"الصخرة" حسين الريفي قائد الأهلي الفلسطيني أيام العزّ
الخليل- كتب
فايز نصّار/ تذخر ملاعبنا
الفلسطينية بالمدافعين الرائعين ، الذين ثبتوا أقدامهم في الملاعب ، وتركوا
بصمات لا تمّحي في سجلات الزمن الجميل ، بفضل عطائهم اللامحدود ، وصلابتهم في
مواجهة المنافسين ، وقيادتهم لفرقهم من الخط الخلفي .
ولن تنسى ملاعبنا أسماء المدافعين اسماعيل المصري ، وفايز عبد العال ، وزكريا مهدي
، وعلي العباسي ، ومطيع طوقان ، وفريد عثمان ، ومحمود عايش ..كما لا تنسى دقات
أقدام النجم الغزيّ حسين الريفي ، الذي دخل القلعة الحمراء من أوسع الأبواب .
وبزغت
علامات نبوغ أبي خالد مع فريق الأسد المرعب في حيّ الرمال ، لينتقل بسرعة إلى أحد
قطبي الكرة الغزية الأهلي ، ويحرق المراحل وصولاً للفريق الأول ، الذي حقق معه
الكثير من الإنجازات الخالدة ، لعل في طليعتها بطولة الدوري التصنيفي سنة 1983 .
وبرع
الريفي في مركز " القشاش " ، ونجح في قيادة الخط الخلفي مع النجوم
المعروفين حميد ، والهبيل ، والهندي .. والأهم أنّه كان يتقدم للمشاركة في
المهام الهجومية ، فسجل 58 هدفاً معتمداً في ثلاثة مواسم كروية ، منها 50 هدفاً
رأسياً ، بما يدخله نادي أصحاب الرؤوس الذهبية .
وشارك
الحسين مع الأهلي في دورة الإسكندرية الصيفية ، وعزز صفوف الرياضي في دورتي
الوحدات ، وفي الحالتين عرض عليه الاحتراف في الكويت والأردن ، ولكنّه آثر
المرابطة في ملاعب التراب الغزية ، صانعاً لنفسه نهجاً عصامياً ترفع له القبعات .
والحقّ
يقال : إنني جريت كثيراً وراء أبي خالد للحصول على هذه القصة المثيرة ، لأنّه يؤثر
أن تروي إبداعاته في الملاعب بلسان الآخرين .. والشكر للرجل الدمث ، الذي استجاب
لمبادرتي ، فكان هذا اللقاء ، الذي أتركه يستعرض لكم بعض مشاهده .
- اسمي حسين
خالد حسين الريفي " أبو خالد " من مواليد غزة يوم 8/12/1996، وكان
المتابعون يطلقون علي لقب " مارادونا " و" الصخرة " ، و
" السدّ المنيع " .
- بدأت حكايتي
مع كرة القدم من حيّ الرمال في غزة ، حيث بدأت مداعبة معشوقتي في الساحات
الشعبية ، وشكلت مع رفاق الصبا فريق الأسد المرعب ، الذي شاركت معه في احدى عشرة
بطولة ، حصلنا على المركز الأول في تسع منها ، وعلى المركز الثاني في بطولتين ،
وكان معي في الفريق كثير من اللاعبين ، من بينهم فايق الحداد ، وشكري سكيك ، وناصر
قيدوم ، وشقيقاي حسن ، واحسان ، ومحفوظ حبوش ، وخالد أبو غليون ، والحارس تحسين
غباين ، والحارس مصباح زهري .
- وبفضل تألقي
مع الفرق الشعبية لفت نظر أبو علي الافرنجي ، الذي تحدث عني لصديقه المدرب بسام شحيبر
، فضمني للفريق الثاني بالنادي الأهلي ، وعمري 17 سنة .. ومع الأهلي لعبت مباراتين
ضمن الفريق الثاني سجلت في كلّ واحدة منهما هدفين ، فشاهدني المدرب راشد الحلو ،
الذي صعّدني مباشرة إلى الفريق الأول .. ولكن مع الأسف أصبت في أول تدريب ، وغبت
عن الملاعب 11 شهراً ، عالجت خلالها نفسي بنفسي ، وعدت إلى الملاعب بفضل الله ،
وبفضل إرادتي القوية .
- وكانت أول
مباراة لي مع الفريق الأول أمام أرثوذكسي بيت جالا ، بعد أيام من فوزه التاريخي
على الرياضي 4/صفر ، وشهدت المباراة إصابة قلب الهجوم جمال عياد نهاية
الشوط الاول ، وأذكر أن جمال طلب من المدرب أن يشركني بدلاً منه ، فشعرت بالرهبة ،
ولم ألمس الكرة في الدقائق المتبقية ، ولكن بحمد الله نجحت في تسجيل هدف مطلع
الشوط الثاني ، من ضربة مقصية "دبل كيك " ، وفزنا 3/1 .
