كتب بدر مكي / القدس

في مثل هذه الايام وقبل عشرين عاما .. كان رجال هلال القدس يعملون بصمت من اجل توفير متطلبات الحياة لابناء البلدة القديمة في القدس ، كانت صواريخ صدام تهطل على الكيان .. ومنع التجوال كان مفروضا بشدة على كافة ارجاء الوطن المحتل .. ولكن اولئك الرجال الذين احبوا القدس التي تعيش فيهم .. ارادوا ان يقولوا كلمتهم .. يؤكدون على البعد الوطني والاجتماعي والانساني لذاك النادي الضارب جذوره الى جانب اسوار القدس .. اصبح المقر مصدرا لتموين المقادسة في البلدة القديمة واكنافها .. لمئات العائلات التي تعرضت للضيق .. من مضايقات الاحتلال .. ونال الهلال ثقة المسؤولين بامتياز .. وفي مقدمتهم .. امير القدس وحبيبها فيصل الحسيني .. الذي اصبح رئيسا فخريا وروحيا لهلال العاصمة .

وكانت فلسطين .. قدفقدت في هذه الاثناء ضمير الثورة الشهيد صلاح خلف ابو اياد .. برصاص الغدر والخيانة .. ولم نشعر بفقده في تلك الساعات .. بفعل احداث حرب الخليج ..وغطى سقوط الصواريخ على غيره من جسام الامور .

اصبحنا من حيث لا ندري .. في ذروة العمل الوطني والاجتماعي .. بفعل تواجدنا في الموقع مع ابناء المدينة .. وقد ساهم الهلال في اعادة الحياة للملاعب .. عبر الساحات والحارات الشعبية .. في البداية ، وبعدها في اقامة بطولة الاندية الستة بكرة القدم .. واصبح المقر.. كما الخلية .. لتتوج جهودنا في الحفاظ على ارض برج اللقلق بعد صراع مرير مع الطارئين على هذه الارض .. وسط تناغم وانسجام من ابناء المدينة ، بل وابناء الوطن من جنين شمالا حتى رفح جنوبا .. والذين وقفوا معنا عبر فعاليات رياضية وميدانية من اجل نصرة البرج في البلدة القديمة من القدس .. وهناك تواجد اعضاء رابطتي الضفة الغربية وغزة .. المرحوم ماجد اسعد ومعمر بسيسو امد الله في عمره .. وصحبهما من اعضاء القيادة الرياضية في عموم الوطن . . في خطوة تعبر عن وحدة الجغرافية الفلسطينية.

ولن انسى ما حييت تلك الام الضريرة التي تتلمس ارض البرج ببصيرتها .. كانت وصاحبتها ام عماد الزعتري تزرعان في النفوس الحماس والثبات على ارض الرباط .

وثم تشكيل لجنة اجتماعية مقرها الهلال من نخبة من ابناء المدينة الذين عملوا بلا كلل لصالح المدينة وخاصة في البعدين الاجتماعي والوطني واذكر منهم ايوب حجازي ، ميشيل عصفور ، د.نعيم ابو طير ، خليل حامد ، والمرحوم جلال عقل .. ولعمري هذا ما ينقص المدينة الان .. التي تحتاج الى تظافر جهود رجالها من اجل الوقوف امام الطاعون .. وهذا ما حاولت ان تقوم به اللجنة الاجتماعية .. وقد كنا نعمل على قلب رجل واحد ..

واذكر .. اننا كأدارة للهلال قد ودعنا ماجد اسعد قبيل توجهه للحج .. كان اللقاء الاخير .. وقد طلب منا ان نكون الى جانب القلعة الهلالية على الدوام .. لما قدمه هذا الهلال من استحقاق عن طيب خاطر للحركة الوطنية .. احبنا ماجد واحببناه .. كان رمزا للعطاء ومضى .. حيث الصديقين والشهداء .. كان ذلك في بدايات السلطة الوطنية بقليل .. توقعنا ان يحظى بموقع يليق بمكانته الرياضية ولكن قضاء الله .. كان الفيصل .

كان هلال القدس .. على موعد دائما مع المواعيد الكبرى والاستحقاقات .. ونسج قصة نجاح في قلب القدس .. وهاهو اليوم .. يواصل التألق .. وسط التفاف جماهيري غير مسبوق .. وبدأت جماهيريته تنافس الاندية الجماهيرية الاخرى .. ناهيك على تصدره الدوري .. بعد ان كان وصيفا الموسم الماضي .. بفضل اخلاص ادارته التي توفر جميع متطلبات النجاح .. والالقاب في الطريق ولكن على الفريق مواصلة الجد والاجتهاد .. حتى يحظى بنصيبه .. بطلا من العاصمة .. لاول دوري محترفين .. وان كنت اختلف على التسمية .. لان منظومة دوري المحترفين .. لا تنطبق .. الا على رواتب اللاعبين و المدربين .. مما اثقل كاهل الاندية .. ومع ذلك .. فالهلال قادم وبقوة .. حتى تتواصل قصة نجاح هذا النادي .. الذي اعتاد ان يحلق حيث تجرؤ النسور.. نافيا رواية اولئك .. انها ارض بلا شعب .. بل .. مؤكدا ان على هذه القدس .. ما يستحق الحياة .. و ان الهلال منذ التأسيس .. لديه من الكوادر الوطنية و الرياضية و الاجتماعية.. ما يجعله دائما .. من اهل القمة.