شريط الأخبار

الهاربون إلى الداخل: سياسة ليّ الذراع المتبعة من اللاعبين تضع الأندية قسراً في "خانة اليك"

الهاربون إلى الداخل: سياسة ليّ الذراع المتبعة من اللاعبين تضع الأندية قسراً في خانة اليك
بال سبورت :  


الخليل –محمد عوض / في البداية يجب التنويه إلى أن المقصود هنا ليس أن أي لاعب من الداخل أتى إلى الدوري الفلسطيني يعتبر لاعباً أجنبياً، على العكس فهم من فلسطين المحتلة ، ولا أحد يسعى لتقسيم الوطن ، إلا أن هناك ما يحصل موسمياً ويتعلق بمجموعة من اللاعبين الذين ينتقلون إلى دوري المحترفين أو الدرجة الأولى .
في كل موسم تتعاقد الأندية مع لاعبين من الداخل في مختلف المراكز، منهم من يأتي للعب كأول مرة هنا، ومنهم من سبق وأن خاض تجربة اللعب في دوري المحترفين أو غيره ، لكن القضية هنا تتعلق بالهروب سريعاً إلى الداخل ، وترك النادي في أي مرحلة حتى ولو كان بأمس الحاجة له ، ولأسباب عديدة تتعلق بالمال مثلاً .
الزميل محمد عوض يسلط الضوء على هذه القضية نظراً لأهميتها بالنسبة للأندية الفلسطينية بشكل عام ، ولأندية دوري المحترفين بشكل خاص، وتأثير رحيل لاعبي الداخل في فترات محددة على مستوى الفريق خاصة أولئك المعتمدين ضمن التشكيلة الأساسية ، ومن يعوَّل عليه في كافة المباريات .


الهاربون إلى الداخل
الهروب هو المصطلح الوحيد الذي ارتأيته صحيحاً للمسمى على اختلاف الأسباب مع التأكيد على أن بعض الأندية تتعامل بالكذب مع اللاعبين مما يجبرهم على العودة إلى الداخل ، لكن بالعادة فإن القرار يأتي فردياً ، ومن اللاعب ، لأنه هنا الطرف الأقوى ، ويعلم بأنه يستطيع التعاقد مع نادٍ آخـر من الداخل بدون قرار من أي إدارة في دوري المحترفين ، ولذلك فإنه يحضر متى شاء ، وينتقل كذلك .
العقد المبرم بين إدارة دوري المحترفين ، واللاعب من الداخل ؛ فعلياً هو ملزم للنادي فقط ، ويضعه تحت شروط اللاعب من راتب ، وسكن ، ومواصلات وغيره ، أما اللاعب فيستطيع التصرف بحرية ، والعودة من حيث أتى وقتما يريد ، ولا يستطيع النادي حينها استعادة اللاعب إلا إذا أراد ، وقد يرحل اللاعب إذا حصل على عقد مناسب من الداخل ، ولا ينفع الشكوى لأحد لأن التنسيق معدوم بين الاتحاد الفلسطيني والإسرائيلي .
العديد من اللاعبين تركوا أنديتهم هذا الموسم بقرار فردي ، ولم يعودوا للهيئة الإدارية حتى لإخبارها مجرد إخبار ، الأسباب كانت في معظمها مالية لأن الأندية أساساً في حالة من الإفلاس والعجز عن دفع رواتب اللاعبين ، وبذلك فإن اللاعب القادم من الداخل يحضر عند الحصول على المال ، ويهرب إذا لم يحصل عليه ولو كان ذلك في مرحلة هامة يحتاج فيها الفريق لخدماته كلاعب أساسي في التركيبة .
أهلي الخليل على سبيل المثال من الأندية التي تضررت من رحيل لاعبي الداخل الذين تم التعاقد معهم خلال فترة الانتقالات الصيفية ، وبلا أدنى شك بالغت إدارة هذا الفريق بالتعاقد مع عدد كبير من اللاعبين "13 لاعب تقريباً" ، وكل هذا أتى بناء على توصية من المدير الفني سعيد أبو الطاهر الذي افترق مؤخراً عن الفريق بالتراضي .

سياسة لي الذراع
إذا كانت الأندية لا تستطيع دفع رواتب اللاعبين فلماذا تتعاقد بهذا الكم معهم؟ وتوهم الجماهير بمسمى البطولات ؟ لكن هذا سرعان ما يتبدد ، وتتوضح الصورة بشكل كامل للمشجع ، وبذلك يقع الفريق تحت الضغط ، وينهار تدريجياً ، لأن البناء أساساً أتى على خطأ ، وما يبنى على باطل فهو باطل ، ولو اعتمد على أبناء النادي ، مع بضع لاعبي التعزيز ، لعرفت منظومة النادي كاملة قدرات الفريق ، وسارت على هذا الأساس .
اللوم بالتأكيد يقع على الأندية أيضاً لا على اللاعبين الهاربين فحسب ، فاللاعب يرتبط بعقد أخلاقي بناء على ما ذكرناه سابقاً ، وهو يستطيع التصرف كيفما ووقتما شاء ، لذلك فإن سياسة لي الذراع هي المتبعة أساساً في التعامل ، وهي تتلخص ببساطة "إما تدفع أو لا نحضر" ، وبعض الأندية كما علمنا دفعت مقدماً ، لكن الأمور لم تسر على ما يرام من طرف اللاعب ، ورحل في وقت حساس .
هذه السياسة تضع الأندية في خانة اليك ، أي في الزاوية المغلقة ، وتضيع مجهوداً كبيراً من كافة اللاعبين ، والجهاز الفني ، والهيئة الإدارية ، والمشجعين ، وممن ذهب إلى بيوت الأثرياء ، والمصانع ، واعتلى المنصات ، واتخذ من وسائل الإعلام وسيلة للحصول على الأموال لدفع رواتبهم ، أو ما يتيسر منها على أقل تقدير بجانب دفعات الاتحاد التي تأتي من عقد الرعاية المبرم مع شركة جوال.