- وكانت
بدايتي مع الأهلي كلاعب وسط ، ولكن - بحمد الله - لعبت في أكثر من مركز ، وخاصة
بعد إصابة القشاش جمال عجور ، فكلفني المدرب باللعب كليبرو قشاش ، وبقيت في هذا
المركز ، مع تقدمي للإسناد الهجومي ، وخاصة في الكرات الثابتة ، حيث سجلت 58 هدفاً
رسمياً في ثلاثة مواسم ، منها 50 هدفاً برأسي ، وشمل الأمر تسجيلي ثلاث مرات
هاتريك ، طبعاً هذا دون احتساب أهداف المباريات الودية ، ودون مشاركتي في تنفيذ
ضربات الجزاء ، التي كان يسددها كمال درابيه ، وبحمد الله حصلت على وصيف الهداف
وراء عبد القادر الابزل مرتين .
- وخلال مسيرتي
لعبت للنادي الأهلي ثماني سنوات ، ولم ألعب في حياتي لغيره ، وكنت كابتن الفريق
منذ سن 21 سنة ، حيث كان هذا شرطي الوحيد بأن أكون الكابتن ، لأنني كنت أحلم في أن
أصبح قائداً للأهلي منذ كنت في الفريق الثاني ، إذ كنت أقول في نفسي " معقول
أن أصبح كابتناً على هؤلاء النجوم ؟ وبحمد الله تحول الحلم إلى حقيقة .
- وحظيت أثناء
لعبي للأهلي باحترام كل المدربين ، الذين أشرفوا علي ّ ، ومنهم راشد الحلو ، ومحمد
غياضة ، وناجي عجور ، وسعيد الحسيني ، الذي كان يقول عند فترة إعادة التسجيل : إذا
أمضى حسين ، سأشرك معه أيّ عشرة لاعبين !
- وأعتز كثيراً
بمسيرتي في الأهلي ، وأفتخر بنجوم الدفاع ، الذين لعبت معهم ، ومنهم جمال أبو
سليم ، وخالد الهبيل ، وجبر حميد ، وتوفيق الهندي ، والمرحوم عبد السلفيتي ،
كما أفتخر بالحراس الذين لعبت أمامهم أمين الحتو ، وجلال سكيك
، إضافة إلى العملاق يوسف البواب ، الذي لعبت أمامه شوطاً واحداً .
- وكمدافع حريص
على إبعاد الخطر عن مرمى فريقي كنت أحسب حساب أي مهاجم من الفرق التي نواجهها ،
ولكني كنت أتوجس أكثر عند مواجهة عبد القادر الابزل ، وناصر مطر ، وسعيد حمد ،
وسعيد الشخريت ، ويوسف حمدان " سنو " ، والمرحوم جبريل الدراوش
" زكش " .
- وأعتز كثيراً
بنجوم الدفاع الذين عرفتهم ، وخاصة من يتقنون اللعب بالرأس ، وأعتقد أن أبرزهم
ثلاثة ، زكريا مهدي ، ومروان الزين ، وحسين الريفي ، وقد سأل مروان مرة عن ترتيب
الثلاثة ، فقال : حسين الريفي اولاً ، ثم أنا ، ثم زكريا مهدي .. فيما رد أبو وحيد
عندما سئل السؤال نفسه : حسين الريفي ، ثم زكريا ، ، ثم مروان لزين .
- بفضل الله لم
أحصل خلال مسيرتي في الملاعب إلا على إنذارين تكتيكيين ، ولم أتعرض للطرد أبداً
..كما أنني لم أحصل مقابل لعبي وتدريبي على قرش واحد ، رغم أن غيري حصلوا على
امتيازات مادية ووظيفية كثيرة ، وبقيت عصامياً أعمل في الصيانة بمصنع درابيه ،
وأكثر من ذلك ، فرغم أنّ فريقي كان يكسب عند تسجيلي للأهداف ، إلا أنني كنت
الخاسر الأكبر ، لأنّ الأمر يقتضي دفع حساب المشروبات الغازية لجميع اللاعبين .
- وفي مسيرتي مع
الأهلي الكثير من المحطات الخالدة ، لعل في مقدمتها النتائج الجيدة ، التي
حققناها في البطولات ، وخاصة فوزنا ببطولة الدوري التصنيفي سنة 1983 ، وظهرونا
بشكل جيد في معظم البطولات التي لعبناها ، بفضل التشكيلة المتكاملة التي ضمها
الأهلي ، بقيادة المدرب الراحل سعيد الحسيني .
