شريط الأخبار

إبراهيم حبش ورافي عصفور.. نجومية الملاعب وكاريزما القيادة

إبراهيم حبش ورافي عصفور.. نجومية الملاعب وكاريزما القيادة
بال سبورت :  
رام الله- كتب محمد الرنتيسي/ رسائل طائرة.. هي رسائل "خفيفة لطيفة" ستتوالى تباعاً، ولها من اسمها نصيب، إذ سنخصصها لمعالجة كل ما يمت بصلة لـ"الكرة الطائرة" بكل مهنية وموضوعية، وبعيداً عن أي مجاملة، أو مفاضلة، أو "مفاصلة".. رسائل ستصل عبر "أيام الملاعب" وسيتردد صداها "ولو كره الكارهون".. فأعداء النجاح موجودون، وأكثر ما يزعجهم هو نجاح الآخرين!.   قدمت الرياضة الفلسطينية، لاعبين لا تزال صورهم عالقة في الأذهان، وتتحدث عنهم الأوساط الخارجية قبل المحلية، ولا نجافي الحقيقة عندما نقول إن إبراهيم حبش ورافي عصفور، من اللاعبين القلائل الذين ما زالوا صامدين ومتواجدين في الوسط الرياضي بوجه عام، وإذا كان الكثيرون من زملائهما، جرفتهم متطلبات الحياة، وأبعدتهم عن مسار ألعابهم مُكرهين، فإن حبش وعصفور ما زالا يجدّفان، وكثيراً ما تتطابق العوامل بينهما، وأبرزها "كاريزما القيادة". كنت أطلق على رافي عصفور لقب "حبش الطائرة" وأسمّي إبراهيم حبش "عصفور السلّة" فهما من آخر عنقود الزمن الجميل في فريقيهما سنجل وسرية رام الله، وبينهما أمور "متشابهات".. وهذا ما فرض عليّ أن أضع عيناً عليهما، وعيناً أخرى على مستقبل كل منهما، مع اللعبة التي أحب.    عندما نشير بالكلمة إلى رافي عصفور، فهو واحد من أبرز اللاعبين الذين مرّوا على طائرة فلسطين، ومن الرياضيين الذين نفتخر بهم، ونشير إليهم بالبنان، وكذلك الحال بالنسبة لإبراهيم حبش، الذي كانت الكرة البرتقالية، ماركة عبوره إلى النجومية، ومن هنا، ينبغي أن نتوقف عند نجاحات النجمين، ونتخذها قدوة.   لم تكن معرفتي بالكابتن إبراهيم حبش وليدة اليوم، أو بالأحرى منذ اعتزلت اللعب، ودخلت دهاليز الصحافة الرياضية، وإن كانت الأخيرة، قد عمّقت هذه المعرفة، وقربتني من بعض تفاصيله، فمعرفتي بحبش تمتد إلى سنوات بعيدة خلت، حتى لو كانت معرفة سطحية وشكلية، و"من جانب واحد"، كونه أحد عناصر سرية رام الله في عصره الذهبي، ومنتخبنا الوطني لكرة السلة، وهو أحد العناصر الذهبية التي حقّقت المعادلة الصعبة على المستوى الآسيوي، ولطالما قادّ السرية إلى اعتلاء منصات التتويج كبطل لمسابقة الكأس، أو الدوري الممتاز، ناهيك عن البطولة المفضلة والمحببة له "دورة الشهداء".
أعطِ الخبز للخباز: حينما كنت أشاهد منافسات كرة السلة، من مدرجات السرية، كنت أتابع باهتمام شديد، كل حركة وسكنة لإبراهيم حبش، وأرقب "كاريزما" قيادته، ولن أتطرق في هذا المرور العاجل، إلى الجانب الفني للكابتن حبش، لأني غير ملم بتفاصيل لعبة كرة السلة، ولكن ما أريد لفت النظر إليه خلال هذه الأسطر، أن حبش ومنذ تلك الفترة التي عرفته فيها، وحتى اليوم، ظل كما هو محافظاً على روح القيادة، سواء كان لاعباً في الميدان، أو مدرباً خارج حدود الملعب، أو رئيساً لاتحاد السلة، كما أنه ظل على دماثة خلقه، ولم نسمع له صوتاً مرتفعاً لمجرد أن أصبح "رئيساً" ولا تطاولاً على أحد من زملائه، بل إنه استحدث بطولات ومسابقات سلّوية، ومما نسمعه أنه يقابل كل المقترحات المقدمة من زملائه، أو حتى الانتقادات أحياناً، بتركيز شديد، وابتسامة أخوية تنم عن روح رياضية، وسمو في النفس، وارتفاع عن الصغائر.   لقد نجح إبراهيم حبش وتميّز كلاعب تكتيكي متكامل، ومدافع ومهاجم من الطراز الفريد، فخبرته تساعده على تكييف نفسه مع المجريات، وكان يَعرف متى يُهدّئ اللعب، ومتى يتوارى، ومتى يبرز، ولم يقتصر نجاحه على أن يكون قائداً لمنتخبنا الوطني لعدة سنوات، بل حقّق النجاح نفسه على مستوى الإدارة الفنية، فأخذ مسؤولو اللعبة إلى وضع الثقة فيه، لتولي قيادة منتخبنا الوطني، وهو لم يجف عرقه في الملاعب بعد، وما هي إلا أياماً معدودات، حتى أصبح رئيساً لاتحاد السلة.. لقد أعطى اتحاد الكرة البرتقالية الخبز للخباز، و"يا دار ما دخلك شر".   