شريط الأخبار

"الفدائي الكبير" يروي حكاية شعب عمرها 87 عاماً للوصول إلى المونديال الآسيوي

الفدائي الكبير يروي حكاية شعب عمرها 87 عاماً للوصول إلى المونديال الآسيوي
بال سبورت :  


غزة- كتب أشرف مطر/ عندما يطلق حكم مباراة فلسطين واليابان يوم الاثنين، صافرة البداية، ايذاناً بانطلاق اللقاء الافتتاحي، الساعة التاسعة بتوقيت فلسطين، فإن ستعيد رسم تاريخها، وتدخل بين كبار القارة الصفراء ممن تمكنوا من الوصول للنهائيات الآسيوية.
فالكرة الفلسطينية انتظرت أكثر من 87 عاماً من اجل تحقيق هذا الحلم، والتواجد في المونديال الآسيوي الأهم.
فالوصول إلى هذا المحفل الآسيوي الكبير، لم يأت من فراغ، أو بضربة حظ كما يعتقد البعض، بل جاء نتاج طبيعي لخطة محكمة أرسى قواعدها وقادها بنفسه، فارس وقائد وطني اسمه "اللواء جبريل الرجوب" منذ العام 2008 ، فهذا القائد انتشل الكرة الفلسطينية من الوحل والغرق، وقادها إلى بر الأمان بحكمة وارادة وعزيمة فولاذية صلبة، بعدما جير كل الامكانيات التي يتملكها من أجل النهوض بها، وجاء الوصول إلى المونديال الآسيوي، كتتويج لجهود هذا القائد، الذي قلب كل الموازين، ليس فقط على الساحة الرياضية المحلية، بل انطلق بسرعة الصاروخ باتجاه الآسيوية والدولية فأصبح لفلسطين صوت، بل صوت مسموع ومُهاب، فاخترقنا من خلاله كل الحصون، وأصبحت مطالب الكرة الفلسطينية تحظى بالاهتمام البالغ والتنفيذ على كافة الصُعد.

حكاية عمرها 87 عاماً
لفلسطين حكاية، وليست كأية حكاية، فقصة كرة القدم انطلقت 1928، أي قبل 87 عاماً، كاول وأقدم المنتخبات الآسيوية على الاطلاق، وهذا الانطلاق منحها الشرف للمشاركة في تصفيات كأس العالم الأولى العام 1934 مع المنتخب المصري، لكنها ومنذ ذلك التاريخ لم تتمكن من بلوغ نهائيات كأس آسيا إلا في النسخة الحالية.
وأمام تلك العقود الطويلة، مرت فلسطين والقضية بمحطات صعبة وأليمة أبرزها بالتأكيد احتلال فلسطين العام 1948، وما تبعها بعد ذلك من احتلال كامل للضفة الغربية وقطاع غزة العام 1967، وأمام تلك المحطات المؤلمة توقفت عجلة الكرة الفلسطينية عن الدوران، وأصبحت تمارس في الخارج "الشتات" وفي الداخل في اطار ضيق ومحدود من خلال روابط أندية.
مع عودة السلطة الفلسطينية العام 1994، تمت اعادة احياء النشاط الرياضي وتفعيل الاتحادات الرياضية المعطلة والتي حصلت مع انشاء السلطة على الاعتراف من جديد الاتحاد الآسيوي والاقليمية والدولية ومنها لعبة كرة القدم على هامش مونديال فرنسا العام 1998.
حاول الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بعد اعادة تشكيله والحصول على عضويات الاتحادات القارية، العمل بكل جدية والانطلاق صوب العرب وآسيا، وبالفعل حققت الكرة الفلسطينية قفزات ونتائج مميزة في البدايات أبرزها الحصول على الميدالية البرونزية في الدورة العربية التاسعة بالأردن العام 1999، لكن بدءًا من العام 2000 تراجعت الكرة الفلسطينية بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، وزاد الأمور صعوبة وتعقيداً الانقسام الفلسطيني الفلسطيني الذي تبعها العام 2007، فتراجعت الكرة الفلسطينية بشكل كبير، مع توقف النشاط الرسمي.


