شريط الأخبار

"الميركاتو الشتوي" يعكس حالة الإفلاس الحقيقي الذي تعيشه الأندية الفلسطينية

الميركاتو الشتوي يعكس حالة الإفلاس الحقيقي الذي تعيشه الأندية الفلسطينية
بال سبورت :  


المحترفون في مأزق !

الخليل - كتب محمد عوض / لم يكن غريباً على بعض رؤساء الأندية الفلسطينية في دوري المحترفين، أن يخرجوا للإعلام مناشدين الرئيس بضرورة الإسراع في صرف المنحة الخاصة في الفرق المشاركة في دوري الوطنية موبايل للمحترفين، خاصةً في ظل وصول الأزمة المالية إلى ذروتها، ما دفع إدارات الأندية إلى إظهار عظيم الانزعاج بشكلٍ أو بآخـر، والسعي الحثيث لمحاولة إيجاد حلول حقيقية، أو على أقل تقدير إدارة الأزمة الراهنة.

بدا واضحاً بأن سوق الانتقالات الشتوية هذا الموسم كان بارداً، خال من الإثارة، بعيداً عن الصفقات الكبرى، أو التي توصف بالكبرى، بل عملت بعض الفرق على التخلص من مجموعة لاعبين بهدف تقليل النفقات المالية، ويمكن أن الهيئات الإدارية تساءلت بشكل واضح: ما هو الناتج عن تتويج الفريق بلقب دوري المحترفين ؟ الجائزة المالية قد تكون القيمة المالية لعقد أحد اللاعبين، وهذه مسألة عظمى يمكن مناقشتها وحدها، فيما يتعلق بمن المسؤول عما وصلنا إليه من هدر للمال بلا فائدة.
المدير الفني لترجي وادي النيص عبد الفتاح عرار، كتب على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي: "ما شاء الله، لم يلعب في دورينا، ويريد 13 ألف شيقل راتباً شهرياً، والحصول على راتب شهرين مقدماً، وراتب الشهرين الأخيرين شيكات، ويرفض في الوقت ذاته الخضوع للاختبار، لو أن هذا اللاعب يؤهلني إلى أمم آسيا ما تعاقدت معه"، بدا عرار كعادته واضحاً، ويعكس حالة مزرية ولو بكلمات بسيطة نابعة من انتماء صادق، ومسؤولية عالية، ومحاولة للفت الانتباه على أقل تقدير.
أما المدير الفني للمنتخب الوطني عبد الناصر بركات، فأبدى انزعاجاً كبيراً هو الآخـر فيما يتعلق بكرة القدم الفلسطينية، فلم يقصد الموضوع المادي فحسب، بل أبدى في منشور له على الفيسبوك، استهجانه واستغرابه من مستوى الدوري، وأساليب الهيئات الإدارية في التعامل، وتهميش الفئات العمرية، والتدخين في الأوساط الرياضية، والكرات غير الصالحة للعب، وضعف العمل الحقيقي مقارنة مع الحديث الكثير جداً، مع كم كبير من العتب على أفراد المنظومة: لاعبين، مدربين، إعلاميين ... الخ، وطعن كل منهم الآخـر.

مركز طولكرم وشباب يطا
الفريقان قريبان من الغرق، هما في وحل المنطقة الحمراء، وأول من يتوقع مغادرته الدوري وفقاً لنتائج الذهاب، لذلك كان إبرام التعاقدات هادفٌ إلى تحسين النتائج، فتعاقد مركز طولكرم مع: مجد يونس، ومصطفى أبو رحال، محمد إغبارية، علي فحماوي، فيما استمرت حالة عدم الاستقرار في الجهاز الفني ليطا، فتعاقد مع إبراهيم منصور خلفاً لزايد العمور، وضم الخماسي: محمد شباط، محمد روبي، زياد العثامين، سامي عماش، حبيب شحادة، إلى جانب تصعيد مجموعة من الفريق الثاني.
بالنسبة للفريقين، فإن الحاجة ستكون ماسة لكل نقطة، والتفريط بأي مباراة سيؤدي إلى تضاعف الأعباء والأحمال النفسية، خاصةً في الجولات الأولى، وهي ما ستحدد الحافز المعنوي بالنسبة للاعبين، والجهاز الفني لكل فريق منهما يعلم بأنه سيكون أمام اختبار شاق جداً، سيكلفه الكثير من الجهود، مع كم من الحذر الشديد، والإدارتين تعلمان بأن عليها إبرام مجموعة صفقات مهما كلف الثمن، لئلا تكون صيداً سهلاً في الإياب، وتغادر دوري المحترفين، وتعود مجدداً إلى الدرجة الأولى "الاحتراف الجزئي".