لاعبون بلا انتماء
الكثير من لاعبي الداخل لهم ديون على الأندية كبقية العناصر الأخرى ، لكن منهم من يصبر إلى حد ما ، ومنهم من يكمل الموسم ، ومنهم من لا يحتمل ولو أسبوعاً واحداً ، ويرحل غير مهتم بما سيحصل للفريق من بعده ، لأنه يضع مصلحته أولاً ، ولا يبالي بالتعاون أبداً بينه وبين البقية ، وقد يضيع فرصة التتويج بلقب معين .
من يمتلك الخيارات يتحرك بشكل أسهل مما لا يمتلك ، وهذا حال من يأتي من الداخل ، فهم يستطيعون الرحيل ، والانضمام لفريق آخـر ، أما أبناء الأندية وغيرهم من اللاعبين فلا قدرة لهم ويبقون على ارتباط بالنادي إلى حين التوصل إلى صيغة نهائية للبقاء أو فسخ العقد ، والانضمام إلى فريق جديد .
عدة مرات رأينا لاعبين خاصة أولئك الذين يستغلون موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" للكتابة عن رحيلهم عن الفريق ، لكن بعد فترة يعودون ، لأن المشكلة في الأساس مالية ، وهو حق لهم بكل تأكيد ، وحينما يحصلون عليه فإنهم يرجعون ، وتصبح الأمور طبيعية ، لكن ما ليس من حق اللاعبين ، ولا الهيئات الإدارية ؛ هو أن تجعل الابتزاز وسيلة ضغط للحصول على ما يريدون ، وما يجبر اللاعبين من الضفة على دفعه أو التنازل عنه مقابل فسخ العقد بحيث يكون النادي الطرف الأقوى ، وينعكس الموضوع كلياً إذا كان اللاعب من الداخل.

ضحية خداع السماسرة
تحدث لي قائد أحد الفرق في دوري الاحتراف الجزئي بأن سمساراً من الداخل حصل على مبلغ - نتحفظ على ذكره في الوقت الحالي – مقابل إقناع لاعبين بالانضمام إلى فريقه ، وانخدعت الهيئة الإدارية بهم ، بل إن مستواهم كان أقل من المتوقع ، ومن فرَّط بهم فريقه من أبنائه أفضل بكثير ممن تعاقدوا معهم ، والدليل أن منهم من اختير لتمثيل المنتخب، ولعب أساسياً، وقدم مستوى جيد للغاية .
المال ليس مشكلة لاعبي الداخل الوحيدة ، وسأستشهد بمثال : اتصلت هاتفياً بنادي شباب الخضر وسألت عن سبب رحيل المدافع كامل جبارين ، وعلي عدوي ، وحصلت على المعلومات التالية ، عند توقيع العقد مع علي عدوي حصل على مبلغ "50" ألف شيقل دفعة واحدة من قيمة العقد ، وحصل على راتب شهرين آخرين "15- 20" ألف شيقل تقريباً ، وحينما قرر عدوي الرحيل فإنه كان قد تقاضى تقريباً 65% من المبلغ الإجمالي لعقده .
كامل جبارين حصل على قرابة 80 % من قيمة العقد ، ولم يتبقِ له سوى القليل علماً أن عقده يمتد لنهاية الموسم ، ولم يلعب سوى مرحلة واحدة ، وحضر كلا اللاعبين إلى رئيس النادي خليل العموري من أجل إعادة الأموال غير المستحقة ، لكن الآن فإن الفريق سيفتقد لخدمات اثنين من أبرز لاعبيه ، إن لم يكونوا الأبرز فعلاً ، ولا يوجد خيارات أخرى أمام الخضر إلا التعاقد مع بدلاء لأنهم لا يستطيعون تقييدهم بالعقد .
وربما نشهد في الأيام القادمة رحيل آخرين عن شباب الخضر بعد رحيل عدوي وجبارين ومن قبلهما الحارس مجدي خلايلة ، وعن أندية أخرى خاصة ممن تعاني من ضائقة مالية صعبة ، وسبق أن رحل عن أهلي الخليل لاعبين مثل علي نعمة ، ومحمد الأسدي ، وأحمد الأسدي ، وعمران كناعنة ، ومن هلال القدس وجدي أبو يونس ، ومن شباب الخليل موسى شعبان ، ومن الظاهرية عبادة زبيدات ، وغيرهم .
على العموم الأندية اختبرت جميعاً ، وعانت من هذه الإشكالية ، ونحن حالياً في فترة الانتقالات الشتوية ، ورأينا بعض الأندية مارست التعاقد مع مجموعة من اللاعبين القادمين من الداخل بدون فترة اختبارات ، ومنهم من يلعب لأول مرة في الدوري ، ومستواهم غير معروف ، لكن المعروف هو أن النادي الذي تعاقد معهم مثل نادي جنين يريد منهم إنقاذه من شبح الهبوط ، ومغادرة الدرجة الأولى .

مواضيع قد تهمك