أما في الكرة الطائرة، فهناك علامة استفهام كبيرة على غياب رافي عصفور، ومن المؤكد أن الكثير من المنتمين إلى أسرة الكرة الطائرة قد تفاجؤوا، أو قل "انصدموا" من الحالة التي وصلت إليها علاقة رافي مع اتحاد الطائرة، علماً أن عصفور يمثل ركيزة أساس في اللعبة، فهو رافعة أساسية من روافعها، ولكن عندما تُغلق الأبواب في وجه "المختلفين" أو دعنا نقول "المتحاورين"، فثق هنا بأن كلا الطرفين متمسك برأيه، وكأن رأيه لا يأتيه الباطل من خلفه أو من بين يديه، أو أن المتحاورين قد ضيّقوا إلى حد كبير دائرة الحلول. كان منتخبنا الوطني للكرة الطائرة، في عصره الذهبي، يضم أسماء رنانة، يأتي في مقدمتها "العصفور الطائر" وأيمن عودة وعبد الكريم خالد وعايد حمدان والتكروري وحمارشة والتلاحمة وأبو الرب وخطاطبة والصفدي والقدومي، وغيرهم من النجوم المحفورة أسماءهم في الذاكرة لعباً وخلقاً.
خطوة جريئة أم "خطيئة"؟ عندما يدور محور الكلام عن مستقبل الكرة الطائرة في فلسطين، بعد اعتزال عمالقة جيلها الذهبي، فمن النادر جداً أن يخلو الحديث عن الأسماء المذكورة، إذ سطّرت نفسها في سماء اللعبة، وفي نظرة إلى واقع هؤلاء اليوم، فمنهم من طار محلقاً خارج الوطن، ومنهم من جرفته ظروف الحياة ورتابتها، وفي مقدمتهم المدرب الوطني أحمد حمارشة، ومنهم من ظل صامداً ويخدم في محراب اللعبة، فأيمن عودة مدرباً لمنتخبي الوطني والشباب، وحسين قدومي مساعداً له، وراني عصفور مدرباً للناشئين وعايد حمدان مساعداً له، والتلاحمي يبدو مرشحاً بقوة لتولي قيادة المنتخب النسوي، نظراً لأن غالبية لاعبات المنتخب في جنوب الضفة، ولهؤلاء جميعاً تحية خاصة من صاحب هذه السطور، وتحية أخرى من أسرة الكرة الطائرة، والتحية كذلك للأب الروحي لمدربي طائرة فلسطين، الكابتن معروف شطارة، رئيس لجنة المدربين والمنتخبات الوطنية في الاتحاد، ولكن.. يبقى رافي عصفور الغائب الأكبر والأبرز، لتغيب معه إمكانياته المعرفية، وخبرته العريضة، ومواكبته الفنية للعبة، علماً بأنه أكثر مدرب في فلسطين حقق ألقاباً مع فريقه (21) لقباً كلاعب ومدرب، وهذا إنجاز لم يسبقه إليه أحد من مدربي فلسطين في شتى الألعاب!!.. كما أنه أول مدرب أحرز ميدالية لفلسطين بالكرة الطائرة، ممثلة ببرونزية الكرة الطائرة الشاطئية في مسقط العام 2015.    إن أيّ اتحاد للكرة الطائرة، ينشد التغيير والتطوير، ولا يضع بعين اعتباره كفاءة بحجم رافي عصفور، فقد خسر خسراناً مبينا.. فهذه ليست "خطوة جريئة" بقدر ما هي "خطيئة بليغة" وتحمل في طياتها رسائل و"مَسِجات" ومعانٍ وأفكار، قد لا تصل إلا لمن يعنيه الأمر!.    ما نقوله هنا، قلناه في عجالة، ولن يعرف قيمة شهادتنا هذه، بحق إبراهيم حبش ورافي عصفور، إلا من زاملهما لاعبين ومدربين، وقبل كل ذلك كقائدين، يحملان من الكاريزما الخاصة بهما، ما جعلهما محط حب وتقدير من القاصي قبل الداني، فحبش الآن، هو بمثابة خبير في سماء كرة السلة، ووصل به الأمر إلى أن يضع الإستراتيجيات والخطط المرحلية، القريبة منها والبعيدة المدى، ومثل هذه الأمور لا شك بأنها تحتاج إلى عقل متفتح، بعيداً عن التفكير النمطي والمتعارف عليه، ومثل هذا النمط من التفكير، تعرفه برامج تنمية التفكير الإبداعي، وتربية الموهوبين والمبدعين.    من هنا، نرى بأن "كل مشكلة ولها حل" بل إنه يوجد لها أشكال وأصناف من الحلول، غير أن ذلك يتوقف على طريقة وأسلوب وطبيعة وظروف المتحاورين، وعندما تصل الأطراف المعنية بأي مشكلة إلى باب مسدود، فإن ذلك يعني ضمن ما يعني أن الحلول أعيتهم، وفي حالة رافي عصفور واتحاد الكرة الطائرة، تحتاج الأطراف المعنية بالأمر، إلى التسلّح بالحكمة، والجدل "بالتي هي أحسن" وتغليب الصالح العام، ووضعه فوق كل اعتبار، مهما كان الثمن، وبعيداً عن "ليّ الذراع" وبناء على ذلك، على اتحاد الكرة الطائرة، أن يستفيد من تجربة رافي عصفور، وهو في ريعان عطائه، كما استفاد اتحاد السلة من خبرة وديناميكية إبراهيم حبش، وهو في قمة عنفوانه، وعليه أن يعيد النظر في موقفه، لتعود المياة إلى مجاريها الطبيعية، فحالة التشرذم هذه محل استياء كبير من أسرة اللعبة، وعائلتها الكبيرة والصغيرة، مرة أخرى نقول: تعالوا بنا إلى كلمة سواء.. و"لنقرأ على شيخ واحد".

مواضيع قد تهمك