صفقات باهتة للمعظم
بالنسبة للمركز ويطا، فكان إبرام تعاقدات جديدة، شيئاً وراداً، أما البقية، فلم يظهر في السوق إلا بشكل باهت، فشباب الخليل مثلاً، أحد أبرز الأندية الفلسطينية، والمعروف عنه بإبرام الصفقات الكبرى، والمكلفة مالياً، اكتفى بضم أسامة شعبان، وتخلى عن ليث خروب، ومجد يونس، وبسام أرملي، وغيرهم، وقد يعلن عن صفقات أخرى قبل إطلاق أولى جولات الإياب، بعدما عاد من الاستحقاق الآسيوي.
هلال القدس، تخلص من أعباء مادية كبرى بعدما فسخ تعاقده مع عدة لاعبين، مثل: أحمد دياب، قاسم النجار، رامي الساحلي، وغيرهم، وتعاقد مع محمد حجير، فيما تعاقد مركز بلاطة مع إياد أبو غرقود فقط، بعدما أنهى عقد مهاجمه فادي لافي، وزميله حسام وادي، بينما تعاقد الظاهرية مع أربعة لاعبين، وتخلى عن أبرز عناصره، وهو أحمد ماهر المنضم للوحدات.
لسنا بصدد إعادة ذكر الصفقات جميعها، كون زملاء عدة ذكروا ذلك، إلا أن المقصد، بأن أندية مثل شباب الخليل، شباب السموع، مركز بلاطة، ترجي وادي النيص، وثقافي طولكرم الذي ضم لاعباً واحداً، أما أهلي الخليل فكان معقولاً بضم عناصر نوعية، لاسيما شادي شعبان، وبالنسبة لدورا فأعاد عاطف أبو بلال من جديد إلى الدوري الفلسطيني، لأن المدير الفني بشير الطل كان قد تحدث عن الحاجة الماسة لإبرام تعاقدات جديدة خاصة في الشق الهجومي، ولم تكن صفقات الخضر إلا كما أراد المدرب غسان بلعاوي، عناصر من غزة له معرفة بهم، وبإمكانياتهم، بجانب زياد جوابرة، الذي كان لعب سابقاً أيضاً مع الفريق.

مخرجات حالة الإفلاس؟
إفلاس الأندية الفلسطينية ليس حدثاً آنياً، بل إشكالية تتعاظم في ظل عدم وجود استراتيجيات جديدة لمواجهة الأزمات المالية، واستحداث طرق من شأنها تخفيف الأعباء المالية، وهي كثيرة جداً، تم التطرق لها في العديد من التقارير، لكن الآن يجب أن نطرح تساؤلاً واضحاً، وهو: ما هي مخرجات حالة الإفلاس في أندية دوري الوطنية موبايل للمحترفين؟ الإدارات عليها أن تمسك التساؤل، وتبدأ في الإجابة عنه ولو بشيء من الحقيقة.
يتوجب مصارحة الذات من الأندية أجمعين، والجلوس على طاولة لوضع نقاط كميثاق شرف محددة فيما يخص القيمة المالية للصفقات، ولا أشكك بدعم اتّحاد كرة القدم لأي خطوة من شأنها تحسين وضع الفرق الفلسطينية، لأن هذا ينعكس إيجابياً على مستوى الكرة في الوطن، وعلى مستوى المنتخبات الوطنية . تحديد حد أعلى للرواتب بما يتوافق مع إمكانيات الأندية الفلسطينية سيساعد في تخفيض حجم الأعباء، والفئات العمرية شيئاً فشيئاً فإن قيمتها ستزداد، إذا أرادت الأندية فعلياً تحسين قيمتها وحالتها.
من المعيب حقاً أن تسمح الأندية للاعبين معينين، وللسماسرة الذين يوجهون خطواتهم في الدوري الفلسطيني، من التلاعب بها، وبمقدراتها، ويضعها في مشاكل مع أندية أخرى من أجل لاعبٍ يعتقد بأنه نجم، وهو غير ناضج أخلاقياً بالأساس، والأندية تدرك تماماً بأن السمسار هدفه كسب المال، لا تقديم الفائدة للفريق، فهو يحصل على حصته مقدماً، فيما يتنصل لاحقاً من كل المتعلقات بالصفقة.
من وجهة نظر شخصية، خاصةً بعد مشاركة شباب الخليل الأخيرة، بأن الكرة الفلسطينية ليست بخير، فالأندية تعاني من ديون كبيرة، وملفات لاعبين كثر عالقة في اتحاد كرة القدم، والفئات العمرية مهمشة، ولا ينفق عليها ما ينفق على صفقة واحدة أحياناً، والتحكيم له مشاكله التي يجب أن تحل، هناك الكثير من المعضلات في طريق الكرة الفلسطينية، والسكوت عن حلها لن يؤتي إلا المزيد من الترهل، والتراجع، والضعف، وفي كل موسم تظهر إشكاليات جديدة، وإشكاليات قديمة لم تحل، فتزيد الحالة سوءاً، ونحن نريد للكرة الفلسطينية أن تزدهر أكثر فأكثر.

مواضيع قد تهمك