ديون الأندية الفلسطينية بالملايين والتعاقدات الجديدة تظهر بانتخاب هيئات إدارية جديدة

كتب
محمد عوض/ لاعب محترف
انتقل إلى أحد أندية المقدمة في دوري المحترفين ، وغادره تاركاً له مبلغاً من
المال كدين على النادي ، وانضم بعدها لفريق آخـر من المحترفين أيضاً ، وأجبر على
التنازل عن مستحقاته المالية تلقاء حصوله على ورقة الاستغناء ، مع أنه كان جالساً
على دكة الاحتياط ، لكن إدارة النادي وجدت بطلب رحيله فرصة ثمينة ، لوضعه أمام
خيارين ، إما التنازل والرحيل أو البقاء على الدكة والراتب حتى الفرج!
قبل فترة طويلة نشر
الزميل منذر زهران تقريراً أو بالأحرى تحقيقاً صحفياً عن مستحقات لاعبين على
الأندية الفلسطينية ، ومع أن ما نُشر مضى عليه فترة زمنية طويلة ، إلا أن
المستحقات التي تحدث عنها ، في معظمهم لم تسدد لغاية اللحظة ، ومنها شكاوى عالقة
في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ، ربما لا تكون كثيرة ، لكنها موجودة ، ولست
أمتلك معلومات دقيقة عن عددها يمكن نشرها .
ديون الأندية
بالملايين
دار حديث هاتفي
بيني وبين أداري في نادٍ محترف ، وقال لي أن ديون فريقه تجاوزت النصف مليون دولار
منذ عودة النشاط الرياضي إلى فلسطين ، وخلال إجراء تحقيق صحفي لم أنشره بعد أخبرني
مدير تنفيذي لفريق متوج بلقب دوري المحترفين ، بأن ديون فريقه بلغت قرابة مليون
ونصف شيقل ، أي أن ديون كلا الفريقين
بلغت أكثر من ثلاثة ملايين شيقل ، أتحدث هنا عن فريقين فلسطينيين فقط.
الأمـر لا يدعو للدهشة والاستغراب ،
فهو ليس شيئاً مخفياً إلى حد بعيد ، بل بالإمكان الحصول عليه ، والوصول له بطرق
الأبواب المفتوحة ، ومع أن البعض رفض الحديث عن هذا الموضوع إلا أننا يجب أن نلفت
في هذا السياق ، ونؤكد حقيقة ما تحدثت به ، وذكرته في العنوان ، بأن الديون وصلت
إلى ملايين الشواقل ، والأزمة تتفاقم موسم بعد موسم ببقاء التفكير كما هو عليه ،
والسياسية واحدة .
الفترة الذهبية
للتنازلات
مرحلة الانتقالات
الصيفية القائمة حالياً ، هي فترة ذهبية بالنسبة للأندية التي تريد التخلص من
اللاعبين الذين يرتبطون بعقود طويلة تمتد لعدة سنوات ؛ فأي لاعب يريد فسخ تعاقده ،
وله ديون على ناديه ، فلن يمر الأمـر مرور الكرام ؛ فإنه يخير بالتنازل عنها مقابل
منحه ورقة الاستغناء ، والبحث عن مستقبله ، فاللاعب في هذه الحالة ينظر بالعادة
إلى المدى البعيد ، وأنه يريد البحث عن وجهة جديدة ، قد يستطيع من خلالها إظهار
قدراته ، وتعويض ما فاته مالياً ونفسياً خلال الفترة السابقة .
لا يمكن إنكار أن للأندية
حق في الحفاظ على العقود التي أبرمتها ، لكن الأندية أيضاً مطالبة بالوفاء
بالالتزامات التي قطعتها على نفسها في هذا العقد ، والإخلال به من طرف ، سيخلق
إشكالية بين الطرفين بكل تأكيد ، لأنه يمس الطرفين ، وعلى هذا الحال ، فإن
إشكاليات عديدة وجدت بين الأندية واللاعبين ، ومنها ما ظهر على وسائل الإعلام ،
ومنها آخر ما نشرت عن حارس مرمى منتخب الشباب نعيم أبو عكر وديونه على أهلي الخليل.
