الخليل هو حبي وعشقي للكره ، واهتمامي الشديد بحب الجمهور ، وتوكلي على الله بعد الاستعداد الكامل ، وتقييم نفسي بنفسي بعد كلّ مباراة ، والتواضع الكبير أثناء المباراة وبعدها ، وأخيراً حبي الشديد للجمهور الذي أحب خليل بطاح .
حقيقة لعبت لفرق جميع لاعبيها نجوم ، وشعبيتهم كبيرة .. ولكن بصراحة كنت أرتاح من الناحية النفسية لوجود خريستو الأعرج في بيت جالا ، ولوجود حازم صلاح في شباب الخليل .
للعلم لم ألعب رسميا للإسلامي ، وكنت مدرباً له خلال عصره الذهبي ، وكنت تلقيت عروضا من فرق أردنية وبعروض مالية مغرية ، وكان وضعي المالي سيء جدا ، ولكني رفضت بسبب حبي لفريقي .
من أهم اسرار تألقي كحارس مرمى حبي الشديد لهذا المركز ، واحترامي لجميع لاعبي الخصم ، وقراءة القرآن قبل كل مباراة ،وعدم اهتزاز حالتي النفسية عند إحراز أيّ هدف في مرماي ، وطبعا مواظبتي على التدريب ، وتنفيذ توجيهات المدرب ... وكنت أشكر الله واحمده بعد كل مباراة ، مهما كانت النتيجة ،وكنت أقيّم نفسي بنفسي ، باستعراض شريط المباراة ، ومحاولة تحسس أخطائي قبل المباراة القادمة .
عندما أصبحت مشهورا ، زادت مسؤوليتي ، وكنت أحاسب نفسي كثيرا لأبقي صوره جميله في نظر الجميع ، ليس مشجعي فريقي فقط ، بل ومشجعي الفريق الآخر ، وهناك طقوس خاصة بي قبل وبعد كل مباراة .
الدوري اليوم ، ملاعب جميله جداً ، ونجوم تسطع ، ورواتب ممتازه ، وجمهور متعطش ولكنه يتناقص .
من بداية ظهوري ، وأنا أعشق لاعبي غزة ، وأعشق اسلوبهم في اللعب ، وكلّ لاعب منهم كان مشروع شهره ، وللدوري عندهم مذاق خاص ، وتنافس قوي وشريف ، وملعب اليرموك يشهد على ذلك .
دوري المحافظات الشمالية بكل المقاييس رائع وناجح ، ولكن للأسف يشكل عبئاً كبيراً جدا على الأندية من الناحية المالية ، لذلك لا تجد مستوى ثابت ، وهناك أندية سحقت رياضيا ، بسبب نقص المادة .
من افضل نجوم بيت جالا ، الذين لعبت معهم خريستو الأعرج ، وسيمون جهشان ، وهنري خمشتا ، وفريد ونقولا زرينه ، وعمر موسى ، وحسين ظاهر، وكارلوس برهم ، وجورج ابو الريش ، وخضر الحرباوي .
من أفضل النجوم ، الذي مروا على الإسلامي عيسى كنعان ، وموسى كنعان ، وجميل النعيمي ، ومحمود مصطفى ، ،ومحمود خضر ، وعيسى معالي ، ويوسف فرحان ، وجلال عساف ، وجمال الصغير
أفضل حارس فلسطيني بالنسبة لي عبد خليل ، وعماد عكه ، وماهر حميده ، ومعذرة لعدم متابعتي فلا أعرف الكثير عن الحراس الجدد .
- مدربي المفضل علي عثمان ، وإسماعيل المصري ، وجورج قسيس .
- أفضل مدرب عربي حسن شحاته ، وأفضل مدرب عالمي زين الدين زيدان .
- الحمد لله على حب الناس ، وما زالت رغم اعتزالي سنة ١٩٨٥ أتمتع بحب الناس ، وهذه افضل الإنجازات .
- بالنسبة للإعلام الرياضي أقول : وهل يخفى القمر ؟... فعلا إنه رائع وجميل ومتعدد ، كتابة وصوت وصوره ، راجياً أن يكون لمصلحة الرياضة الفلسطينية بشكل عام ، وليس للفريق الواحد فقط .
من الطرائف التي حصلت معي ، في مباراة بين شباب الخليل وبيت جالا على ملعب بيت جالا ، وكنت وقتها حارسا لبيت جالا ، وعندما حضر فريق شباب الخليل إلى الملعب ، وكان مدربهم المرحوم اسماعيل ابو رجب .. يومها أخبر أبو رجب مدرب بيت جالا جوزيف المصو أنه حضر للمباراة بدون الحارس عبد العظيم ابو رجب ، الذي تأخر عن الحضور ، وطلب منه حارسا للمرمى ، حتى تبدأ المباراة وسط جمهور غفير كان متواجدا في الملعب ، فما كان من مدرب بيت جالا إلا أن طلب مني - وكنت الحارس الأساسي للفريق – اللعب مع الشباب ، فأديت مباراة من أجمل مباريات عمري .. ومن يومها نلت رضى وتشجيع وحب الجمهور الخليلي ، ونال مدرب بيت جالا سخط واستياء جمهور بيت جالا !.
لو عاد بي الزمن لتلك الأيام الجميلة ، سأعيد تكرار الإخلاص للرياضة والرياضيين ، والتواضع وحب المركز كحارس مرمى ، وحسن الانتماء له نفسيا وجسديا ، واحترام المنافس - مهما كان مستواه - وعدم الغرور ، وتحسس رأي الجمهور عامة بعد كل مباراة .
الحمد الله كثيرا ، فقد أعطيت الكره كل ما أملك ، فأعطتني الكثير الكثير من... حب الناس جميعا.