- وأذكر بفخر
كوني من نجوم العصر الذهبي للأهلي ، الذين جلبوا البطولات للنادي ،
ومنهم أمين الحتو ، وجلال سكيك ، وناجي ، وسامي وجمال عجور ، وزهير وهبه
، ورجب أبو غليون ، وجمال عياد ، وابراهيم ابو خوصة ، وزياد الطيف ، وبسام شحيبر ،
ومصطفى نجم ، وجمال أبو سليم ، وخالد الهبيل ، وجبر حميد ، وتوفيق الهندي ، والمرحوم
عبد السلفيتي .
- ولا أنسى
مشاركتي مع الأهلي في دورة الصيفية بالإسكندرية سنة 1987 ، حيث لعبنا مباريات قوية
، واستفدنا من الاحتكاك الدولي مع أفضل الأندية .. كما لا أنسى مشاركتي كلاعب
تعزيز مع الرياضي مرتين في بطولة الوحدات العربية ، وفي البطولة الأولى أوصى مدرب
القادسية الكويتي – البرازيلي - بالتعاقد معي ، كما أنّ الوحدات والبقعة أبديا
رغبة في التعاقد معي ، ولكني فضلت البقاء في غزة ، لأنّ وضعي المالي كان جيداً .
- كما لا أنسى
ذكريات ديربي غزة الكبير بين الأهلي ، والرياضي ، يوم كان الشارع الرياضي الغزي
يعيش على وقع الحدث قبل المباراة بشهرين ، وتبقى تداعياته لشهرين آخرين ، وكان
الجمهور المتحمس يلهب الاجواء
، وقد شاركت في
لقاءين مع الرياضي ، وسجلت فيهما هدفين ، كما تشرفت باللعب مع النجم الكبير أبو
السباع في اعتزال النجم عيسى كرسوع .
- وبعد اعتزالي
اللعب كانت لي تجربة تدريبية ، فأشرفت على العارضة الفنية للأهلي لمدة سنة أيام
رئيس النادي المرحوم موسى عرفات ، ثم كانت لي تجربة امتدت لعشر سنوات مع نادي
الجلاء ، وبفضل الله نجحت في وضع الجلاء على السكة الصحيحة ، ورفعته إلى أعلى
المراتب ، وساهمت في بروز عدد من نجومه ، من أمثال بلال الزيتونة ، وياسر الغول ،
ومؤمن المدهون ، وخضر الجيش .
- بصراحة انا
شخصياً فخور بالإعلام الرياضي الفلسطيني ، الذي يحاول أن يثبت ذاته ، ويساهم في
نجاح مشاريعنا الرياضية ، وأعتز باهتمام الإعلاميين بي ، حيث تمّ تصوير شريط خاص
بقصتي في الملاعب ، وفضلت من خلاله التركيز على اللاعبين ، لا عليّ شخصياً .
- من صغري أنا
معجي بالنجم الكبير ناجي عجور ، وهو النجم الذي كنت أتمنى الوصول إلى مستواه ، كما
انني كنت معجباً بالمدافع فريد عثمان ، وبنجم الأهلي السابق ماهر همام ، والمدافع
الايطالي السابق كابريني .
- وبدون شك فإن
النجم سليم الزناتي من أفضل المدافعين ، الذين ظهروا في ملاعبنا ، فكل التحية له ،
فقد كان نجماً تمنيت الوصول إلى مستواه ، والأمر نفسه ينجر على نجم نجوم الدفاع
زكريا مهدي صاحب الرأس الذهبية ، الذي تعلمنا منه الكثير ، مثله مثل مدافع مركز
طولكرم في الزمن الجميل محمود عايش ، اللاعب الحريف ، الذي يمتاز بقدراته الفنية
وأخلاقه العالية .
- ولا أنسى هنا
دور المدرب الكبير المرحوم سعيد الحسيني ، الذي كان له الفضل – بعد الله
– في تألقي ، وبصراحة لن يأتي مدرب مثله ، ولكن مع الأسف فإنّه لم يأخذ حقه كما
ينبغي .
- أنا متأسف على
الوضعية ، التي وصل لها كبيرا غزة ، الأهلي والرياضي ، وبدون مجاملة سبب هذا
الانحدار سوء التسيير والإدارة ، لأنّ الفريقين غنيان بالنجوم ، وكلي أمل ان يعود
الرياضي والأهلي كما كانا واجهة لكرة القدم الغزية .
أخيراً أترحم على روح ابني اللاعب جمال الريفي
، النجم الذي لعب معي منذ كان عمره 8 سنوات ، ثم توفي وعمره 24 سنة ، رحمه الله
وأسكنه فسيح جناته .