لحظة فارقة
لكن اللحظة الفارقة للكرة الفلسطينية كانت العام 2008 عندما قرر اللواء جبريل الرجوب، رئيس اتحاد الكرة الفلسطيني الحالي ترشيح نفسه لرئاسة الاتحاد، فمعه بدأت الكرة الفلسطينية عهداً جديداً، مرصعا بالإنجازات المتتالية، فمعه استعادت منذ ذلك التاريخ الكرة الفلسطينية مكانتها المحلية والعربية والآسيوية والدولية.
فعلى مدار السنوات الست الماضية تحرك اللواء في أكثر من اتجاه، فمن جهة أطلق البطولات الرسمية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتبعها بإطلاق دوري المحترفين الفلسطيني موسم 2010-2011 تنفيذا لمتطلبات الاتحاد الآسيوي، بعد استبعاد الفرق من المشاركات الخارجية في ظل اعتماد الاتحاد الآسيوي نظام المحترفين، وابعاد المنتخب الوطني الأول خارج التصنيف الآسيوي، وخلال تلك الفترة تحدى كل الصعوبات وخاصة دور الاحتلال والممارسات التي يفرضها على الأرض، كما تحرك باتجاه احداث انتفاضة شاملة على صعيد البني التحتية فأصبحت تملك ملاعب بمواصفات دولية كملعب الشهيد فيصل الحسيني بالقدس المحتلة، واستاد دورا الدولي، وفي الوقت ذاته اعاد لفلسطين حقها بالملعب البيتي والذي حرمت منه لأكثر من ثمانية عقود، وعادت الأندية الفلسطينية للعب في البطولات الآسيوية، فلعبت في السنوات الثلاث الأولى مسابقة كأس رئيس الاتحاد الآسيوي، ومنذ عامين وامام التطور المتتالي للكرة الفلسطينية انتقلت فلسطين للعب في مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي، عبر مشاركة أولى الموسم الماضي من خلال فريق شباب الظاهرية، وهذا الموسم من خلال فريقين هما: واد النيص بطل دوري " جوال" للمحترفين، وهلال القدس بطل الكاس.

"الفدائي" يحصد الثمار
وأمام هذه الانتفاضة التي لا تقوى على تحقيقها دول ذات سيادة، وبحدود مفتوحة، ولا تخضع للاحتلال وابتزازه ومنغصاته، كان من الطبيعي أن تصل الكرة الفلسطينية إلى سلم المجد والبطولة، وتبلغ ذروة الانجاز ببلوغ كأس آسيا للمرة الأولى في التاريخ، بعد التتويج بكأس التحدي التي أقيمت في جزر المالديف في شهر أيار من العام الماضي، ولأن الأجر على قدر المشقة، فإن الفدائي يُكرم مع نهاية القصة الجميلة بنهاية العام بلقب أفضل منتخب آسيوي للعام 2014، فكما قال شاعرنا الراحل محمود درويش "فلسطين أم البدايات وأم النهايات".

نثق بكم
بعد هذا السرد الطويل والمشوق لتاريخنا القديم والحديث، سيبدأ الفدائي المشوار، يوم غد الاثنين، بالتأكيد نعي أن المهمة الآن في النهائيات وأمام منتخبات مجربة ولها تاريخ كبير في عالم الساحرة المستديرة كاليابان والعراق والأردن، إلا أننا على ثقة بأنكم لن تبخلوا على وطنكم وستبذلون الغالي والنفيس من أجل إسعاد أبناء شعبكم في الداخل والشتات، فاتحاد الكرة وفر لكم كل ما يجعلكم قادرين على مقارعة الكمبيوتر والأسود والنشامى، وبالنسبة لنا أنتم أبطال، رفعتم رؤوسنا في عنان السماء، وليس لنا إلا الدعاء بأن يوفقكم الله.

مواضيع قد تهمك