البقاء ببقاء
الرئيس
أكثر من لاعب
صرح مؤخراً ، بأن بقائه في صفوف الفريق الفلاني مرتبط ببقاء رئيس الهيئة الإدارية
في منصبه ، وربط مستقبله كلاعب ، بمستقبل رئيس النادي ، وهذا الموضوع يرتبط
ارتباطاً وثيقاً بموضوعنا ؛ فاللاعب فعلياً يريد من يدفع له راتبه أولاً بأول ،
وهذا حق بكل تأكيد، واللاعب أيضاً لا يريد أن يأتي لفريق لا يعطيه راتبه ، وهو
أيضاً لا يسعى لتجريب هيئة إدارية جديدة قد لا يرتاح في التعامل معها.
اللاعبون الذين وجدوا
شخصاً مختلفاً عن البقية يمكن له دفع راتبهم بانتظام ، فإنه لأمر طبيعي أن يتمسكوا
به ، بل إن هذا يخلق حالة من الانتماء الكبير من قبل اللاعب تجاه رئيس النادي ،
وتجاه أموال رئيس النادي أيضاً ، فالأزمة المالية الخانقة في معظم الفرق ، تجعل
اللاعب والمدرب يفكر في موضوع راتبه ، وكيف يحصل عليه بانتظام ، وفي حال وجد
مبتغاه ، فإنه لن يفكر بالرحيل بسهولة .
تعاقدات جديدة
بإدارة جديدة
المفر من الأزمة
المالية الخانقة ، والعجز على إبرام صفقات ترضي الجماهير ، يكمن في انتخاب هيئة
إدارية جديدة ، تكون قادرة على ضخ الأموال في النادي ، فالإدارة التي سبقت تكون قد
دفعت كثيراً ، وعجزت عن دفع المزيد من الأموال في السنة اللاحقة ، فالأشخاص ليسوا
بنوكاً متنقلة ، والإداري الذي يمتهن جمع الأموال من المشجعين لإدارة جزء من
الأزمة ، فإن هذا الشيء المرهق يجعله لا يحتمل القيام به على مدار سنوات طويلة.
بمجرد انتخاب هيئة
إدارية جديدة للنادي ، فإنها تشرع لإبرام تعاقدات جديدة لإرضاء الجماهير ، ولبناء
الفريق مجدداً ، فمثلاً إدارة أهلي الخليل برئاسة الشريف الجديدة تحملت على عاتقها
التعاقد مع مجموعة من اللاعبين الجدد ، وكذلك بدأت إدارة الأمعري برئاسة عباس في
إبرام تعاقدات جديدة ، وتعمل إدارة شباب الظاهرية الجديدة برئاسة الجبارين على
تجديد تعاقد اللاعبين المميزين الذين خاضوا غمار الموسم الماضي.
أوضاع الأندية الفلسطينية
صعبة للغاية ، خاصة أندية المحترفين ، وجميعها تعمل على إدارة الأزمـة الراهنة
بأية طريقة حتى ولو كانت لا ترضي ضمائر الإداريين ، لكنها تكون مجبرة على ذلك ،
وهي تدرك بأن التوصل إلى حل حاسم ونهائي بهذا الشأن أمر في منتهى الصعوبة ، ولذلك
ففي كل موسم يتطلب على النادي إيجاد مجموعة من الأشخاص لإدارة أزمته إلى حين معين
، وتسليم المهمة لرجال جدد .
ديون على
الأندية أم الإدارات ؟
ديون اللاعبين
على الأندية أم على الهيئات الإدارية ؟ الموضوع كالتالي : إذا كان للاعب معين ديون
على نادٍ معين وقت وجود إدارة معينة ، ثم ترحل هذه الإدارة ، وتأتي إدارة جديدة ،
فيتوجه اللاعب للإدارة الجديدة للمطالبة بمستحقاته ، فتقول له الإدارة الجديدة
بأنها غير مسؤولة ، ويجب عليه التوجه للإدارة التي اتفق معها ؛ وهذا ما يجعلنا
نطرح تساؤلاً عما إذا كانت الديون على النادي أم على الإدارة ؟
لاعب خط وسط ثقافي طولكرم حسب العلي
ومهاجم الأمعري جمال علان وحارس الأمعري مصطفى زيادة ، وجهت لهم هذا السؤال ،
وأجمعوا بأن الديون بالتأكيد على النادي ، وهذا هو المنطق ، لكن لماذا تصر بعض
الهيئات الإدارية على الهرب من هذا المنطق ؟ والأمثلة حاضرة وكثيرة ، ولكنني لن
أتطرق لذكرها في هذا التقرير ، وربما يكون الحديث مخصص أكثر في تقارير أخرى – إن
شاء الله – عن هذا الموضوع .
وقال العلي بأن تحمل
مسؤولية النادي من قبل أشخاص أمر بالغ الصعوبة ، لذلك فإن ناديه مثلاً لم يجد من
يترشح لحمل الأعباء ، ولأن الأشخاص لم يجدوا دعماً حقيقاً من مؤسسات المدينة ،
مشيراً إلى أن "العنابي" كما يحلو لعشاقه تسميته ، وصل إلى حالة صعبة ،
لافتاً إلى أن لاعبين مثل الحارس رامي حمادة لم يجد من يدفع له مستحقاته ، فاضطر
للبحث عن وجهة جديدة ، والتوقيع لشباب يطا .
أما علان ، فيرى أن الإدارة حينما
تستقيل ، تقوم بتوضيح الجانب المالي ، وحجم الديون ، وعرض التقرير المالي ، وتسلمه
للهيئة الإدارية الجديدة التي تقبل بها ، وتبدأ في تنفيذ مهامها المنوطة بها ،
وأضاف "على من يأتي لإدارة النادي أن يسدد الديون السابقة ، لأنه يعلم بها
قبل تسلمه المنصب ، وذلك عند عرض التقرير المالي والإداري ، هذه الأمـور تكليف صعب
، وليست تشريف فحسب" .
بالنسبة للحارس زيادة ،
فأوضح أن اللاعب يرتبك كثيراً عن انتخاب هيئة إدارية جديدة ، لأن مصير مستحقاته
يصبح مجهولاً على حد قوله ، وتابع "هذا الموضوع يعاني منه اللاعب في معظم
الأندية ، وأنا كلاعب أتمنى من الإدارة ألا تضع اللاعب في متاهة كيف يحصل على
مستحقاته المتأخرة ، هذه الإشكاليات تعود بالسلب على اللاعب ونفسيه ، وبالتالي يقل
عطائه داخل المستطيل الأخضر" .
ختاماً ، من أجمل ما قرأت
"لولا الخطأ ما أشرق نور الصواب" ، وعلى الهيئات الإدارية ، بل كل شريك
في ما آلت إليه أوضاع الأندية ، وعلى رأسها الاتّحاد الفلسطيني لكرة القدم ،
الوقوف عند الأخطاء ، والاتّحاد إذا رأى بأنه لم يقترف هذه الأخطاء ، وليس مسؤولاً
عنها ، ولا شريكاً فيها ، فإنه يجب أن يتأكد بأن بقاء وتطور الرياضة الفلسطينية
مرتبط بتصحيح أي خطأ ، وكلمة الاتحاد بالنسبة للأندية وخاصة في الجانب المالي يجب
أن تكون هي العليا ، وإلا فإننا سنشهد انهيار أندية ، كالأندية التي انهارت سابقاً
، وهي الآن ليست مصنفة حتى .